جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 04:27 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نيفين عبيد تكتب : ألم الكلام

لم أعرف في حياتي ألم يئن له جسدي و من قبله فكري قبل ذاك الألم الذي أخذ يعصرني و يعصرني حتى كاد يمزق احشائي و يكسر اضلعي ، إنه ألم الكلام نعم ألم الكلام فهو ذلك الألم الذي تقبض له الروح و يسير في الجسد كنهر مسموم حاملا بلهيب البركان ، و يكاد يحترق له الوريد فينتشر في كل جزء و مكان من ذلك الجسد حتى يبدأ في استعماره ، و الاستيلاء على أجزائه ، قابضا على مركز قيادته الا و هو العقل فيبدأ يشغله بكلمات أصابها المرض و العبث ، كلمات امتلأت سيل من الوجع ، كلمات حملت في بطنها كل أوهام الزمن ، كلمات يابسة جافة محطمة مليئة و معبأة بالخزي من لفظها ، كلمات انصهر لها البركان و تآكلت الصخور، كلمات لا يحتمل البحر رفعها فوق امواجه ، كلمات إذ نطق بها الشيطان لاحترق بناره و فنى ، كلمات أذابت قارات ، ذلك الوجع و الألم و المرض التي قد يدفع به البعض من خلال تلفظهم بكلمات ، كلمات مؤلمة تحمل الكثير و الكثير من الألم بعضهم قاصدا و البعض أوهم نفسه انه لم يرى ما تقذفه من ألم ، عندم يدفع البعض بتلك الكلمات قد تقتلنا و تصيبنا بوجع و بألم ، تسوء له حالتنا ، قد يقتلنا ، قد يسرق مستقبلنا ، قد تنهار بسببه دنيانا ، قد نكره بسبب كلماته الحياة ، فننعزل عن العالم ، قد نكره كل ما يتعلق به ، لا تقذف بكلماتك و تعتذر ، لا تدفع ببعض الكلام و تهمس بالاعتذار ، لكل كلمة بحر من المعاني ، فلا تقتلني بها و تريد أن يدفع بك قاضي الحياء بالبراءة ، توسم و تنعم و تذوق كل كلمة حتى لا تهين و لا تسرق روح أحدهما بكلمة ، حتى لا ترمق و تبخس أحدهما كلمة ، لا توصف نفسك بكلمة لست عليها ، حتى لا يحبك لأجلها أحدا ، حتى لا يتقربك أحد ، لا تقول انك طيب و انت تحمل في قلبك سرة من الكره ، لا توصف نفسك بأمين و انت سارق خسيس ، لا توصف نفسك نقيا و انت نجسا رديا، نعم انه ألم الكلام ، ذلك الألم الذي يذبحني و يمرضني ، و يسيئني ، ذلك الوجع الذي يأكل مني ، و يموت له شبابي و انوثتي ، ذلك الألم الذي يأكل مني حتى كاد ينهش عظامي ، و يحفر قبري ، أعاني مثل الكثير و الكثير غيري من ألم الكلام ، تخيروا الكلام فمنه ما هو دواء كما أن منه ما هو داء ، منه ما يرفع منا ، و منه ما يحفر قبورنا ، منهما يمنحنا الحياة و يسعدنا كما أن منه ما يسرق الحياة منا و ما يدفعنا داخل قبورنا ، ،،، نعم انه الكلام ،، فتخيروه ،،، و للحديث بقية لم تنتهي بعد ،،،،،،