عصام سليم يكتب : حكاية ظبية واعية الأماني
انتقمت من أسر القيود والشروط . وأطلقت سهم فتنتها في عين أنانية شهريار فأسقطته قتيلا مضرجا بالعار والشنار . غير آسفة عما جرى وصار . ثم قفزت هاربة من حديقة قصره المنيف . متجهة إلى روابي الحرية . تستمتع بنعيم جنات الحياة . تحيا عفوية بساطتها . تغفو وتستيقظ قريرة العين لا تعرف الخشية والخوف ...
إنها في الحق والحقيقة غادة شرقية . نظرت في المرآة مرة . خلف حجاب السر . فافتتنت بروعة صنعة الخالق فيها . عشقته ولم تخشاه . وآمنت بجلاله عبر آيات جسدها المشرق . إلى حد الثمالة .
ومن لحظتها استيقظت في وعيها حرية التمرد ... تثور على حجاب دينها . والذي يسعى إلى دفن جمالها . خلف أسمال الحياء البالية . والتي تدعي أنانية الذكورة أنها أمر هبط مع الأوامر من عند لاهوت السماء . يلقي بأستار الحشمة على جنس النساء . هذا لأن صنعته حسب زعمهم كانت عورة ناقصة عقل ودين .
لقد كان تمردها متطرفا . كما منطق قومها . فإما الصدر وإما القبر .
ألقت حجابها على قارعة التخلي والتحدي . تطرد طغيان الدين من وعيها . تتحرر من لغة التلفيق . ترتدي صدق شعورها . تغادر عنصرية قومها . مهاجرة إلى فضاء إنسانية الإنسان فيها . فانتقلت فور وصولها إلى مسرح الطبيعة . تصطحب معها كمرات التحدي . تصور بديع فتنتها . تنشر صورها في كتاب حدائق الفن وصراحة صروح الجمال . كي يراها كل من عشق الحياة . ويجعل منها دليلا يعبر من خلاله إلى الإيمان بحكمة الخالق في إبداع مظهر وجوهر الإنسان ...
لقد عشقت تلك المتمردة نفسها وعشقت ربها إلى حد التعري . في معبد طاعته .
فما قد غفلت عنه قصيدة الكمرات . أكملته عندها قصيدة المشاعر . فتناغم وتكامل في يقين رؤيتها . جسد الصورة وروح الفكرة . يتعانقان في لغة التعري على فراش الرغبة . وفي لغة الوضوح في رومانسية الشعور ...
إن غادتنا الغجرية المتمردة . صافية كثريا من الكريستال الفرنسي مطلق النقاء . إنها كماسة متألقة . تجاوزت باقتدار فحم أصولها . وانتقلت إلى مجد إبداع التحرر . وتحقيق المكانة والكيان . إنها أرقى تحفة عرفها الوجدان . وعرضها متحف الزمان ...