جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 01:47 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

دينا الشافعي تكتب : الشيطان يَؤم المصلين

دينا الشافعي
دينا الشافعي

وُلِدَ طفلاً جميلاً أبيضُ البشرة بحمرةًخدٍ كثمرة ناضجةٍ حان قِطافها وكان قرة عين والديه فقد أستقبلته دنياه بأمٍ حنون و أبٍ قويٍ وثلاث أخوات ودودات وفرحة عائلة كبيرة إذ هو الحفيد الذكر الأول للأبن الأكبر و الأبنة الكبرى نما في حديقة غناء بحب جدوده وجداته و أخواله وعماته حتى صار في السابعة من عمره وبدأ والده في تعليمه الصلاة و إمداده ببعض تعاليم الدين على قدر فهمه واستيعابه وسمع من والده عن الشياطين الجن منهم والأنس ولكن وعيه الأخضر العود ما استطاع أن يحمل ثقل كيف لبشر مثله أن يكون شيطاناً. في ذالك العام قرر والده أن تقضي الأسرة العيد هذا العام في قريتهم وسط الأحباب من العائلة وجو الريف الدافئ بالمحبة وهوائه النقي الرطب برائحة زهور أشجار البرتقال والممزوج برائحة النعناع البلدي في أكواب شاي العصاري وأصوات الطيور مع انبثاق أول أضواء النهار عندما وصلوا قرية والدتهم أودعهم والدهم بيت جدهم وانصرف إلي قريته المجاورة ليقضي بعض من الوقت مع عائلته . ملئ الصبي بيت جده لهواً وضحكاً وبهجة و أغدق الصبي على الجميع من الحب والقبلات الحلوة الصغيرة كحبات الؤلؤ المتناثرة من قرص البدر المكتمل الذي هو وجهه ولمسات حانيه من كفيه البضين الصغيرين و أقترح خاله على والدته إصطحابه معه إلي المسجد الصغير بالقرية والذي كان يؤم به البمصلين احياناً عندما يغيب عنه إمام الأوقاف بعد أن أنهى ثانويته الأزهرية فرحبت الأم وذهب الصغير المتيم بخاله راضياً مستبشراً إلي صلاة العشاء ذلك اليوم اللأسود سواد آخر أيام الشهر العربي , و ما إن أنتهت الصلاة وسلم المصليين وحيُّوا الإمام منصرفين وأطفأت أنواره وغلقت الأبواب وذهبا لقضاء الحاجة حيث أن الطريق إلي المنزل طويلاً وفي جنح العتمة ارتمى الصغير خائفاً بين ذراعي الكبير راجياً الآمان فأحس به يداعبه بحميمية لم يتعودها ويتحسس جسده بيديه ثم مالبث أن صار كشيطان لم يره من قبل ولم يخطر على باله فهم لحظتها كيف لبشر أن يكون من الأبالسة وبعد أن تلقى وابل من التهديد والوعيد ظل باكياً طوال الليل والليالي اللاحقة وقد ظن الجميع أنه لابد محسود أو ملبوس وصمت الصغير وتلاشت الضحكات وأصفر الوجه الأبيض المتشرب بالحمرة وهزل الجسد وتكررت زيارات الأطباء والشيوخ ومرت السنوات بين المدينة والقرية إلي أن أتم الصبي الثالثة عشر وقوي بدنه وكان قد أقلع نهائياً عن الصلاة والذهاب إلي المساجد وعندما عاتبه والده وضغط عليه لينصاع الي الهداية أنفجر وأخرج ما كان جاثياَ على صدره أعواماً طوال , ثار الوالد ثورة عارمة و استل سلاحه وذهب الأي بيت حماه و"لق رصاصة على الشيطان إلا أن إرادة الله أبت أن تطهره من الذنب وتكتم الأهل على الحادث خوفاً من الفضائح وإساءة سمعة العائلتين ولم تطأ أقدام أسرة الصبي القرية بعدها وكذلك أقدامه التي أصبحت كبيرة الآن بعمر الرابعه والعشرون لم تطأ مسجداً ولم يعرف له بعدهاً رباً ولا آمن لبشر وبعد وفاة والده راح في طريق من دخان ونار وكل ماشأنه أن يذهب بالعقل علَّهُ ينسى أو يفنى.