جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 03:37 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب: هاجر ”زهرة اللوتس ” وابنها النبى وحكاية وادى ابراهيم !

نستنشق في هذه الأيام، عَبَق التاريخ والاستعدادِ لأداء مناسكِ الحجِّ لبيت الله الحرام، فبعد أيام تتتوجه وفودُ الله إلى الحرمين الشريفين، مٌلبين، متوكلين على الرحمن، يحدوهم الإخلاصُ والإيمان، مستجيبين لنداءِ إبراهيمَ خليلِ الرحمن، الذي نادى قبلَ آلاف الأعوام، فأسمعَ من في الأصلاب والأرحام، قال تعالى : "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" ومن هنا نعود للوراء حين استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلة طويلة. وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما إسماعيل. وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد. وظل إبراهيم يسير وسط أرض مزروعة تأتي بعدها صحراء تجيء بعدها جبال. حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية، وقصد إبراهيم واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولا شراب. كان الوادي يخلو تماما من علامات الحياة. وصل إبراهيم إلى الوادي، وهبط من فوق ظهر دابته. وأنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار. أسرعت هاجر خلف سيدنا إبراهيم وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذي ليس فيه شيء؟

لم ينطق نبى الله بكلمة واحدة وظل يمشى. فكررت النداء وهى تقول له ما قالته ولكنَّ ابراهيم ظل صامتاً، وأخيرا فهمت هاجرأنّه لا يتصرف بهذه الصورة من تلقاء نفسه وأدركت أن الله أمره بذلك وسألته: هل الله أمرك بهذا؟ قال إبراهيم عليه السلام: نعم.

قالت الأميرة المؤمنة الصابرة : لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذى أمرك بهذا . وسار إبراهيم حتى أختفى عنها بين جبل ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله " رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ" ولم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، ولم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت هناك حكمة ربانية عليا في هذه التصرفات الغامضة والغريبة ، فقد كان إسماعيل الطفل الذي ترك مع أمه في هذا المكان، كان هذا الطفل هو الذي سيصير مسئولا ًمع والده عن بناء الكعبة فيما بعد. وكانت حكمة الله تقضى أن يمتد العمران إلى هذا الوادى، وأنْ يقام فيه بيت الله الذي نتجه جميعا إليه أثناء الصلاة .

ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء وعاد راجعا إلى رحلتهِ التى كلفهٌ الله بها. أرضعت أم إسماعيل ابنها وأحسّت بالعطش، كانت الشمس ملتهبة وحراراتها ساخنة وتثير الإحساس بالعطش... بعد يومين انتهى الماء تماما، وجفّ لبن َ الٌأم. وأحسّت هاجر وابنها اسماعيل بالعطش.. كان الطعام قد انتهى وفرغت قربة الماء التى تحملها وبدا الموقف صعباً للغاية. فكيف لسيدة وطفل انْ يتحملا الجوع والعطش فى ظل ظروف غير طبيعية يستحيل معها العيش ،إلاّ أنّ إيمان الأميرة المصرية هاجر، لم يجعلها تقنط أبداً من رحمة الله الواحد الأحد،وحين سمعت صراخ من العطش، حنَّ قلب الأٌم فتركته وانطلقت تبحث عن ماء. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا فصعدت إليه وراحت تبحث فيهما عن بئر أو إنسان أو قافلة. لم يكن هناك شيء . ونزلت مٌسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان الذى طالهٌ التعب المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه. ومرى اخرى تجرى إلى الصفا فوقفت عليه، وهروّلت إلى المروة فنظرت من فوقه، وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين،. عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث، وجلست بجوار ابنها الذي كان صوته قد بحّ من البكاء والعطش.

وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب الطفل إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئراً تفيض منهٌ الماء، وكان هذا البئر هو وسيلة الإنقاذ لحياة هاجر وإسماعيل، وكانت فرحة الأٌم تعم المكان، لدرجة قيامها "تغرف" بيدها الماء وهي تشكر الله. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة يوماً بعد يوم حين وصل حكاية البئر إلى الأسماع،و صدق ظن هاجر حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا.

وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة. وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان .

وإلى لقاء آخر نستكمل حكاية نبيين من أنبياء الله وأميرة مصرية أهداها فرعون مصر للسيدة سارة الزوجة الأولى لنبى الله إبراهيم فكانت المعجزات تتوالى فى ظل رحمة الله .

المراجع :

1- البداية والنهاية لابن كثير ج 1

2- تاريخ الطبرى " تاريخ الرسل والملوك"

3-الكامل فى التاريخ - ابن الأثير الجزري

4- قصص الانبياء للامام ابن كثير

[email protected]