جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 01:41 صـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

سما حسين تكتب: على الحافة 

سما حسبن
سما حسبن

اتذكره جيدا سكينك الموجه نحوي , اقترابك مني ببطيء وتمريره على جلدي , نزفت لأول مرة، واحتفظت بما جرى مني لأذوق طعم الدم وهو يخرج بأمر منك هجرت مكاني، ولم اترك خلفي لا ظلا ولا شكوى ولا نفايات حب .

هي سنين طويله انجبت فيها سلالات من (اللا اعلم) تسأل عنكِ , سنين من المكوث بدربكِ في محاولة فاشلة لمجاراة الانتظار، سنين من التصاقي بالكتابة لك لأترك ارثا يستحق ان ترثيه ، سنين اقتلعت فيها باب الخروج والنوافذ واوقدت فيها الخطر حتى لا تمد الي يد تخلصني منكِ .

وجدت نفسي اهرول في شوارعك بلا هدف او وجهة. وادركت اني لم اكن امشي فيك اصلا .

لان الضوء الوحيد الساطع في كل الطرق التي مشيتها كان الضوء المتدلي على عتبة تلك التكية التي تقطنيها .. وكنت انا ذابلة كالنبات المقصِ من نور فمك، وحين ملأ ضوئك عيني في تلك لقبلة، اشتهيت النوم تحته كنت اول درويشه تبخل بالهداية على متشردة مثلي عارية، و منهكة، نحيلة الجسد، منكمشة الطول تفوح مني رائحة التعب، نائمة بعيون مفتوحة نحو الرب ، انتظر الموت لأفقد نفسي ليلتها، وجدتني ممددة امام الباب مثل جرو لم يفطن بعد على وجود اشارات المرور فتم دهسه, لم يدرك أن الأنسان قد يكون قاتلا حين لا ينتبه والاشارات هذه محاولات فاشلة لتبرير فقدانه للانتباه .

حملتني بين ذراعيك بنعومة الى الداخل، اذكر اني جفلت فجأة و حدقت مليا بالبدر الجلٌي في وجهك , كنت تمتلكين عيونا ضيقة كلها عبارة عن بؤبؤ اسود، ووجه براق سطع على روحي وغمرها ، وجناحين مهيبين تتدلى منهما خرز حمراء وزرقاء مضيئة حدقت لأسمي المكتوب على جبهتك كطوق. وجدتكِ عطرة ومغرورة كليلة تبنت حفلة مجنونة يرقص على جسدها كل عشاق الدنيا .

استيقظت على تكيتك صباحا جديدا، وكنت ممددة على دكة يملأها همس صلواتك ، بوسائد بيضاء، واباريق وصحون ذهبية على جانبيها.. يملأ استيعابي منظرك جالسة أمامي تبتسمين بود لردود افعالي.. "رباه كم كنت ودودة بالنسبة لشخص كان يعتاش على قضم أظافره كم اقتربت مني، وازلت بيديك شعري، لتريني كيف تكون الدنيا بدون خطوط.." أنت في تكيتي وانا ادعى ساران، ونحن في بعد اخر ( هكذا قلت لي) تخيلت الرب قد اصطفاك لكي تعوضي النقص في المحبة وانت تضحكين للسماوات وتصعد ضحكاتك حسنة فحسنة كنت قد فتحت فمي مدهوشة ، لا لغرابة احاديثك ، بل لهذه الاماكن الخالية على ملامحك والتي بدت متهيئة لاحتوائي وقفت على جروحي حينها ، وضعت يدي على قلبي ونذرته نبضا جاريا لأجلك .

صرت ادرك اننا نقع في الحب مرة واحدة، والبقية مجرد عثرات منذ صرت تعودين الى صومعتك غير آبهة لي وانا اعرض لك ارواحي التي تخور بانتظارك اتذكرين ......؟ كنت ابكي كثيرا لأنك تخطئين في حقي، وانا لا استطيع الاعتراف بأخطائك .. كنت انظر الي وجودي نظرة اشمئزاز لأني خلقت بعجل كالخطيئة .. والصقت بك و ماذا اقول حين نُحشر؟ وكيف احبس اجابة في رأسي المثقوب هذا ؟ أأقول حبستني لتستمتع بي وانا افجر لها خلايا عمري أأقول كانت تحب تلك الطريقة التي انحر فيها سعادتي عند اقدامها لتطفو فوق جرياني؟ كانت تقبل رقبتي فقط لتشم النبض وهو يسرع للحاق بقبلتها كانت تطفئ المدافئ غيرة منها حين لا يشعلني مرورها وكان الناس لوجودهم وانا كنت لها.. كنت انتظرك على الدكات في الشتاء حتى تنتهي من ابتهالاتك وابدا بابتهالاتي كنت اصاب بالزكام في كل يوم تالي، انت توبخيني بدون أن تدركي سبب اصابتي, ما الذي قد يشفيه هذا الذي تمرض روحه وهو يلوذ بزاوية تطل عليك ؟ لطالما لم تعرفي بماذا كنت مصابة .... ولماذا جئت اليك انت. علمتني معنى التوق, معنى ان ينتظر المرء المرض ليصيبه ويلغي كل دور للأجسام المضادة هل من المعقول ان يقتل شخصا ما شخصا فقط ليحدق بعيونه كيف تجف, ودموعه كيف تبرد, وتاريخه كيف يشطب نفسه ..و لعروقه كيف تتيبس وتتكسر مثل أسطوانة قديمة ؟ تكتشفين بي لذة التعذيب و تتذوقين بمناجاتي سطوة الربوبية.. أمنت بكون الانسان جذعا وتحقق بي ايمانك , أنا كنت عصا التجارب ولم اشكو... اليوم... مضيتِ ليس اليوم فحسب بل ايام كثيرة كلها كانت كالأولى سلمت أجنحتك والخرز واغلقت حجرتك واطفأت شموعها كل يوم امر بها.. اشد عنقي في مقبض الباب و انتظر ان يخنقني لا اظنك سمعت يوما بأحد يعدم نفسه على وسيلة العودة... شخص تأملك حتى فقد الأمل شخص مازال ينثر دموعه لتبقى زهور وجودك متفتحة والا اخبريني.. اين اذهب لو لم تعودي وهذا السفر الطويل في حبك لم يبق لي ولو نصف خطوة أعود بها لأي شيء...