جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 03:32 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حنان فهمي تكتب : كارت دعوة

كانت فتاة اجتماعية، محبوبة من جميع صديقاتها، وكل من يعرفها. ذات شخصية قيادية وناصحة لكل من حولها. عاشت فترة المراهقة في هدوء، كانت ترى صديقاتها كيف يعشن مراهقتهن، هذه تحب للمرة الثالثة، وهذه تعشق ابن الجيران، والأخرى متيمة بمن هو في عمر أبيها، ولكنها لم تكن تؤمن بهذا الشيء الذي يدعى حبا، وكلما قالت لها صديقاتها عن معاناتهن مع أحبابهن تشفق عليهن.
كانت مولعة بالقراءة، تجلس بالساعات من غير ملل. تحب أن تشاهد القصص الرومانسية، لكنها لا تؤمن بالحب، تعشق القصص الخيالية، وتؤمن بالواقع فقط. تعشق الموسيقى الهادئة. وكان من ضمن هواياتها الغريبة قيادة السيارة في الطرق السريعة وفتح نوافذها وهي تستمع للأغاني أو القرآن الكريم، نعم فهي المتدينة جدا تستمع لأحاديث الشيخ الشعراوي وتختم المصحف وتسمع الأغاني وتحب الطرب، مرحة جدا وجريئة، وخجولة لدرجة ممكن عندما تخجل من أحد تبكي، لا تعترف بالحب، ولكنها كانت ترفض كل من يتقدمون لها بالطريقة التقليدية، شخصية تجمع الكثير من المتناقضات، تعيش حياة مرفهة جدا، وعند تحملها المسؤولية تصبح جديرة بها، وذات يوم كالعادة كانت تمارس هوايتها المفضلة، تجوب الشوارع بسيارتها، فيلمحها ذلك الشاب الوسيم جارها الذي يراقبها من فترة، صاحب السيارة الفارهة، فهي لم تلاحظ أبدا مراقبته لها، ولم تلمحه من قبل، رغم أنه كان حلم الكثير من الفتيات.
في هذا اليوم كان قد قرر أن يتحدث معها، وأن يكتشف سر هذه الشخصية التي لم يصادف مثلها، فقد كان يظن من أسلوبها وعدم تحدثها مع أحد أنها مغرورة.
بدأ يطاردها بسيارته، وهي تكره هذا الأسلوب وبشدة، وعندما يحدث هذا من أي شخص، كانت بارعة في الهروب منه، أو إيقافه عند حده، ولكن هذه المرة ظل يطاردها ولم ييأس، وفجأة توقف مدعيا أن سيارته تعطلت وطلب منها المساعدة، لا تعلم لماذا صدقته؟ وفعلا توقفت للمساعدة، ولم تعلم وقتها أنه يدعي ذلك، وأنها حيلة لكي يتعارفا، لتبدأ قصة كان لها أثر كبير في تغيير مجرى حياتها تماماً. ومنذ ذلك اليوم كانت عندما تذهب إلى أي مكان تجده أمامها، وعندما تتعجب من وجوده يدعي الصدفة، وأن القدر هو من يجمعهما، كانت تصدقه، فقد بدأ بالفعل يشغل تفكيرها، وهو بدأ يشعر بهذا، أحس بالانتصار لأنه لفت انتباه تلك الفتاة صعبة المنال، وقد بدأت بالفعل تنجذب إليه، ولكن اختلف الوضع في هذه المرة، بدأ الشاب فعلاً يحب هذه الفتاة بصدق، التي كلما التقى بها عن طريق الصدفة المزعومة منه وقام بالحديث معها وجد أنها إنسانة داخلها ملاك كما كان هو يصفها، ووجد فيها ما لم يجده في حياته، لقد وقع في غرامها بالفعل، وتمر الأيام وتستمر الصدف، وكل منهما يزداد تعلقاً بالآخر، حتى جاء اليوم الذي مرضت فيه مرضاً شديداً، وظلت بالفراش لمدة أسبوع وهو يتصل بها ويبحث عنها، ينتظر بالساعات تحت شرفة منزلها ولكنها اختفت، كاد يجن، فهو اعتاد أن يراها دائماً عندما تخرج، ويسير خلفها ليدعي الصدفة، وعندم بدأت بالشفاء ذهبت للنافذة لتبحث عنه، لكنها لم تجده فقد صادف في نفس الوقت تعطل هاتف المنزل ولم يستطع الوصول لها.
وقد أصبح يشغل تفكيرها كثيرا، ومع أول يوم تبدأ حياتها الطبيعية وتخرج من منزلها وجدته أمامها، وعندما حادثته، سألها: لماذا كل هذا الغياب؟ كدت أجن. قالت له: كنت مريضة.
وفاجأها بالسؤال: هل تحبينني؟ وهنا ضعفت للمرة الأولى في حياتها، ولكنها لم تقل أحبك، بل أجابت: نعم أفكر بك كثيرا، ولا أعلم لماذا أنت!! وهنا طار الشاب من الفرحة، فأخيراً استطاع أن يشغل عقلها ويأخذ منها أول اعتراف.
تودعه وتعود إلى منزلها، وهي في حالة صراع مع نفسها، فهي ترفض فكرة الحب، وتخاف منه، وتعتبره أشد أنواع الضعف، لتنهض من سريرها في منتصف الليل وتكتب هذه الرسالة بالحرف الواحد: (يعلم الله أني تعلقت بك، وأنك أول إنسان يدق له قلبي، وأني لم أر منك إلا كل طيب، ولكن تعلقي وحبي لله أكبر من أي مخلوق، وقد أمر الله ألا يكون هناك علاقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج، وأنا لا أريد عصيان أمر خالقي، ولا أرغب بخيانة ثقة أهلي بي، لذلك قررت أن أقول لك إن هذه الرسالة الأخيرة، وقد تعتقد أني لا أريدك، ولكن الله يشهد أني أكتب هذه الكلمات وقلبي حزين، ولكن ليكن أملنا بالله كبيرا، ولو أراد الله لجمعنا بالحلال، ولتعلم أننا تركنا بعضنا من أجل الله، وتذكر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال إن الذي ترك شيئا لوجه الله أبدله الله بما هو خير منه). كتبت الفتاة الرسالة، وذهبت إلى النافذة في الصباح لتجده كالعادة يقف لينتظرها وقامت بإلقائها له، وعادت لغرفتها تبكي ألما ووجعاً، ولكنها في نفس الوقت مقتنعة بأن ما فعلته هو الصواب بعينه.
مر أسبوع آخر لم تخرج للشرفة، خوفا من أن تضعف، وفي يوم سمعت جرس الباب يدق، وإذا بوالدتها تفتح الباب، سمعت صوتا يشبه صوته، من؟ من أتى؟ إنه هو. يا إلهي. لماذا جاء؟ وما هذه الجرأة؟ ذهبت لتتأكد، نعم إنه هو، يجلس مع والدتها، ليطلبها للزواج، كادت تسقط من الفرحة، فلم تكن تتوقع أن يفعل هذا، وبهذه السرعة. وكأي أم أجلت الموافقة إلى أن يحضر أهله من البلد، ويعدها أنه سيحضرهم في أقرب وقت، ولم تمر أيام حتى نفذ وعده وأحضر أهله وطلبوها للزواج ووافقت الأم، وفرحت كثيرا، وكان شعورها أنها ملكت من لم تستطع الكثير من الفتيات أن تمتلكه. ولكن يحدث ما لم يكن بالحسبان، في اليوم التالي يتصل بها والده، ويتحدث معها حديثا غريباً، يخبرها بأنه اضطر لأن يأتي خضوعاً لطلب ابنه، وأنه لا يرغب في أن يزوجه منها، لأن كبار التجار يزوجون أبناءهم للأقارب فقط، وهو لا بد أن يتزوج ابنة عمه، وطلب منها أن تبتعد عن ابنه. ولصغر سنها في هذا الوقت وخبراتها المحدودة، قصت ما حدث لحبيبها، وعلى عكس ما توقعت، فقد أربكه ما حدث، ليفاجئها باختفائه لفترة طويلة، كادت تجن، واعتقدت أنه قرر البعد من أجل أهله، ولكنه عاد وقام بالاتصال بها، ولكن حدثت بينهما مشادات كثيرة، فقد فوجئت بسلبيات في شخصيته فهو عند المشاكل يهرب، حاولت كثيرا أن تخبره بأن يواجه مشاكله ويجعلها تشاركه حلها لأن الهروب سيؤدي بهما يوما إلى النهاية، ولكنه ظل يختفى مرة تلو الأخرى، ويعود ليعتذر، وكانت كل مرة تسامحه، ولكن عندما عاد في المرة الأخيرة كانت هي فقدت ثقتها فيه، وفي هذه الفترة تقدم لخطبتها إنسان وجدت فيه الصفات المناسبة للزوج، فقررت التخلي عن فكرة رفض الزواج بالطريقة التقليدية ووافقت، وكانت تقول لنفسها إنه عندما يعود هذه المرة فلن يجدها، لأنها ضاعت منه بزواجها من شخص غيره، وعندما عاد في المرة الأخيرة طلبت أن تلتقي به، وبالفعل ذهب لها في الميعاد وهو يقول لها إنه اتفق مع أهله أن يقوم بكتب كتابه عليها هذا الأسبوع، وفي نفس الوقت هي تخرج من حقيبتها بطاقة دعوة لفرحها الذي تحدد في هذا الأسبوع. ودّعته وهو يقاوم دموعه، وعلى وجهه نظرة ندم على ما فعل بنفسه وبها.

اقرا ايضا

خاص.. مصادر: الهتاف يعلو داخل الوفد لسحب التفويض من أبوشقة في إدارة شئون الحزب

كالديرون-مصطفى محمد-باختكور ضد الهلال-ياسمين عبدالعزيز-انت اطرق بابي الحلقة 10-المرحلة الثالثة من تنسيق الثانوية العامة 20 0-الأهلي ضد مصر المقاصة-باريس سان جيرمان-عمر مختار