جريدة الديار
الثلاثاء 23 أبريل 2024 02:51 مـ 14 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

صفوت بك الشريف وداعا.. بقلم الاعلامى محمود عبدالسلام

المفارقة فى حياة وزير الإعلام الراحل صفوت الشريف ،انه أدار الاعلام كضابط مخابرات وأدار دوره المخابراتى كرجل إعلام .

لا حرية فى أختيار طبيعة عملك أذا كنت تعمل لحساب مؤسسة سيادية ،بالتأكيد كل المهام التى ستوكل أليك ستكون لصالح الوطن،المهم هو الوصول للنتيجة وتحقيق الهدف.أغلب أجهزة المخابرات فى العالم تستخدم النساء فى الإيقاع بالرجال،وبالأخص المشاهير بحكم البريق الذى يحيط بهم .

فلسفة كل أجهزة المخابرات فى العالم الغاية تبرر الوسيلة يستثنى من ذلك جهاز مخابرتنا الوطنى بعد مرحلة صلاح نصر ،من يريد أن يهزم عدوه لا يهتم بنظافة الوسيلة ، المثل الشهير يقول شيئان مسموح فيهما بكل شئ الحب والحرب .

الضابط موافى كما كان يطلق عليه اثناء عمله بالمخابرات والمعروف للناس بأسم صفوت الشريف ،كانت مهمته الرئيسية تجنيد الممثلات الشهيرات للسيطرة على من يهددون سلامة الدولة داخليا وخارجيا.

الخوف من الفضيحة كان يدفع المستهدفين بالرضوخ والأستسلام . بعض الشهيرات قرروا عدم التعاون ولضمان عدم الضغط عليهم هربوا خارج البلاد وأغلبهم استسلموا للواقع. تعرض الضابط موافى للمحاكمةإبان محاكمات مراكز القوى وأدين ودخل السجن ، بعد خروجه عين بهيئة الإستعلامات التى كان يرأسها وقتها الأخ الاكبر للموسيقار بليغ حمدى .

بعد فترة أشيع ان رئيس الهيئة له علاقات نسائية كثيرة ،ليحل مكانه صفوت الشريف ، بعدها تولى رئاسة إتحاد الإذاعة والتلفزيون ثم مالبث أن تولى حقيبة وزارة الإعلام. أعتمد الشريف سياسة إعلامية تعتمد على الكم وقليل من الكيف .

فملأ السموات المفتوحة بالقنوات الفضائية وأنشا القناة الفضائية المصرية التى افتتحها مبارك وهناك رواية شهيرة يرددها العاملون بماسبيرو لها دلالتها :يقال أن صفوت أمر بتجهيز شريط ليبث عند أفتتاح القناة الفضائية يوم ١٢/١٢ /١٩٩٠ وأتفق مع فريق التنفيذ أنه سيطلب من مبارك الضغط على زرار محدد فى سويتش الأستوديو لتنطلق القناة من القمر الصناعى وفى نفس اللحظة يقوم مونتير الهواء والمخرج المنفذ وقتها بإدارة الشريط موهما مبارك ببلوغ تكنولوجيا إعلامية متطورة لحد الأتصال بالقمر الصناعى مباشرة من أستوديو التنفيذ.

فى عام ١٩٨٥ فى إحتفالات أنتصار أكتوبر اطلق صفوت أول قناة تلفزيونية محلية وهى القناة الثالثة التى كانت نواة لإنشاء قطاع القنوات المحلية . كانت تجربة القناة الثالثة تجربة إعلامية فريدة أعتمد فيها على الشباب وأطلق لخيالهم الإعلامى العنان فنجحت التالتة نجاح كبير رغم ضعف الامكانيات ،ولاول مرة يشهد البث التلفزيونى مد الإرسال حتى الصباح بعد ان كان البث لايتعدى منتصف الليل مما أثر أشد التأثير على الحياة الإجتماعية .

بعدها أنشأ صفوت الشريف قطاع القنوات المتخصصة وأستطاع أن ينافس القنوات الخاصة ثم أنشأ قناة النيل الدولية وكانت تجربة مبشرة وناجحة سرعان ما أنطفئ توهجها بفعل الروتين وقلة الإمكانات. كما كان للشريف رؤية بإتاحة الفرصة لرجال الأعمال بإنشاء قنوات تلفزيونية فضائية فأنشئت قناة دريم لصاحبها أحمد بهجت وقناة المحور لحسن راتب وأظن ان التلفزيون شريك فى هاتين القناتين .

كما أسس الشريف بعض صحف المعارضة وجلب لها تمويل من الخارج مثل تجربة جريدة الأسبوع وأخريات. ويأتى الإنجاز الأهم فى حياة وزير الاعلام الراحل صفوت الشريف باطلاق القمر الصناعى المصرى نيل سات وإنشاء مدينة الإنتاج الإعلامى الاضخم فى الشرق الاوسط .هكذا استطاع صفوت بك كما كان يحلو لمن حوله مناداته عمل انجازات كبيرة لكن دون إعلام حر هذا الديناصور الأعلامى الضخم كان بطارية شحنه ومفتاح تشغيله على مستوى الرسالة الإعلامية فى جيبه الشخصى لكن ظل مبارك يشتكى من نجاح علبة الكبريت ذلك الوصف الذى أطلقه على قناة الجزيرة القطرية .

وصل عدد العاملين بماسبيرو لعدد يفوق الاربعين الف ، عين أغلبهم صفوت بك للمجاملة وارضاء للوسايط والسيطرة على الإعلام ، كما ان الديون تكاثرت على المبنى العتيق بسبب الإسراف فى المشاريع الاعلامية الكبيرة التى ابتلعت ميزانية ضخمة أنفقت على النيل سات ومدينة الإنتاج الإعلامى التي يدفع ثمنها الآن أبناء ماسبيرو .

نجح صفوت الشريف فى بناء صرح إعلامى كبير لكن دون حرية إعلامية تسمح بمشروع تنويرى متكامل يثرى العقول ويهيئها لدخول القرن الواحد والعشرين عقليا وعلميا ونفسيا وسياسيا .

جسم فيل وعقل عصفورة هكذا . ورغم سيطرة الضابط موافى على كل كبيرة وصغيرة فى الإعلام المصرى لمدة ٢٢ عام الا ان قواعد اللعبة تغيرت بظهور شبكة الانترنت الساحرة واصبح لكل فرد فى العالم إعلامه الخاص فكان من اهم أسباب قيام ثورة ٢٥ يناير ولم يمنع تكميم الافواه قيام الثورة .

رحل صفوت الشريف أو الضابط موافى عن عالمنا وسيرحل من ايده ومن عارضه والجميع سيقف أمام حاكم عادل فدعوا الخلق للخالق ودعونا نكرر تجربة صفوت الشريف الإنشائية ولانكرر تجربته بحجب الآراء والسيطرة على العقول حتى نتعلم حقا من التاريخ