جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 06:45 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب : «الكِنّدَآكة» تقود الثورة على أمواج النيلين !!

حين همست في أسماع الناس ،هتفوا وراءها وكأنهم عادوا إلي زمن حضارة كوش الأفريقية عام 25قبل الميلاد ، فها نحن في "الكنداكة" الجديدة تصول وتجول وسط الشباب والرجال والنساء ،بعد أنْ حصلت علي اللقب ،وأصبحت رمزاً وعلامة للثورة السودانية التي تجري أحداثها وسط بحور الدماء الطاهرة بالعاصمة الخرطوم،فهي ليست الملكة الحاكمة للسودان ،بل هي فتآه جميلة سمراء البشرة حملت علي عاتقها هموم شعبها،وتغنّت بكلمات الشعراء ، فصار صوتها الجميل يدوي أرجاء العاصمة ،فيرددهٌ الشباب رغم أنّها ليست بمطربة أو فنانة، فهي الحفيدة المولودة ة من مجموعة الملِكَات التي جاءت في نصوص قصة الإسكندرباللغة اليونانية ، الذين تصدوا لجبروت الملك المقدوني الملقب بذو القرنين ،فسارت علي خٌطي "الكنداكة" أماني ريناس،و أماني شكتو...وحتي لا يتوه منّا الطريق ،فالكنداكة هو لقب الملكات الحاكمات بمعني الزوجة الملكية الأولي في حضارة كوش الأفريقية القديمة ببلاد السودان والتي عرفت أيضاً بإسم الحضارة النوبية أرض السود أو السودان،ففي عام 170 قبل الميلاد ظهرت" الكنداكة شاناداختو"وهي تحمل الدروع والرماح اثناء المعركة، وكانت تملك موهبة خاصة في إثارة حماس المحتجين،ومن وقتها والسودانيون يطلقون لقب "الكنداكة" علي أي فتاة تنهج نهج الأجداد القدماء،فمنذ سقوط الرئيس السوداني عمر البشير ،وإنتصار حراك الشارع السوداني علي الطاغية الإخواني الذي نهب وسرق خيرات وطنه،ظهرت فتآة تدعي "آلاء صالح"في صور ومقاطع "فيديوهات" إنتشرت علي صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وهي تٌغني وسط جموع الشباب والرجال والنساء والأطفال ،وهي ترتدي زياً تقليدياً أبيض اللون ، وأقراطاً ذهبية كبيرة،تهز بصوتها الناعم جموع المتظاهرين المحتجين علي الظلم والفساد،فتحولت هذه الأيقونة إلي بطلة شعبية من الزمن القديم ،وأطلقوا عليها ألقاباً كثيرة من ضمنها "الكنداكة السودانية" وعروس النيل ..تبلغ آلاء صالح من العمر22 عاماً وهي طالبة تدرس الهندسة في جامعة السودان الدولية بالعاصمة، تبنّت مواقف معارضة وآراء نسوية ،سرعان ما إنتقلت شهرتها إلي كبريات الصحف العالمية بعد أنْ إنتشر الحديث عنها عبر تداول "فيديوهاتها" بعد أن إختارت هتافاتها من صميم التراث السوداني وظهرت في ملابس تقليدية كانت ترتديها الأمهات والجدات السودانيات في ستينات القرن الماضي، أثناء تظاهرٌهنَّ إحتجاجاً علي ديكاتورية حكام السودان السابقين،وفي هذه الأحوال الجارية علي الأراضي السمراء،وصف المغردون والنشطاء السياسيون آلاء صالح،بتمثال حرية السودان وإعتبروها أهم رموز الثورة المطالبات بحقوق المرأة،وقد تغنّت آلاء بقصيدة للشاعر السوداني الأسمر"أزهري محمد علي "جاء فيها:تمرق..تمرق تقيف في الضد..وتواجه الحكّام، الدين بيقول الزولإن شاف غلط مٌنكرما ينكتم يسكت يبقي الغلط ستين!..كوز السجم بيغرف في خيرنا وبتمتع نحن السقينا النيل من دمنا الفاير..ما ننكتم نسكت في وش عميل جاير..الخوف عديم الساس وأنا جدي ترهاقا حبوبتي كنداكة ..وأم در عروس النيل لابسة الرهط والحق مليان بخور ولبان ويزغرد نسوان للكل يوم عرسان..وأنا يمة دمي بيفورما بنكتم وأسكت..

ومازالت كنداكة العصر الحديث تدور وتَلف وسط وابل الرصاص وهي تحمل اللقب الجديد في تاريخ السودان ..

وكانت أول لقب كنداكة في التاريخ هي للملكة أماني ريناس الأولي وبحسب مؤرخين فقد ولدت فى العام 40 ق. م وتوفيت في عام 10 قبل الميلاد، وكانت زوجة للملك المروي تريتكاس وخلفته على العرش بعد وفاته وكانت أعظم الملكات فى تاريخ مملكة مروي العريقة، حيث قامت هذه الكنداكة بالتصدي لمملكة من أعظم الممالك آنذاك إذ أمرت جيشها بمهاجمة سيني << أسوان>>في عام 24 ق. م عندما قام الرومان بغزو مصر القديمة وإخضاعها لحكمهم ،مما أغضب ذلك الهجوم الرومان فأرسلوا حملة إنتقامية وصلت مملكة مروي والتي كانت تٌعد مدينة مقدسة ..اسفرت هذه الحرب عن عقد إتفاقية سلام لم يعد الرومان مطلقاً لمهاجمة المملكة الكوشية .

كانت أماني ريناس الزوجة الأولى للملك وأطلق عليها لقب الكنداكة بحسب ما جرت عليه العادة لكن اللقب في عهدها أصبح له معنى جديد هو "الملكة العظيمة " رمزاً للمرأة القوية والملكة العظيمة ..