” نهي جلال “تكتب : تَنَفَسني

أكتبُ لكَ رسالتي الأخيرة هذه، وأقول لكَ أننى لم أستأنس وحدتي.. ولم تعدُ الأرض خضراء .. ولا السماء زرقاء .. ولا الزهور حمراء وصفراء .. ولا الطيور حرة.. وكل الخيوط متشابكة، وكلها اهترت وصار صعب نسجها من جديد .. أقول لكَ، تنفسني فربما الندبة طابت.. تنفسني، لأننا عودنا غرباء ..

وتنفسني، لأن الخوف صار دخان .. تنفسني، لأن الموت لا يليق لمن أخذوا الحياة على محمل العشق.. وتنفسني، لأننى لم أعد طفلة الآن، ولأننى أتقنتُ فن إختيار العطر والفستان .. وتنفسني، حتى أقول لكَ كفى.. وتنفسني، لأن الروح ربما تسافر هاربة، باحثة، عن جسد جديد تسكن فيه وتعشقه .. تنفسني، حتى لا تفقد أجسادنا أرواحنا.. وتصير كل النداءات بلا جدوى.. تنفسني، حتى أقول لكَ أننى عودتُ للحياة..

وتنفسني حتى أراكَ وازداد منكَ قرباً.. تنفسني لننسج خيطً جديداً .. ولنصلح ثقب سفينتنا، ولنرفع شراعاً ونغادر سوياً، فأنا لا أجيد السفر وحدي .. تنفسني، حتى يتوقف ظلك عن مطاردتي .. وتنفسني إلى أن تقذفَ بداخلي أخر حبة من الأمل ..

وتنفسني حتى أقول لكَ كفى .. وداعاً حبيبي .. هذه الرسالة ضمن الرسائل التى لم تُرسل.. الرسائل تُقال والعين فى العين، والكف فى الكف، تُقال وقت اللقاء، تُقال مشافهةً ولا تُكتب ..