جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 08:15 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محطات في رحلة أحد آباء الأدب الروسي.. ”نيقولاي جوجول ”

نيقولاي جوجول
نيقولاي جوجول

يعد " نيقولاي جوجول " من أكبر الروائيين والمسرحيين في الأدب الروسي ، ويعتبر " جوجول " واحد من مؤسسي المدرسة الواقعية في الأدب الروسي في القرن التاسع عشر،و كان يكتب بإسلوب كوميدي ساخر،و" النفوس ميتة " تعتبر أهم رواياته مع أنها لم تكن كاملة وقصته القصيرة " المعطف"، بالإضافة إلى المسرحيتين الكوميديتين المفتش العام وزواج.

وُلد " جوجول " في في 1 أبريل 1809 في قرية سورتشينتسي قرب مدينة بولتافا الأوكرانية ،و تأثر في صغره بطريقة حياة الفلاحين في الريف الأوكراني، وتقاليد شعب القوزاق وفولكلوره الغني ، وكان أبوه كاتب مسرحيات من وحي الفلكلور الأوكراني،و التحق جوجول بالمدرسة العليا في نيجين، وظهرت مواهب" جوجول" الأدبية والفنية في سن الثانية عشرة، ونشر له أشعار في مجلة هناك، وكان قد قلد العجائز في مسرح المدرسة بطريقة كوميدية.

وفي سنة 1828 وبعد تخرج" جوجول " من المدرسة، غادر إلى العاصمة سانت بطرسبورج باحثًا عن وظيفة في السلك الحكومي، لكنه لم يجد عملاً، وتعرض للكثير من المتاعب المادية ،و حاول العمل ممثلاً، ولكنه لم ينجح في الاختبارات، فحاول أن يسلك طريقا أخر ويعمل شاعراً، فنشر على حسابه ديوان شعر عاطفي سرعان ما فشل فشلًا ذريعًا، فقام على إثرها بجمع كل نسخ الديوان وحرقها. وفكر أن يغادر روسيا ويهاجر إلى أمريكا ،و استقل جوجول مركبًا وسافر إلى ألمانيا على أمل أن يكمل المشوار إلى أمريكا من هناك، ولكنه أفلس في ألمانيا، ولم يبقى معه من المال ليتابع السفر إلى أمريكا ، فقرر "جوجول " الرجوع إلى سانت بطرسبورج ، وهناك أخذ يبحث عن عمل من جديد، حتى وجد وظيفة حكومية براتب متواضع جدًا. بعد مرور ثلاثة أشهر استطاع العمل في وظيفة حكومية ثانية، ولكنه تركها أيضا بعد مرور عام ليدرس التاريخ في مدرسة داخلية للبنات.

وابتدأ "جوجول " في نفس الوقت يكتب قصص في بعض المجلات، وكانت مواضيعها عن ارياف أوكرانيا وعن معيشة الفلاحين في القرى هناك، وأدخل في القصص حكايات عن العفاريت والسحرة استخلصها من الفولكلور الأوكراني بأسلوب مضحك استعمل فيه ألفاظ وأمثال شعبيه أوكرانية. ،وفي تلك الأيام كان هذا الأسلوب جديدا في الأدب الروسي مما لفت أنظار القراء والنقاد اليه في الفترة (1831 - 1832) كتب ثمانية حكايات انتشرت في مجلدين بعنوان "أمسيات في مزرعة قرب ديكانكا" ، وفجأة أصبح جوجول من المشاهير بين يوم وليلة بين كتاب ونقاد كبار أمثال " بوشكين "، وچوكوڤسكي، واساكوڤ، وبلينسكي أصبحوا مهتمين به. • في سنة 1834 عين " جوجول " في جامعة سانت بطرسبورج استاذا مساعدا في أدب العصور الوسطى، ولكنه وجد نفسه غير قادر على مثل هذا العمل، فتركه بعد سنة، وبدأ التحضير لنشر مجموعات قصصية جديدة في كتابين هما "ميرجورود" و"أرابيسك" الذين نشرهم سنة 1835. الأربع قصص التي كانت في مجموعة "ميرجورود" كانت تكملة لمجموعة قصص "أمسيات في مزرعة قرب ديكانكا" ، لكن" جوجول " استبدل فيهم أسلوبه الرومانسي بالأسلوب الواقعي التشاؤمي الذي يعكس انعدام القدرة على التجاوب مع الحياة، وفي نفس الوقت انعدام القدرة على الهروب منها ، وتجلى ذلك في قصة "مشاجرة إيفان ايفانوفيتش وإيفان نيكيفوروفيتش" التي كانت فكاهية، ولكن مليئة بالمرارة من قسوة الحياة ، وفي قصة "مُلاك زمان" على الرغم من كل الفكاهة التي كانت تشوبها سخرية من عجوزين عاشا من أجل الأكل، ولم يستطيعا فعل أي شيء غير الأكل في حياتهم ، وفي قصة "مذكرات مجنون" البطل "زابيسكي سوماسشيدشي جو" موظف صغير قليل القيمة يعاني من الكبت، فعوض عنه بجنون العظمة (ميجالومانيا) الذي تطور معه إلى أن دخل مستشفى المجانين ،و قصة تراس بولبا كانت أيضا من ضمن مجموعة ميرجورود التي غيرها غوغول سنة 1845 بإضافة ثلاثة فصول ، والقصة تحكي عن الصراع الذي دار ما بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر بين أوكرانيا الأرثوذكسية وبولندا الكاثوليكية، والتي لقيت نجاحا كبيرا في روسيا، واعتبرها غوغول واحدة من قصصه المحظوظة ،و"تراس بولبا " في القصة يصارع قمع حريات الناس واستسلام الناس لثقافات من خارج بلادهم ،وتم إنتاج فيلم " هوليوودي سنة 1962 يحكي قصة تاراس بولبا.

وكان تأثير "جوجول" في الأدب الروسي كبيرا جدًا. رواياته "أرواح ميتة" ولو إنها ناقصة، و"المعطف" ، ومسرحيته "المفتش العام" أسسوا مدرسة أدبية جديدة في روسيا إسمها "المدرسة الطبيعية" البعيدة عن المدارس "الرومانسية" و"الخطابية" التي كانت سائدة قبله،و جوجول كان من أوائل الأدباء الروس الذين أظهروا لروسيا نفسها. على عكس أسلوب الكتابة الكلاسيكية - الذي أسسها أمير الشعراء" بوشكين" والتي استخدمها فيما بعد كتاب أمثال ليف تولستوي وتورجينيف، أسلوب كتابات "جوجول" انتقل لكتاب أمثال دوستويفسكى واندريه بيلي الذين أثروا بدورهم في كتاب كثيرين آخرين في فترة ما بعد الثورة الروسية. ،وواقعية "جوجول" الاتهامية لقت مؤيدين كثيرين كان منهم الأديب الساخر " ساليكوف چخدرين " جوجول أيضا أوجد شخصية "الرجل الصغير" كبطل في الأعمال الأدبية.

وتحل اليوم ذكرى وفاة الأديب الكبير " جوجول " حيث رحل عن عالمنا في 4 مارس عام 1852.

واقرأ أيضًا /في السابعة .. أفراح القبة ” من جديد على ”المسرح العائم”