جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 03:33 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حسام الشريف يكتب.. انهيار الأخلاق.. إلى أين !

حسام الشريف
حسام الشريف

خلال السنوات الأخيرة تغير المجتمع المصري كغيره من المجتمعات الأخرى وأصبح كثيرا من الناس وخاصة آبائنا وأمهاتنا يترحمون علي الزمن الجميل الذي مضي بلا عودة، أيام كانت بحلوها ومرها ولكن بالطبع كانت اياما بكرا تسود فيها قيم التعاون والاحترام والتكافل بين الناس وأشياء أخري جميلة أقلها إحترام الصغير للكبير فالابناء يحترمون الآباء وينحنون احتراما للمعلمين وكبار السن، وكنا نسمع عن شهامة ابن بلد كانوا يقولون عليه "ابن البلد ولد جدع" يساعد المحتاج ويهم بمعاونة الناس دون طلب ويترفع ابن البلد عن الشماته والحسد والحقد وكراهية الناس والسؤال الان الذي يطرح نفسه اين هو ابن البلد وبنت البلد وست البلد؟ اين ذهبوا ؟واين هو عصر الرجال اين ذهب الرجال؟.

من لا يصدق هذا الكلام فلينظر حوله ويبكي علي حالنا أولادنا وبناتنا وأخواتنا وغالبية الناس في الشارع والبيت والعمل والمدرسة الكل أصبح يضايق الكل الشباب فقد معاني كثيرة اقلها معني الرجولة والشهامة والحياء والذوق لماذا حدث كل هذا وطبعا ودون تعميم قليل هم الذين نصادفهم في حياتنا وكانهم أصبحوا عملة نادرة وهم الاستثناء عدد قليل يعد علي أصابع اليد الواحدة اما الباقي فحدث ولاحرج من أمور التحرش والشجار وتبادل الألفاظ المخجلة وشرب المخدرات وتعاطي الحبوب والمنشطات،معظم الشباب وهم عدة المستقبل وأساس بناء الدول مستهترون وغير جادين ولا يتحملون حتي مسئولية أنفسهم كما تحملها آبائهم في الأجيال الماضية تخيل اننا في حالة حرب مثل تلك التي خاضها آبائنا واجدادنا لحماية الارض والعرض ماذا يفعل هولاء الشباب هل يمكن ان يتحملوا مسؤولية وطن هل يقدرون انني اشك في ذلك الا ما ندر. اين الخلل هل العيب في التربية والاسرة ام العيب في نظام التعليم والمدرسة والغاء الضرب والعقاب وترك الحبل على الغارب حكي لي جار فى سن والدى انهم كانوا يقرأون ويتعلمون من كل شيء وعندما كانوا يصلون لسن البلوغ يعاملون كرجال ويتحملون كامل المسؤولية ويبحثون لأنفسهم عن دور هام ومؤثر داخل المجتمع،كنت تجد الجدية والرجولة في أعين الرجال من الشباب الصغار.

أن أزمة الأخلاق أشد خطورة علي المجتمع من كل الأزمات لان الأخلاق هي أساس بناء الدول والشعوب، وكلنا يعرف بيت الشعر الشهير الذي يقول انما الأمم الخلاق ما بقيت فان همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا،"وينشا ناشيء الفتيان دوما علي ما كان عوده ابوه " فكل اب وكل ام مسؤل عن تربية اولادة وتعليمهم مباديء الأخلاق وكيفية معاملة الناس واحترامهم أصبحنا الآن نسمع أصناف من الشباب وهم يوجهونا كلامهم إلى كبار السن بقولهم "ايه ياعم وعايز ايه يا حجوج وكبر يا عم وسيبك وأمور الروشننة والتخليص" حتي ان الطالب ينادي استاذه في الفصل "عايز ايه فيه ايه" وينادي استاذة في الجامعة بكلمة" ياريس بدلا من حضرتك وسيادتك"، وحكي لي أحد الأباء وهو رجل فاضل ومثقف أنه عندما يتحدث مع ابنه في بعض الامور يتركه وهو يغادر بسرعة الي خارج البيت وهو يقول له "يابا اطلع من دماغي مش فاضي لحوراتك اللي مش بتخلص" واخر يقول لامه التي ترهق نفسها طوال ساعات الليل والنهار لتحقيق راحته هو وإخوته وهو يقول لها"انا عايز اعرف انت لازمتك ايه في الحياة وانتوا جيل مضي وانقضي".

وبعد ذلك لا نجد ما نقول الا كان الله في عون الاباء والامهات واعانهم علي التعامل وتربية هذه الاجيال التي فقدت الهوية وقيمة الإحترام والتعامل،فلم يعد احدا من أبنائنا في معظمهم يؤمن بما نقول ولم يعد أحد يصدق ما يري وما يسمع ولا يعرف سوي ما يمليه علية عقلة وشيطانه وصحبة السوء. هل يبقي الحال علي ما هو عليه هل سنظل نتفرج علي مانري ومانسمع من هذه الاجيال غير المسؤلة كل المؤشرات تؤكد اننا كمجتمع غير قادرين علي فعل شيء للخروج من هذه الأزمة الأخلاقية التي تنذر بتهديد كيان الأمة وضياع أحلامها ومستقبلها... ربما يتبقي لنا طريق واحد أو حل واحد وهذا الحل ينطلق أساسه من البيت والمدرسة ودور العبادة المسجد والكنيسة في حملة مستمرة ومنظمة وفاعلة لعودة أدب المعاملات إلي حياتنا "فالدين المعاملة" والاعلام يتحمل بكل انواعة واشكالة مسئولية الترويج والدعاية لهذه الحملة وتنظيم المؤتمرات والندوات لمخاطبة الاجيال الشابة ودعوتهم للمعرفة والثقافة والتعلم والدعوة لعودة القراءة فبقدر ما تقرا فانت متحضر وبقدر ما يكون التزامنا الديني بقدر ما يكون التزامنا الاخلاقي ويبقي شيء اخير اهم من كل هذا وهو تفعيل اسلوب العقاب الرادع وتعديل القوانين وتشديد العقوبات علي كل من تسول له نفسة تهديد ثوابت المجتمع وانتهاك مباديء الخلاق.

الامر يتطلب تطبيق القانون بكل حسم كما حدث في فترة حكم الرئيس السادات خلال السبعينات عندما اصدر قانونا لكل من يتجرأ ويخاطب الناس بلغة غير لائقة أو تخرج عن سياق الأدب وسمي وقتها هذا القانون "بقانون العيب " اننا بحق في حاجة ماسة وضرورية لعودة مثل هذه القوانين فان الله يردع بالسلطان ما لا يردع بالقران ومن امن العقاب اساء الأدب. كلام كثير لا ينتهي يمكن أن نتحدث به عن أزمة الأخلاق التي نعيشها الآن وتنخر في عظام المجتمع حتي تكاد تسقطه ارضا فماذا بحق السماء تبقي لنا هل الحال سيظل هكذا والجواب ليته يظل ولكن ربما يكون الأسوأ هو القادم حيث تكاد منظومة القيم الاجتماعية تنتهي وتتواري ويتم دفنها تحت أقدام المستهترين واحذية اللامبالين ويظن البعض منهم أن كل شيء يمكن شراءه بالمال وكل شيء يخضع للبيع والشراء وكل شيء له ثمن ونسي أولائك وهولاء أن هناك أشياء لاتشتري بالمال وأن حسن الخلوق هو الكنز الحقيقي وقد خاطب الله نبيه في القران الكريم قائلا له "وانك لعلي خلق عظيم" والرسول نفسه صل الله عليه وسلم يقول "أدَّبني ربي فأحسن تأديبي" ويقول" اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا".

أنها وقفة مع النفس نحن أشد ما نكون حاجة اليها هذه الأيام حتي لا يفلت منا زمام الأمور ونحن ندفن رؤسنا في الرمال ثم نعود بعدها ونبكي علي اللبن المسكوب فهل نحن فاعلون ام نظل صامتين ولسان حالنا يقول كان زمان وليس في الامكان افضل مما كان.