جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 11:25 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

د. محمد لبيب يكتب .. أنا والجنة خاطرة

د. محمد لبيب سالم
د. محمد لبيب سالم

عندما ينتهي الحساب يوم الحساب الأكبر لدي حسن ظن كبير بالله بدخولي الجنة رغم أن القرب منها حلم كبير. حتي أن تفكيري أخذني لأبعد من هذا. فكم أتشوق أن اكتشف بنايات وطرقات الجنة. أفكر في الأحباب الذين سبقونا منذ سنين طوال من كانوا يملأون علينا الحياة بأرواحهم الطيبة.

أتشوق أن أتحدث اليهم وأجالسهم وأضحك معهم وأقص عليهم كل ما حدث بعد رحيلهم. لكم أتشوق لرؤية جدنا الأكبر آدم وجدتنا حواء ، لسوف أتحدث إليهما طويلا لأعرف منهما كيف كانت الجنة وهم فيها وكيف كانت الحياة علي الأرض بعد الجنة وكيف كان شعورهما عندما لمست أقدامهما أرض هذه الدنيا أول مرة وثالثهما ابليس اللعين.

بل سوف أطلب أن أري هذا اللعين الذي كان السبب وراء ذلة آدم وحواء حتي هبطا إلي الأرض وما فيها من عناء.

ولكم أتشوق إلي مقابلة الحبيب محمد حتي ولو كنت في درجة أقل من درجته في الجنة فلسوف أطلب مقابلته علي الفور لأقبله وأحتضنه وأبقي في حضنه كما أشاء.

لكم يأخذني تفكيري إلي اللحظة التي أراه فيها وهو ينظر إلي بعينيه الكحيلتين ويسلم علي ويربت علي كتفي. وآه لو كان معي أبي وأمي وأخوتي وكل من سبقوني وأنا أسلم عليه.

لسوف تكون جلسة عائلية رائعة.

ولكم يأخذني الطموح إلي اللحظة التي أري فيها مجرد نور الله وهو ينير الجنة ويلقي علينا بالسكينة والسلام.

لا أدري كيف سيكون اللقاء ولكني متشوق إلي حد الجنون. وآه لو كان هناك نصيب في رؤية الملائكة وخاصة سيدنا جبريل لأسئله كيف كان الوحي وكيف كان اللقاء مع الحبيب كل مرة.

وميكائيل وكيف كان يوزع الأرزاق وكيف كان يشعر تجاهي شخصيا وهو يوزع علي رزقي.

وإسرافيل وكيف كانت النفخة الأولي ليميت في نهاية الدنيا كل البشر وكل حياة والنفخة الثانية وكيف كانت مشاعر البشر بعد أن قاموا صرعي من الأجداث.

وقريب وعتيد وكيف كانوا ينظرون إلي وأنا أعزم علي معصية أو أقبل علي خير.

وعزرائيل لأسأله كيف كانت مشاعر المقبل علي الموت سواء صغيرا أو كبيرا صحيحا أو مريضا. ثم يأخذني الطموح إلي لقاء الصحابة أبو بكر و عمر وعلي وعثمان وبن الزبير وبن الوليد وبن العاص وبن المغيرة والمقتاد وحمزة وغيرهم من كبار أصحاب رسول الله.

بل يأخذني فكري إلي الشوق لرؤية ومقابلة ومصافحة والحديث مع أمهات المؤمنين خديجة وعائشة وزينب وسودة وحفصة وأم سلمي وجويرية ومارية وصفية وميمونة وأم حبيبة وغيرهم.

وكم أتشوق لرؤية اولاد الرسول القاسم وابراهيم وبناته فاطمة وزينب ورقية وام كلثوم واحفاده صلي الله عليه وسلم علي وأمامة أبناء السيدة زينب والحسن والحسين ومحسن أم كلثوم وزينب أبناء السيدة فاطمة وكل أبناء وأحفاد الرسول والصحابة. و كم يأخذني الطموح إلي معرفة أسرار الكون التي جهلناها في الدنيا.

لسوف أطلب من الله أن تتكشف لي أسراره في خلقه من الجماد والحيوان والنبات والإنسان. لسوف أطلب أن أري كيف خلق الله آدم وحواء والطير والأسماك والسماء والأرض والمياه والهواء.

كيف خلق الشمس بكل هذا الوهج والضياء وكيف خلق القمر والنجوم والكواكب بهذا الجمال وكيف رفع السماء بلا أعمدة …. وكيف وكيف حتي استمتع بكل خلق الله …ماعلمناه وما جهلناه .. لكم تتملكني كل هذه المشاعر وتأخذتي إلي هناك ونحن في مأمن من أي شر ومن أي ظلم وفي مأمن من المرض ومن الهم ومن القلق والحزن والوحدة ومن الغربة والسفر والإضطهاد.

لكم هو رائع التفكير في الجنة وكيف تكون الحياة هناك بين زروع ومياه وأنهار من لبن وخمر لذة للشاربين. وكيف تكون الحياة هناك بلا حقد أو نميمة أو غيبة وبهتان وبلا منغصات أو شكاوي وبلا ديون وبلا هموم وبلا تظلمات وبلا برد وبلا حر وبلا حوادث طائرات أو قطارات أو سيارات. حياة بلا أعاصير وبلا براكين وبلا زلازل وبلا سجون وبلا مرتبات.

لكم تشتاق نفسي إلي هذه الحياة في الجنة أيما إشتياق. فلا تحدثني عن طموحات ومناصب وأحلام ومتاع الدنيا فهي زائلة ولكن حدثني عن الجنان وعن الأحبة هناك فهي الطموح والحلم الحقيقي وحلو الأمنيات.

اللهم إجعل لنا في الدنيا وسيلة تقربنا إليك وأجعل في حسن ظننا في وجهك الكريم سببا يدخلنا من أبواب جناتك وفي أي درجة ترضاها لنا هناك لنكون في معيتك ومعية كل من رضيت عنهم وقربتهم إليك. اللهم إذا كانت الدنيا قد أخذتنا منك فأنت تعلم أنها الدنيا وأننا نحاول وسنحاول قدر ما نستطيع أن تتغلب علي وساوس النفس والشيطان والناس لنكون من الذين رضيت عنهم برحمتك وبنايتهم الطيبة وبحسن ظنهم فيك وإليك وليس بأعمالهم.

نحن عبادك الضعفاء ولا نملك إلا حسن الظن فيك والشوق إلي رؤياك والحلم بالفوز بجنتك ورضاك.