جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 12:57 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عبدالرحيم أبوالمكارم حماد يكتب: حادثة جورج فلوريد النعش الأخير لحكم دونالد ترامب الهش

عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
عبدالرحيم أبوالمكارم حماد

عبارة "لا أستطيع التنفس" وما نتج عنها الاحتجاجات الشعبية والتنديدات والتكهنات الغاضبة من وحشية الشرطة والأنظمة الامريكية تجاة السود لعقود من الزمن، انتشرت الاحتجاجات والاحتقان بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق منذ عدة أيام ، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة، ثماني دقائق وست ثوان كانت هي المدة التي استغرقها الضابط ديريك تشوفين ليزهق روح المواطن الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد..

هذه الدقائق كانت كافية تماماً لتنقلب أمريكا رأساً على عقب ، ويرى العالم مشاهد لم يكن يتصور أن يرى مثلها في أحد أكبر معاقل الديمقراطية،وراعاة حقوق الإنسان والتي اتضحت أنها أكذوبة شعارات وملصقات زائفة ، حادثة المواطن الأمريكي وبشاعة الإساءات والتجاوزات والإنتهاكات والتنكيل بحقوق السود في أمريكا ، وقِصَرُ تلك الدقائق التي استغرقتها حياة فلويد لتزهق، وضخامة الأحداث التي وقعت بعدها تؤكد على أمر واحد وهو وجود احتقان داخلي كبير تراكم على مدى عقود طويلة، يغذيه يمين متطرف ونظام عدالة لا يكفي لإحداث الردع الشامل عن ارتكاب جرائم العنصرية.

هذا الاحتقان الداخلي والمتراكم على مدار الأعوام السابقة اضطرنا إلى الإشارة إلى الحادث المأساوي سلفا حادث مقتل المسعفة الأمريكية السمراء بريانا تيلور بثمان رصاصات في منزلها في شهر مارس إثر اقتحام أمني خاطئ لمنزلها ، تلاه حادث مقتل الشاب الأسمر أحمد اربيري الذي قتله عنصري أبيض ووالده فيما كان أحمد يمارس رياضة الجري. هذا الظرف الأخير وتلك الأحداث السابقة ومايعانية فئات من المجتمع الأمريكي يهدد الوحدة الوطنية، ويستثير الغرائز الدفينة، ويـُسـَعـِّـر التفرقة العرقية ،ويعجل بنظام دونالد ترامب الهش بل بتفكك الولايات المتحدة الأمريكية كلها مثل الإتحادالسوفيتي حصيلة الاحتجاجات الأمريكية موتى ومصابين ومستوفقين بالآلاف كما انتشر الحرس الوطني في بعض المدن وفرض حظر تجوال في مدن أخرى لليلة أو ليلتين فقط، وتم استدعاء الحرس الوطني في واشنطن العاصمة بالكامل للمساعدة في السيطرة على الاحتجاجات تخلل الاحتجاجات المتصاعدة جانب من العنف والسرقة والاعتداءات، اتهم ترامب حركة أنتيفا ANTIFA اليسارية بالضلوع في القيام بها وتحريض الناس على ارتكاب مثل هذه الجرائم موجها الاتهامات إليها ـ وإلى "اليسار الراديكالي" ـ بــ" إثارة الفتن والوقوف خلف حركة الاحتجاجات"، ومهدداً بتصنيف الحركة المناهضة للفاشية كــ"منظمة إرهابية فتحت حادثة وفاة جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة ضابط أمريكي أبيض لديه سجل حافل من الاتهامات بالعنصرية.

لاسيما أن الواقعة التي تم تصويرها بالفيديو وشاهدها العالم لتضعف كثيراً حجة (القتل دفاعاً عن النفس) التي غالباً ما ساهمت في إفلات ضباط عنصريين من تهم بالقتل ولينفجر برميل بارود عمره لا يقل عن 200 عام. أصبح ترامب كالأسد الجريح، فكل ما كان يستند إليه لتحقيق انتصاره في الإنتخابات المقبلة بدا وكأنه يذهب أدراج الرياح أمام ناظريه والشارع مشتعل والاتهامات تكال له ليلاً ونهاراً في كل مكان، الأمر الذي دفعه لاتخاذ إجراءات والتصريح بكلمات ربما يندم عليها كثيراً فيما بعد، موجها سيلاً من الاتهامات بالفشل والتقصير للحكام الديمقراطيين للولايات ومحملا إياهم تبعات الفشل في مواجهة كورونا أو قمع الإحتجاجات بالقوة، وملوحاً بأنه سيتجاوزهم ويفرض القانون والأمن بقوة الجيش عبرت حادثة جورج فلوريد عن العنصرية والتميز العنصري داخل المجتمع الأمريكي من خلال المضايقات ،والاساءات المتكررة ،والتجاوزات ، والاغتيالات والاعتقالات، عبرت أيضا عن تصفية و تجريح أشخاص معينين وإهمالهم وسد الطرق أمامهم، وإشعارهم بعدم الرغبة في وجودهم ، مما يسبب لهم الألم النفسي وإهانة كرامتهم وعدم مكانتهم ، والحقيقة تقال أن العنصريّة موجودة في الولايات المتّحدة منذ الحقبة الاستعمارية، فقد أُعطي الأمريكيّون البيض إمتيازاتاً وحقوقاً انحصرت بهم فقط دوناً عن كلّ الأعراق الأخرى، مُنح الأمريكيون الأوروبيّون (خاصّة البروتستانت الأنجلوسكسونيون البيض الأغنياء) إمتيازاتا حصريّة في مسائل التّعليم والهجرة وحقوق التّصويت والمواطنة وحيازة الأراضي والإجراءات الجنائيّة طوال التّاريخ الأمريكي، إن الاضطهاد اللوني في الولايات المتحدة الأمريكية موجه إلى كل من هو غير أبيض البشرة قوقازي التقاطيع، وبعبارة أخرى: موجه ضد الزنوج والمغول (الآسيويين المهاجرين حديثًا من الصين واليابان) والأمريند، وموجه أيضا أحيانًا ضد سلالة الإسبان. وبرغم هذه العمومية إلا أننا نجد أن الاضطهاد اللوني موجه توجيهًا مركزًا ضد الزنوج، وذلك لأسباب كثيرة على رأسها أن الزنوج الأمريكيين يكونون أقلية عددية ضخمة قد تصل إلى حوالي ٢٥ مليون شخص ، بينما غيرهم من المغول لا يكونون سوى أقليات قليلة العدد.

وإلى جانب ذلك فإن زنوج أمريكا منتشرون في كل مكان من الولايات المتحدة … برغم تركزهم الكبير في الجنوب والجنوب الشرقي.

والحقيقة أيضا نؤكدها للمجتمع الدولي أنه لا يوجد سوى جنس بشري واحد. فنحن شعب واحد يسكن كوكباً واحداً نحن أسرة بشرية مرتبطة بمصير مشترك ومرهونة بأن "تكون كنفس واحدة".