جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 02:39 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أسماء علاء الدين تكتب : شبق

أسماء علاء الدين
أسماء علاء الدين

"الولع".. لقد أخبرتني صديقتي كل هذا الكم من الهوس بزميلها في الجامعة، والذي يعشق الفتيات بشكل عام والجميلات بشكل خاص، تحدثت إليّ وهي تبكي مرار تجاهله وأنها لن تستطيع لفت انتباهه لأنها ببساطة ليست جميلة، أصابتني الحيرة وهي تحكي لعدة أسباب، أولهما كنت أتساءل ما هو الشعور الذي يدفعها أن تبكي من شخص لا يعرفها ولا تعرفه بل بالعكس-على حد روايتها- هو لا يراها على الإطلاق! أهي تبكيه أم تبكي نقصها؟

وعدم استطاعتها الحصول عليه؟ وأيضًا كان يقتحمني سؤال عني، لماذا لم أشعر يومًا بهذا الشعور أو أتحدث مع الآخرين كأن نهاية الحياة في تجاهل شاب وامتلاك الحياة في لفت انتباهه؟،

أنصت إليها كما لو كانت أستاذة جامعية تشرح دارسًا مهمًا، وعندما انتهت طلبت مساعدتي، وأن أدلها كيف تجذبه ولم تطلب مني كيف تكف عن هذا !! طلبت منها أن تنتظرني بعض الوقت وسأقترح عليها الحل الأمثل أو كما قلت -هجبلك الخلاصة - تمتمت على أمل، بينما أنا جلست أفكر، لم يحدث أبدًا أن انتابتني هذه المشاعر، بأشخاص أو أشياء أو أماكن، أماكن؟ هنا تذكرت: في السابعة من عمري كنا نعيش في الإسكندرية كان منزلنا قريب من شاطىء البحر، وكنت أذهب في الصيف، وقت الظهيرة تحديدًا إلى المسجد لحفظ -كتاب الله-

كما يقول والدي، وكان يدفعني للذهاب هناك -المصروف- الذي يعطيه لي قبل أن أخرج من البيت، أحببت منال- زميلتي بالمدرسة- حبًا شديدًا، كنت أراقبها وأفعل مثلها تمامًا، كما لو كنت هي، ولعت بطريقتها ولبسها وضحكتها وأيضًا هروبها المتكرر من -الشيخ متولي- إلى البحر، أحضرت يومًا، جردل ومعلقة بلاستيكية وطلبت مني مليء الجردل بالماء من البحر فعلت وجلسنا على الشاطيء نلعب في الرمال، وعند عودتي للمنزل كان أبي وأمي منزعجين بدا عليهما الغضب أو هكذا ظننت، خشيت أنهما علما أني لم أذهب اليوم للشيخ متولي، ولكن أبي أخبرني أننا سنغادر اسكندرية اليوم!

حاولت أن استوعب ماذا يعني أن نترك حياتنا ونذهب إلى حياة أخرى؟ ولكن لم يجيب أبي إلا "جدك تعبان ومحتاج نبقى جنبه ف البلد وأنا سبت الشغل" برغم عدم استيعابي، إلا أني سألته؛ ومنال ؟؟ فكان صوت أمي وهي تربت على ظهري " هتصاحبي غيرها هو العالم هيخلص من الناس!!" بعد عدة سنوات هضمت هذه الحكمة جيدًا، لم تكن جملة عابرة أبدًا، مرت على قلبي كمصل، أكسبني مناعة ضد التعلق بشكل عام والولع بشكل خاص، لأن ببساطة الحياة لن تخلو، أمتن لذاك اليوم ولتلك المنال التي طلبت مني مليء الجردل لأني حينها كنت أفكر ماذا لو نفدت مياة البحر ؟ والآن عرفت الإجابة، أنها لن تنفد وإضافة لحكمة أمي أيقنت "أن لا الناس هتخلص ولا البحر هيفضى" .

وهنا تحدثت إلى صديقتي وأخبرتها بجملة مشوقة، "لقيت لك الحل"، تهللت فرحًا وبدت كمهوسة تسألني، ماذا؟ أي لبس يلفت انتباهه؟ أقص شعري، ماذا أفعل؟ تكلمي؟ أضع البرفيوم الخاص بمنيرة؟ أم أهدي إليه كتابًا عن الحب؟ أم أفعل كما لو كنت ش... قاطعتها وتحدثت في هدوء: -الحل في أن تغادري الجامعة لجامعة أخرى، وهنا تعالت ضحكاتها الساخرة واختفت دموعها: " انتي مجنونة هغير جامعتي كلها عشان واحد " أعتقد أنها بعد سنوات ستدرك القيمة في جملتها العفوية.