جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 02:48 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ذكرى عيد العمال .. مباديء عمالية وفلسفات نقابية

علاء الدماصي
علاء الدماصي

في قناعتي الراسخة أن التعب والتفاني والمثابرة أهم ركائز النجاح، وأن شدة الانصهار تزيد القيمة الحقيقية للإنسان العامل، وأفخر بأن يدي التي تغمس أحبار قلمي بصفحات هذا المقال إنغمست أناملها بكثير من الأعمال البدنية والصناعية المنتجة، قبل أن تكون ترساً باحدى أدوات القوى الناعمة، ويقول الكاتب الصحفي مصطفى أمين، إن الإنسان الناجح يذهب الى عمله كأنه يذهب الى موعد غرامي.

وعن العمل النقابي، فوفقا للنظرية الماركسية أن العمل الثوري وسط العمال يقوم على محورين مترابطين: مساعدة العمال في بلورة وعيهم بنفسهم كطبقة في صراع مستمر مع رأس المال ودولته لن يتوقف إلا بانتصارهم الحاسم، ومساعدة العمال على تنظيمهم لأنفسهم حتى يستطيعوا خوض هذا الصراع وحسمه لصالحهم.

تهتم الدول بالمؤسسات والحركات النقابية وبعضها يوفر دعماً لتمويل أنشطة الاتحادات العمالية، إيمانا منها بأهمية دور تلك الحركات في دعم مسيرة التنمية الوطنية.

الحركة العمالية والنقابية لم تكن وليدة العصور الحديثة فقد شهدت عصور ماقبل التاريخ ملامح تلك الحركات، منذ آلاف السنين، وبخاصة بعد أن قامت حضارة وادى النيل، تطورت هذه الحركة لخدمة العمال، والحفاظ على المكتسبات الوطنية والاجتماعية، تاريخية لعب فيها عمال (دير المدينة) بالبر الغربي بمحافظة الأقصر دوراً ملموساً، حيث خرج مئات العمال فى مواجهة البطش والظلم والفساد واستمروا فى التظاهر والاضراب والاعتصامات نهاراً وليلاً في عهد رمسيس الثالث، بجانب حركة العمال الكادحين التي أشعلت نيران الثورة الفرنسية عام 1798، والثورة البلشفية في روسيا التي وصفها مؤرخو الحركات النقابية بثورة الطبقة العاملة.

إن شرارة الثورة الصناعية التي حركت وبلا شك مكائن التطور الاقتصادي العالمي، ودعمت دون قصد توحش الرأسمالية العالمية، مما أوقد شعلة الحركات النقابية وبدأت فلسفة العمل النقابي تجني بثمارها مسترشدة بافكار ماركس وفولتير وجان جاك روسوا مونتيسيكو وغيرهم.

العمل هو أساس التنمية، والأمان الوظيفي ركيزة مهمة من ركائز القدم والتطور في العمل، ومن هذا المنطلق أدعو كل دول العالم والمنظمات النقابية بخاصة الاتحادات العمالية العربية الى دعم سياسة الأمان الوظيفي بهدف تحقيق كافة الحقوق المكتسبة للفئات العمالية والتصدي لسياسات الابتزاز والقمع الوظيفي.

وعلى الجانب الآخر، يجب على كافة الطبقات العاملة التفاني والاخلاص في العمل، ولابد أن يعي بأن المسؤولية الوطنية لا تقتصر على المشاركة السياسية بل الأهم أن يعمل العامل في بلده بروح المواطن الذي يؤدي دوره وواجبه في مسيرة التنمية، ويقول رسول الله صل الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".

ذكرى الأول من مايو تسترجع في أذهاننا مشاهد سطرها التاريخ في صفحات الظلم والقهر، وتحمل في طياتها تضحيات نبيلة لعمال ناضلوا وكافحوا للمطالبة بأبسط حقوقهم، فأنفقوا في سبيل ذلك أرواح الكثيرين منهم، بعد أن تصدى لهم رصاص القمع.

دعني عزيزي القاريء أطلعك على حدث تاريخي كتب بدماء عدد من العمال الامريكيين في مدينة شيكاغو عام 1886، حيث قتل الكثيرون برصاص الشرطة، وتم إعتقال العديد من قادة العمال وحكم على 4 منهم بالإعدام، وحكم على الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة، وأنكشفت غيوم تلك الجريمة الشنيعة التي أثارت المجتمع الدولي وكانت وقود للغضب العمالي فى أنحاء العالم بعد أربع سنوات من وقوعها.

دفعت تلك الحادثة المفزعة قادة المنظمات النقابية والعمالية بشتى دول العالم الى عقد اجتماع في باريس، اعلنوا خلاله أن الاول من مايو من كل عام يوم عالمي للعمال يجددون فيه مطالبهم وأهدافهم بل ومن هذا المنطلق أصبحت معظم الدول تقيم إحتفالات رسمية في هذا اليوم وجعلته يوم عطلة في كل عام، تحية لكل يد تأكل من ثمار ما تزرع وكل يد تعمل بقلب المواطن وبعقل العامل في سبيل إنعاش إقتصاد بلادها.

ثمرات الفكر

فرق كبير بين أن تصعد من رحم المعاناة، ومن يصعد بسرعة "البزازة"، هو ذاته الفرق بين المبدع الحقيقي، والنجم الصناعي.

[email protected]