جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:19 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

د . عاطف مرسي يكتب: الأمن الصحي أولا

د . عاطف مرسي أستاذ جراحة العظام عميد كلية الطب جا
د . عاطف مرسي أستاذ جراحة العظام عميد كلية الطب جا

اظهرت أزمة وباء فيرس كورونا المشكله التى يعانى منها العالم كله اليوم شماله وجنوبه وشرقه وغربه وهى تراجع مفهوم الأمن الصحى فى اولويات الدول والحكومات واصبح الأهتمام بالاطباء والقطاع الصحى عموما متأخرا كثيرا عن الاهتمامات بقضايا اخرى كثيره وصار مفهوم الأمن الاقتصادى والأمن العسكرى مقدما على كل المفاهيم واصبح التنافس المحموم بين الدول فى هذه المجالات هو الشغل الشاغل للخكومات ومجال للمباهاه او الازدراء فيما بينها.

اتجهت جل الاستثمارات الى التسليح العسكرى وبناء الجيوش وإلى الكيانات الاقتصاديه الكبيره والشركات العابره للقارات وتصدر رجال المال والأعمال المشهد فى كافة الدول وتمتع القاده العسكريون بمركز اجتماعى ومالى مرموق بينما تراجع الاستثمار فى البحث العلمى والخدمه الصحيه ولم تنتبه الدول إلى اهميه مايسمى الأمن الصحى إلا مع حدوث هذه الجائحه واكتشفت مؤخرا انها تنتج سلاحا وتصنع سيارات وطائرات وغواصات لاتستعملها حتى يصيبها الصدأ وهى تعانى من نقص شديد فى اجهزة التنفس الصناعى وحتى أبسط الأشياء مثل الكمامات الورقيه وغلاف الوجه لحماية مقدمى الخدمه الصحيه من الاصابه بالعدوى وصار وباء فيروسى أشد خطرا على البشريه من كل ماتخيل القاده والساسه ،هذا الفيروس الذى لاينفع معه قنابل نوويه ولاغواصات ولايفيد معه إن تملك مالا كثيرا وليس لديك كمامه لاتساوى أكثر من خمسة جنيهات.

إن تراجع مفهوم الأمن الصحى أدى إلى ضعف الإستثمار فى المجال الصحى وضعف موازنة البحث العلمى المتعلق بالصحه حتى فى أكثر البلاد تقدما ورشدا وكذلك ادى إلى استبعاد الفكر الوقائي من منظومة تنظيم المدن وتصميم المساكن وكيفية بنائها حتى اصبحت فكره التباعد الإجتماعى بمفهومه الصحيح غير قابله للتطبيق فى اغلب المدن والبنايات المتكدسه بسكانها واذا كان الأمن الاقتصادى والأمن العسكرى هو لحماية الدول وحدودها فإن الأمن الصحى هو لحماية الإنسان نفسه صاحب الفضل في بناء الدول.

فما نفعى بموازنه رهيبه فى البنوك لاتجد ماتشتريه من المستلزمات الصحيه والادويه وماذا يجدى امتلاكى لاسلحه متقدمه ولا أجد جهاز تنفس صناعى فى المستشفى لإنقاذ حياة الإنسان صاحب الفضل في صنع الحضاره والحياه نفسها .

وكيف تستفيد الدول من حماية حدودها وهى لاتستطيع منع فيروس من الدخول إلى هواءها ليصيب ويقتل عدد معتبر من شعوبها وربما يدمر اقتصادها ؟ حان وقت العوده لمفهوم الأمن الصحى أولا قبل كل شئ فإن أمن حياة الإنسان نفسه هو الذى يضمن الأمن الاقتصادى والأمن العسكرى وهما من الاهميه بمكان ولذا يجب على الإنسانية تدارك الأمر وإعادة ترتيب أولوياتها التى اختلت نتيجة التنافس الرهيب بين الحكومات والشركات حتى نسي الإنسان نفسه وصحته علينا رد الاعتبار للعلم والعلماء وفى مقدمتهم علماء الطب الوقائي والصحه وعلى العالم كله زيادة الإستثمار فى البحوث الطبيه والعلاجيه وتجهيز المستشفيات على أعلى معايير الكفاءه والجوده ذلك هو الإستثمار ذلك هو الإستثمار.