جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 05:35 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

صلاح زكي أحمد يكتب : نهاية الرحلة المستشار طارق البشري

( .. المستشار " طارق البشري " رحمه الله ، له في حياتي أكثر من ذكرى طيبة ، كانت زوجته الفاضلة الأستاذة " عايدة العزب موسى " هي سبباً للتعارف بتلك الشخصية الرائعة والإنسانية النادرة ...

******

والحديث عن هذه الشخصية الإستثنائية ليس هنا موقعها ، ولا موضعها ، فسوف أكتفي هنا بنظرة نقدية عَلى واحد من أهم مؤلفاته ، أو بالتحديد نظرة المراجعة لمؤلفه الهام " الحركة السياسية في مصر ١٩٤٥ / ١٩٥٢ " والتي صدرت طبعته الأولى عن الهيئة العامة المصرية للكتاب عام ٧٢ ، وفي عام ١٩٨٣ جاءت الطبعة الثانية عن دار الشروق ، وتتالت بعدها أكثر من طبعة ...

*****

وللمصادفة وحدها كان هذا الكتاب بين يدي صباح اليوم ، والذي تصادف أن يكون يوم رحيله الى رحاب الله ، حيث فوجئت بهذا الخبر الحزين !!

*****

فتحت الصفحة الأولى من الكتاب ، ووجدت هذه الكلمات التي تحمل حُباً وتقديراً للرجل ، لم يمنعني من نقد مراجعته ، كلمات كتبتها عام ٨٣ بمناسبة صدور الطبعة الثانية ....

*****

" .. هذا السفر التاريخي الذي خّطُه المستشار "طارق البشري "

لا أُبالغ اذا وصفته بأنه أحد أهم الأعمال الرائدة في التأريخ لهذه الفترة المُمتدة من عام ٤٥ الى ١٩٥٢ ، فقد نّجحّ الأستاذ " البشري " في رصد الحركة السياسية المصرية بتياراتها المٌختلفة ، مُجسداً أوجه الإختلاف والإتفاق بين كل فصائلها ، رغم اتفاقها جميعاً عَلى مطلبين اثنين وهما : الإستقلال والدستور ، وإن تفاوتت درجة التمسك بين هذا الفصيل أو ذاك ...

******

ولكن يبقى بعد ذلك ملاحظتين ، أولهما : أن هذه الكلمات لا تستطيع أن تُعطي هذا الكتاب الذي أبدعه هذا المؤرخ المُدقق حقه في الإشادة والإيضاح ، والدليل عَلى ذلك أنني قرأته مرتين ، وعدت اليه أكثر من مرة ، كانت المرة الأولى فور صدوره عن الهيئة العامة للكتاب عام ٧٢ ، والمرة الثانية في شتاء عام ١٩٧٧ وخلال ظروف إنسانية وسياسية استثنائية ، كانت قراءة جماعية مع الرفاق ، في زنازين سجن طرة العتيق والكريه ، كانت كلمات المستشار " البشري " خير ونيس في ليالي الشتاء الطويلة والقاسية ....

******

أما الملاحظة الثانية ، فهي عن تلك المُراجعة التي صّدّرّها الأستاذ " البشري " في الصفحات الأولى من الطبعة الثانية لهذا الكتاب ، أي الطبعة الصادرة عن " دار الشروق ، لعام ٨٣ ، فجاءت تلك المُراجعة التي امتدت لنحو ٧٠ صفحة ، شملت رؤيته الجديدة لغالبية الفصائل السياسية ومنها حزب الوفد والحركة الشيوعية وحركة مصر الفتاة ، والإخوان المسلمين وحركة الضباط الأحرار وغيرهم ...

******

غير أن ملاحظتي عَلى تلك المُراجعة للأستاذ " البشري " جاءت أغلبها ، بمثابة اعتذار من المؤلف لطريقة تناوله لحركة الإخوان المسلمين ، مُنطلقاً من فرضية الصراع بين " الوافد الخارجي والموروث الأصيل " والذي يقصده الأستاذ " البشري " بالأصيل والثابت ، لا يعدو أن يكون هو الدين الإسلامي " لا سواه .

********

واذا كنت لا أختلف معه بإن الإسلام هو الأصيل والثابت ، فليس بالضرورة أن تكون حركة الإخوان هي " المُجسد والمُعبر " عن الدين الإسلامي ، فهي حركة سياسية لها تاريخ من الإخفاقات الفكرية والسياسة والحركية ، دفعت ثمنها ، ودفعت مصر وكل حركتنا الوطنية أضعاف ما دفعت تلك الحركة !! ....

******

رحم الله المستشار " طارق البشري " الذي اجتهد ، فنال ثوابين هما ، أجر الإجتهاد لو أصاب ، ونال ثواباً واحداً ، حتى لو أخطأ ، وهو أجر الإجتهاد ....)

*******

صلاح زكي أحمد

القاهرة :

يوم الجمعة الموافق ٢٦ فبراير ٢٠٢١

يوم رحيل المستشار " طارق البشري " رحمه الله .