جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 02:08 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
سرايا القدس تقصف جنود الاحتلال في محيط مجمع الشفاء متاحة قبل السفر بـ24 ساعة.. موعد حجز قطارات عيد الفطر الخارجية الفلسطينية تحذر من عدم تنفيذ إسرائيل لقرار مجلس الأمن بشأن غزة شوبير يكشف مفاجأة مدوية عن إمام عاشور ومباراة نهائي كأس عاصمة مصر هل صلاة التراويح تغنى عن التهجد في العشر الأواخر؟ تحذيرات عاجلة لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي بشأن امتحانات الترم الثاني 2024 مجاعة وشيكة في غزة ومنع قوافل الأونروا من دخول شمال القطاع التنمية المحلية تتابع تحسين مستوي الخدمات وتنفيذ مشروعات خدمية وتنموية بالمحافظات .. ”الدقهلية” ضبط ٨٨٦ كجم لحوم وكبده ودواجن مخالفة وغير صالحة بحملات تفتيشية بمراكز محافظة الشرقية رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارًا بترقية 75 عضو هيئة تدريس في 18 كلية التنمية المحلية تتابع تنفيذ ”مشروعك” وتوفير رؤوس الأموال وفرص عمل للشباب بالمحافظات .. ”اسيوط” مواصلة تفقد وكيل التعليم بدمياط لسير العملية التعليمية بمدارس دمياط الجديدة

د . عمر محمد الشريف يكتب: أستاذة العارفين”فاطمة النيسابورية”...

التجربة النسائية في التصوف لم تحظ بالاهتمام الكافي ولم تأخذ حقها في التدوين التاريخي، ورغم عدم ظهور مدارس صوفية نسائية أو طرق على غرار ما تركه المتصوفون الرجال، إلا أن للنساء دوراً كبيراً في التصوف رغم كل المعوقات المجتمعية والثقافية التي واجهنها، وعلى سبيل المثال لا الحصر الأسم الأبرز في تاريخ المتصوفات “رابعة العدوية” والتي تعد من الجيل الأول للمتصوفات، و"فاطمة النيسابورية" والتي سنتناول جزء من سيرتها في السطور التالية، وهي تعد من الجيل الثاني للمتصوفات.

سيدة كثيرة الزهد عظيمة الورع، كان تتمتع بشخصية قوية مستقلة وثقة بالنفس، فكان لها دور ملحوظ في الحياة الثقافية للنخبة المتصوفة في عصرها، ولدت العابدة العفيفة الناسكة فاطمة النيسابورية في خراسان، كانت ابنة لأمير مدينة "بلخ"، هجرت حياة الترف لتسلك طريق التصوف والزهد وطلب العلم، فتبحرت في العلوم الذوقية والدينية حتى أصبحت قبلة للمتصوفين الرجال الذين قصدوها وجاوروها للنهل من علمها ومعارفها القلبية.

ومن الذين نهلوا من علمها الصوفي المعروف أحمد بن الخضروية البلْخي، وقد كان متزوجاً بها، فكانت مرشدة له في أمور الدين والدنيا، وتعتبر "فاطمة النيسابورية" نموذجاً مغايراً لنموذج "رابعة العدوية" التي لم تتزوج وضربت على نفسها نوعاً من العزلة عن الحياة الأسرية.

درس على يدها العديد من أعلام التصوف في عصرها، منهم العارف بالله ذو النون المصري والذي قال لها ذات مرة: عظيني، وذلك عندما اجتمعا في بيت المقدس، فقالت له: "الزم الصدق وجاهد نفسك في أفعالك لأن الله تعالى قال‏: (‏فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم‏)سورة محمد‏ (21)‏".

ذو النون يعترف بمكانتها الرفيعة كعالمة صوفية وكمعلمة له، فعندما سأله أحدهم: ما أجلّ ما رأيت؟ قال: "أجلّ ما رأيت امرأة تعيش مجاورة فى مكة يقال لها فاطمة النيسابورية، وكانت تتكلم فى فهم القرآن وهى وليّة من أولياء اللَّه عز وجل، وهى أستاذتى". وعندما أهدته السيدة فاطمة هدية لم يقبلها لأنها امرأة، فكان يرى أنه من غير اللائق أن يقبل هدية من امرأة مهما كان قدرها، فأرسلت إليه تقول: "إن الصوفى الحقيقى لا ينظر إلا للعاطى الوهاب، فهو العاطى الأوحد، أما نحن فأسباب".

ومن كبار المتصوفة الذين جالسوا فاطمة النيسابورية، أبو يزيد البسطامي الخرساني، واعتادت أن تناظره في أمور المقامات والأحوال، وقد أثنى البسطامي على فاطمة النيسابورية بقوله: "مَا رأيت فِي عمري إلا رجلا وَامرأة، فالمرأة كانت فَاطمة النيسابورية مَا أخْبرتهَا عَن مقَام من المقامات إِلا وَكان الخبر لها عيَانًا".

ويروى أنه في يوم لاحظ فيه البسطامي الحناء بيديها وسألها عن سبب ذلك، فقالت له إنها كانت تجالسه لأنه لا يلحظ منها غير الروح وأنهما كانا بمثابة روحين يبحثان عن الحقيقة الإلهية، أما الآن وقد بدأ ينظر لها كامرأة ذات زينة ووجود دنيوي، فهذا ينفي الغرض من حلقات الذكر، ومن ثم امتنعت حيث ستسيطر النظرة الدنيوية على الأمور.

استقرت بمكة المكرمة، فكانت تجلس فى الحرم المكي ويتحلق حولها التلاميذ، ويجلس زوجها بجوارها، فينهلون من معارفها، وكانت كل دروسها عن القرآن وآياته، توفيت في مكة المكرمة عام ٢٢٣هـ، وكانت قد تجاوزت الثمانين من عمرها.

من أقوالها: ‏
-"من لم يراقب الله في كل حال، فإنه ينحدر في كل ميدان ويتكلم بكل لسان، ومن راقب الله في كل حال أخرسه إلا عن الصدق، وألزمه الحياء منه والإخلاص له."

-الصَّادق والمتقي اليوم في بحر يضطرب عليهِ أمواجه ويدعو ربه دُعَاء الغريق.

-من كان الله منه على بال أخرسَه إلا عن الصدق، وألزمه الحياء منه والإخلاص.