جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 03:39 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

سامي الجنزوري يكتب : العندليب المستبد

بداية .. أنا من عشاق حليم وكنت مفتونا به منذ أن فتحت عيني حتى فترة الشباب ، ومازال هو مطربي المفضل ولكن ليس الأوحد . قرأت بعد وفاة الفنان يوسف شعبان التعنت الذي فعله حليم عند تصوير فيلم ( معبودة الجماهير ) ورفضه رفضا قاطعا وباتا أن يشترك يوسف شعبان معه في بطولة الفيلم ، خوفا من نجومية يوسف شعبان والتي قد تقلل من نجوميته ، حيث إن يوسف شعبان جان ومحترف تمثيل ، مما يقلل من فرص سيطرة حليم على عالم التمثيل.

كما سيطر على عالم الغناء ، وتوقف العمل بالفيلم أسبوعين ، فكانت الفنانة شادية تؤيد اشتراك يوسف شعبان ، ولم ينته الأمر إلا بعد أن حكموا الكاتب الصحفي مصطفى أمين الذي طمأن حليم بأن اشتراك يوسف شعبان لن يزاحمك بل سيزيدك تألقا . لاشك أنني صدمت في نجمي المفضل ومطربي الأثير وقدوتي في الرومانسية ، ولكن بعيدا عن هذا العالم الحالم الرومانسي ، لابد من التفكير الجاد في هذا الأمر .

هذه ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وتراثنا منذ ألف وأربعمائة سنة لا نعرف إلا الاستبداد في كل مكان بداية من الزوج في الأسرة حتى رئيس الدولة ؛ إنه يجري فينا كما يجري الدم في العروق ، ومن أجل الحفاظ على المكانة التي وصل إليها الفرد عن جدارة أو غير جدارة فعليه أن يستبعد أي منافس بكل وسيلة ولو وصلت إلى القتل - ونتهم الجان بأنها من قتلته - وهذه الثقافة لن تسمح بإظهار النوابغ والمبدعين والمخلصين في عملهم .

- في بداية التسعينات كنت المدرس الوحيد الذي جاء مدرسة حلوان الثانوية بنين بإرادته ، وفي أول اجتماع لأولياء الأمور اشتكوا من كل شيء في المدرسة ولم يشيدوا إلا بي أنا فقط ، فكان تركيز مدير المدرسة بعد ذلك هو أن يطفشني من المدرسة بأي وسيلة .

هذه ثقافة الاستبداد وهي في كل مكان و في كل شبر على جميع المستويات وهي التي دمرتنا وجعلتنا أحط أمم الأرض ، فإذا رأيتم عكسها فهو الشاذ الذي سرعان ما سيفقد أثره وسط أمواج الاستبداد الهادرة ؛ لذلك عندما نرى شخصا مثل مجدي يعقوب يبذل أقصى جهده لينقل علمه وخبرته إلى الأجيال الشابة يأخذنا الذهول الممزوج بالانبهار كيف يحدث هذا في منطقتنا التي لم نر فيها عاقلا واحدا منذ نشأتها يؤمن بأن تفوق غيره ليس دليلا على نقصه وعجزه ؟!!!