جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 03:39 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عبدالله غمره يكتب: البلاهه الفكرية

فى ظل أزمة ڤيرس كورونا العالمى يخرج لنا هذا النوع من البلاهه الفكرية بعبائة دينية وكلمات براقة وشعارات مزيفة يقصدون إثاره العامة والبلبلة لاعبين على الوتر الدينى الحساس ويعبرون عن مدى حزنهم الكبير لفقدانهم التجمعات والصلوات .. بل ويدعون إلى مخالفه ذلك الحظر بالتجمعات للصلاة والدعاء ففي هذا التصرف الغير مسئول مخالفة صريحة للدين فى القرآن والسنة النبوية و القواعد الفقهية فقال تعالي في كتابه العزيز (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة ١٩٥]

وفى السنة النبوية يقول عليه الصلاة والسلام: (الطاعون بقية رجز أُرسل على طائفة من بني إسرائيل، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فراراً منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) [رواه البخاري ومسلم].

وانظروا معي إلى هذه الوصفة النبوية الرائعة، وهي ما يسميه العلماء الأن بالحجر الصحي. أما فى القواعد الفقهية الصريحة ١-الضرورات تبيح المحظورات ٢-درء المفاسد مقدم على جلب المنافع وفى هذه الأدلة .. دلالات واضحة لأولي الألباب للتدبر والتأمل فى أن الإسلام يأمر بحفظ النفس البشرية ، ويتجلى الحفاظ على النفس البشرية في الإسلام في الحفاظ على ذاته الإنسانية ومقوماتها ، وتشريع الأحكام التي تكفل تحقيق الذات الإنسانية من ناحية وتحصيل المقومات الضرورية لذلك سواءً كانت هذه الأحكام خاصةً بالفرد أم كانت هذه الأحكام عامةً في المجتمع كله .

ثم يتساءلون لماذا لا تٌقام إجرآات إحترازية مع إستمرار تلك العبادات مثلما فعلت بعض الدول الإسلامية ذلك ... لأنه عند الصلاة إجتاح الوباء عدداً من المصليين رغم الإجراءات الإحترازية وهذا يدل .. على أن الفيروس سريع الانتشار والدواء الوحيد هو الحجر المنزلى ... وأخروون يدعون الناس للنزول والدعاء بأعلى أصواتهم وكأنهم يتناسون قولة تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [البقرة١٨٦] فإن سبب نزول الآية كما رواه ابن أبي حاتم والطبري في تفسيريهما: أن أعرابياً قال: يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي، فأنزل الله: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ... صلوات وسلاماً لله عليك يارسول الله يا شفيع الأمة ... فذلك النوع من البلاهة الفكرية يمارسه بعض الناس تلقائيا بدون وعى وإدراك أو تفكير ظناً بأنه يدافع عن دين الله وفى هؤلاء قال الله تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)[الكهف١٠٣-١٠٤] وايضا قال ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة ٢٠٤-٢٠٦]

وهذا فساد فى الأرض وضررا للأنسانية جمعاء وفى هذا أعلنت المؤسسات الدينية مثل الأزهر والأوقاف وهيئة كبار العلماء الى ان دعوة الناس للتجمع من أجل الصلاة والدُّعاء والإستغفار رغم وجود الضرر المتحقق إعتداء على شريعة الله والمطلوب شرعًاً دُعاء الناسُ ربهم في بيوتهم متضرعين متذللين سائلين الله تعالى العافية ورفع هذا الوباء، وكشف البلاء عنهم وعن الجميع.