جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 03:52 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

آية فايد تكتب :إلي من الناخب برنامجه الإنتخابي؟ جزء ثان

 آية فايد
آية فايد

كنا قد تطرقنا في الجزء الأول لما تنتظره الساحة السياسية المصرية من معارك إنتخابية قادمة ، وعما عصف بالناخبين علي مدار سنوات الوطني المنحل وأوضاعهم وأدوارهم في الدوائر الحزبية الإنتخابية ، وما تعرض له الناخب من قتل لأهميته ودوره في عجلة السياسة عهد الوطني المنحل حتي ترسخ فكرة أن المرشح يقدم برنامجه للحكومة الداعمة لفساد الوطني المنحل، حتي أيقنا أنه وإن كان هناك مواطنين يريدون من يمثلهم يجب أن يقدموا كناخبين برنامجهم الإنتخابي لحكومة المنحل. ولعل هنالك أقلية كانت تري أن المرشح في عهد فساد الوطني المنحل لم يكن بتقديم برنامجه للحكومة ، بل كان مجرد آداة للحكومة هي التي تختاره ويتم التعاقد بتبادل المصلحة ، أنت سيادة النائب ولك راتبٍ ثابت مقابل السمع والطاعة بالسلطة الممنوحة لك دستورياً ، بل وقد يتحكم المال السياسي في اختياره فإما هنالك من يشتري منصبه لتصبح تلك العلاقة التبادلية هي التغاضي عن كيفية تحقيق أرباحه الخاصة والتي تفوق ما دفعه لشراء الكرسي ، مقابل السمع والطاعة و(فيد واستفيد)! ومن خلال هذا المنطلق والتحليل الذي خرج إلي النور في أعقاب ثورة يناير ومحاولات وضع الدستور الذي شكلته الإرهابية ليخدم نواياها ، أصبح هذا التصور هو المُحرّك الرئيسي لمحاولة إستقطاب الناخبين. وجاءت ثورة الحرية والكرامة ، ثورة ٣٠ يونيو لتخرج علينا بعدة توجهات سياسية متمثلة في عدد من الأحزاب لا وجود لأفكار وتوجهات الأخوان المتأسلمين بينها ، لتهدأ الأصوات وتترقب التيار السياسي التالي ، وتتزاحم القوي الفكرية لفرض تصورها حول دستوراً يُرضي كافة الطوائف والقوي الثورية السياسية ، وسط دعم من القيادة السياسية العليا الحريصة علي إرساء مبادئ الديمقراطية ، كلبنة أولي في طريق الإستقرار وتحقيق مبادئ التنمية المستدامة ، ويأتي مجلساً للنواب ضارباً بتلك الأعراف التي رسخت لسنوات طويلة في عهد الوطني المنحل يعقبه عهد الأخوان الأسود ، حيث كان السباق الإنتخابي ولأول مرة يدور حول الناخب ، ويستهدف رضاء الناخب بدراسة احتياجاته ومتطلباته ووضع برامج إنتخابية تسعي لتحقيقها جنباً إلي جنب مع تحقيق أهداف الثورة التي كانت قد بدأت تحبو علي أرض الديمقراطية ، ولكن ، وبعد أن انتصرت مبادئ الثورة في إختيار مجلساً للنواب يضم ولأول مرة شباب ليسوا من ذوي رؤوس الأموال ، وداخلهم لهيب الثورة للخروج من عنق الزجاجة إلي ساحات الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني ، خرجت نفس الأفواه المتأصلة حول أفكار الوطني المنحل ولم تتخلص منها ، ببث الإحباط في نفوس الناخبين بإدعاء إستمرارية أفكار الوطني المنحل وأن ذوي السلطة لازال من الواجب رضائهم عن المرشح وأن يقدم لهم فروض الولاء والطاعة كذباً وإفتراءاً ، في حين أن ممتهني السياسة يعلموا تمام العلم أن لعبة السياسة الحالية لا سُلطان عليها، وأن المواطن أصبح مُحرك أساسي لها ، ولكن تُرك الناخب البعيد عن معترك السياسة بلا وعي أو تثقيف حول حقيقة الأوضاع. ولعل كلماتي تلك لن تُسمن ولا تُغني من جوع تلك الفئة التي استهدفها من الناخبين ، ولكن فلربما أن تكون الدافع القوي لتغيير صيغة الدعايا الإنتخابية في المعارك القادمة ، بل ويجب علي كافة القوي السياسية المحتمل وجودها في المعارك الإنتخابية القادمة أن تتحد لبدء تغيير وعي تلك الفئة من الناخبين ، خوفاً من عزوفهم عن المشاركة في العمليات الإنتخابية القادمة ، فقداً للأمل ، ظناً منهم أن العملية محسومة بموافقة الحكومة عن المرشح وليس لرأي المواطن أدني أهمية ، ففي الماضي كان ذلك واقعٌ مرير مقصود ، أما الآن يُشكل ذلك أزمة ديمقراطية في ظل دعم القيادة السياسية العليا للوعي والحياة الديمقراطية السليمة ، أو تعزيز أفكار محاربي الإستقرار الديمقراطي بمصر. سيدي المواطن ، كنت ناخباً أم لا ، يجب عليك أن تجدد مفهومك حول إجابة هذا السؤال .. ( إلي من يقدم الناخب برنامجه الإنتخابي) ، لتعلم أن علي البرنامج الإنتخابي أن يكون ذو حس وطني ، ولكن يجب أن تفهم أولاً أن الموافقة ليس لمضمون البرنامج ، ولكن لهيكليته ، فيجب علي كل من يتقدم أن يدعم دعائم الإستقرار والتنمية المستدامة التي قطعت فيها القيادة السياسية شوطاً كبيراً ، وأن يحافظ علي ما تم تحقيقه من إنجازات في كافة المجالات وبخاصة الإقتصادية والصحية والسياسية والتعليمية والديمقراطية .. الديمقراطية ، كما يجب أن تفهم عزيزي المواطن أن من يضع في برنامجه الإنتخابي ما من شأنه قلقله ما وصلنا إليه من إستقرار ، ما هو إلا عدوٌ لك ،لتفهم ما اختلف من معاني دعم الحكومة ودعم الفساد (كما كان في عهد الوطني المنحل). ووجب عليك عزيزي المواطن أن تستوعب أن الدور النيابي ليس بشرط تحقيق منفعة مباشرة لك ، بل إن تدعيم قواعد وتوجهات الدولة تصب في مصلحتك بطريق غير مباشر ، ولعل ما إلتمسناه من عيوب ببعض النواب الحاليين هو عدم توازنهم في تحقيق المنفعة المباشرة والغير مباشرة للمواطن ، وإقتصار دور البعض في مساعدة الحكومة في ترسيخ قواعد الإصلاحات في مختلف المجالات مما يعود علي المواطن بمنفعة غير مباشرة ، حتي ترسخ داخلك إنعدام الثقة في هذا الناخب مرة أخري ، وهذا مفهومٍ خاطئ ، وجب عليك عزيزي الناخب أن تعلم أن المجلس النيابي الحالي والذي سينتهي بعد بضعة أشهر ، كان مجلساً إستثنائياً ، في ظروف دولة مفككة بعد عهد الأخوان ، وكان مجلساً يقوم بدوره النيابي وكذلك التشريعي وعكف علي مساندة القيادة السياسية المُختارة لإصلاح ما خربه الإخوان ، والعمل سريعاً للإستعداد لكافة المؤامرات الخارجية التي تُحاك ضد مصر ، التي أُحيِطت بالخطر من كل جانب ، إسرائيل وداعميها شرقاً ، والدواعش غرباً ، ومؤامرة سد النهضة جنوباً ، وقطر وتركيا ومؤامراتهم الدنيئة ، يد تحارب ويد تبني ، ويجب عليك إدراك متغيرات الساحة السياسية السابقة لتستطيع أن تُطلق أحكامك علي هؤلاء النواب ، وألا يكون حكمك عليهم نابع من إرادتك في تحقيق منافع مباشرة لك. عزيزي الناخب ، أمامك الفرصة الآن لتسعي بنفسك لفهم الشك