جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 03:13 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

تعرف علي منطقة الدبادب الأثرية والسياحية بالوادي الجديد

قلعة ام الدباديب
قلعة ام الدباديب

 منطقة أم الدبادب أو أم الدباديب أو عين أم الدباديب كلها مسميات لتلك المنطقة الأثرية الرائعة في الجمال  الوادي الجديد ،وترجع أصل تلك التسمية إلى أكثر من رأي فاحد تلك الآراء يذهب إلى كثرة ما بها من زواحف حيث كان يطلق على تلك الزواحف اسم "دبيب" وعند جمعها تصبح دباديب كناية عن كثرة عدد الزواحف المنتشرة بها لان المنطقة المحيطة بها هي منطقة صحراوية شاسعة وتكثر بها تلك الزواحف من ثعابين وخلافه.

 

أما الرأي الثاني وهو الأقوى يقال أن أصل التسمية جاء من خلال الدواب الكثيرة والجمال والبعير التي كانت تستخدم وترى كثيرا في تلك المنطقة، حيث كان يطلق على الجمال والبعير كلمة دواب, ونظرا لكثرة العدد يطلق عليها بالجمع دبادب, حيث أن وظيفة تلك المنطقة هي عبارة عن ملتقى الطرق الصحراوية والدروب للقوافل التجارية التي تعبر خلال هذه المنطقة قادمة من شمال الخارجة ومنطقة اللبخة إلى الغرب وصولا إلى الواحة الداخلة وعين أمور عبر درب عين أمور والعكس ويتم استخدام الدواب بشكل كبير في هذه القوافل حيث أنها وسيلة المواصلات الرئيسية بها.

 

أما بالنسبة لكلمة عين فهي ترجع إلى انتشار العيون المائية والتي تروى الأراضي الزراعية المنتشرة والشاسعة بشكل ممتد وكبير في المنطقة, عن طريق المناور والتي تتكون من أكثر من خط للمياه.

ومنطقة أم الدبادب الأثرية تقع على بعد حوالي 65 كيلو متر من مدينة الخارجة في قلب الصحراء بمحافظة الوادي الجديد, ولها طريقان عبارة عن طرق " شبه مدقات أو مسارب " يعلمها أهالي الواحة والإدلاء جيدًا, ويتم الوصول إليها باستخدام عربات الدفع الرباعي المجهزة جيدا والمزودة بأحدث التقنيات " من جهاز جى بى اس وكذلك هاتف ثريا ", إحدى هذه الطرق من منطقة اللبخة وهو الأقرب ولكنه غير متاح حاليا بسبب الغرود والتلال الرملية التي أغلقته تقريبا, ولكنه يصلح عن طريق المشي على الأقدام والتسلق للهضاب الرملية, والثاني من الكيلو 17 من طريق الخارجة الداخلة " درب الغباري " ثم نتجه شمالا إلى الشرق قليلا حوالي 40 كيلو متر في الجبل .

 

المنطقة الأثرية في عين أم الدبادب "كعناصر أثرية " ترجع إلى العصر الروماني وظلت مستخدمة على الأرجح لفترات كبيرة بعدها.

 

وان كان النشاط البشرى بهذه المنطقة قديما جدًا يرجع إلى إنسان عصور ما قبل التاريخ, في فترات ما قبل الأسرات المصرية, حيث يلاحظ وجود عناصر وأدوات ظرانية وبقايا من عصور ما قبل التاريخ, كذلك يتم اكتشاف لوجود مخربشات قديمة لتلك الفترات من عصور ما قبل التاريخ, منتشرة في المنطقة فضلا عن بقايا الأدوات وخلافه, مما يدل على أنها مستخدمه في الفترات القديمة بشكل كبير جدا.

وتحتوى المنطقة الأثرية على قلعة "حصن " كبيرة جدا وضخمة من العصر الروماني, تحتوى على أكثر من طابق وهى نفس فكرة القلاع الحربية والحصون بها مسار للجنود في الأعلى, وكذلك فتحات لصب الماء الملغى والزيت على رؤس الأعداء من اعلي ورمى السهام والرماح عليهم, كذلك بها سلالم للصعود وحجرات للجنود للاختباء بها من الداخل عند المهاجمة والشعور بالخطر, فضلا عن التزود بالغذاء والماء ووجود أماكن مخصصه لهم, وتنتشر حولها المنشات التجارية والإدارية أو المخازن وخلافه لأنها نقطة تزود وبيع للقوافل المارة بهذا الطريق.

كذلك وجود معبد روماني وكنيسة ترجع إلى العصر القبطي, والجبانة والمدينة السكنية فضلا عن وجود المناور العديدة وخطوط المياه الكثيرة والمنتشرة في المنطقة, والتي مازالت يرى بعضها باقي حتى الآن والتي كانت الدعامة الأساسية والوسيلة الكبرى في الري وزراعة المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية في المنطقة, حيث كانت الزراعة هي الوظيفة والحرفة الرئيسية في تلك الفترة والتي كانت تغذى القوافل التجارية من خلال البيع بالمقايضة, وتزويد القوافل بالمنتجات الزراعية والأكل والماء " التزود بالمؤن " وفى المقابل يأخذوا خيرات تلك البلاد من منتجات يحتاجون إليها, من الملابس وخلافه مثل الكتان والمستلزمات الأخرى من حلى وغيره ", نفس فكرة منطقة اللبخة الأثرية.

والمدهش في تلك المنطقة هو بعد السير مسافة كبيرة جدًا في الصحراء الخالية من أى ملامح للحياة " كلها اصفر في اصفر ", فجأة نلاقى الدنيا رجعت خضراء وبدت بها الحياة من جديد, حيث الأشجار " المحيط - والدوم " وخلافه, ويرى وجود لغزال بالمنطقة فضلا عن الطيور ونقاء الجو ونظافته, وكذا الهدوء والراحة العجيبة في وسط تلك المناظر الخلابة مع وجود العناصر الأثرية الجميلة من القلعة وخلافه, كل هذا يجعلها تحفه نادرة وكنز حقيقي في قلب الصحراء.

 

ومن المميزات الفريدة أيضا بتلك المنطقة هو ووجود ظاهرة فلكية أثرية خاصة بها, تتم كل عام ويأتي احد الأصدقاء الايطاليين بنفسه ويدعى " زليانو " لرصد هذه الظاهرة في شهر فبراير من كل عام, وتتمثل هذه الظاهرة في ظهور قرص القمر مكتملا كالبدر اعلي صرحي البرج مباشرة, وفى المنتصف " أول ظهور للقمر بعد الغروب يكون اعلي الصرحين للقلعة مباشرة في وسطهما تقريبا ", مثل علامة الأخت الأفق تقريبا ", وكل ذلك في ميعاد ثابت في وقت محدد بالدقائق والثواني يتم معرفته وحسابه بالبرامج الفكية الحديثة من على الانترنت, وبرامج الكمبيوتر المتطورة في الفلك والحسابات الفلكية.

وقد كانت هذه المنطقة مستغلة قديما والى وقت قريب في الزراعة والرعي من قبل أهالي واحة الخارجة قديمًا إلى إن جفت المياه فتركوها, ومن المعرف أيضًا عن تلك المنطقة إن أراضيها الزراعية خصبه جدًا وجيده للزراعة, ويرى حتى الآن أثار للبقايا الزراعية وحدود الأماكن والأراضي الزراعية المنزرعة قديما في العصور السابقة.

 

وقد عملت في تلك المنطقة العديد من البعثات الأجنبية مثل البعثة الأمريكية " الجامعة الأمريكية " بقيادة دكتورة / سليمة إكرام, وكذا البعثة الايطالية بجامعة ميلانو بقيادة / كورينا روسي, وكل ما تقوم به البعثات هناك هو عمل مسح اثري للمنطقة وما حولها وعلى امتداد الطرق والدروب الصحراوية الموصلة لها, وهذا لمحاولة معرفة طرق الزراعة والري في هذه الفترات ونوعية النباتات المزروعة والكيات أو المساحات وخلافه, وكل هذا قيد الدراسة والبحث العلمي لاستخراج النتائج.

 

والدولة الآن بصدد جعل منطقة عين أم الدبادب محمية طبيعة ممنوع تدميرها وتلويثها أو قتل وصيد الحيوانات بها, لما فيها من نباتات وزروع وحيوانات أصبحت قليلة وشبه نادرة, وهذا من خلال جهاز شئون البيئة وفرق العمل الخاصة به من منظمات خاصة بالمحميات الطبيعية.

ولا ننسى أن نقدم الشكر للسيد / " الحاج سيد حسنين " الذي يقوم بعمل رحلات مشى على الإقدام من منطقة اللبخة " منطقته المفضلة ", التي يحب أن يقال له " بصاحب اللبخة " وصولا إلى منطقة الدبادب ثم المبيت والعودة في غد اليوم الثاني.

 

رافقنا بالجولة " محمد حسن جابر" مفتش أثار بمنطقة الوادي الجديد, والمرشد السياحي, والباحث الأثري.

 

وفى النهاية تمنى قائلًا : أتمنى إن أكون قدمت لحضراتكم نبذه بسيطة عن منطقة أم الدبادب, تلك المنطقة الخلابة والرائعة التي يغفل عنها الكثيرون من أهالي المحافظة وكذلك الأثرين في مصر, وكذلك باقي الناس

تلك الجوهرة الثمينة التي لا تقدر بمال, نحن نريدها منطقة السياحة الأولى في مصر لأنها تستحق ذلك وأكثر حيث الهدوء والراحة التي نفتقدها كثيرا هذه الأيام ونسعى إليها بشكل دائم.