جريدة الديار
الثلاثاء 7 مايو 2024 04:08 مـ 28 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حسام السيسي يكتب: سد النهضة أزمة وجودية أكبر من مقدرة المصريين على تحملها.

تكمن أهم مشكلات  سد النهضة الإثيوبي بعد سنوات من المفاوضات العبثيةأن الدولة المصرية في أزمة حقيقية، ف السد ليس صراعا علي قطعة أرض حدودية، أو علي سلطة شرعية أو غير شرعية، ولا حقل غاز، ولا حتي فكرة سيادة إنه كاشف لأزمة وجودية .. 
وربما كاشفه لبداية نظام عالمي جديد في فلسفة ادارة المياه والتأكيد أكبر من قدرة المصريين بغض النظر عن من يحكمهم، علي تحمل نتائج استحواذ أو تحكم أثيوبيا علي كامل المياة. 

طريقة معالجة القاهرة للموضوع منذ بداياته عليها
 الكثير من علامات الاستفهام ،بل منذ تراجعت الدولة عن دورها الأفريقي بشكل عام .
 ف أنا والكثيرين غيري لم نقتنع ب موقف مصر عموما في نظرتها العامة لحوض النيل كوحدة موضوعية فرضتها الطبيعة  التي تعلو علي اللغة والعرقية والدين  ولكن رأينا هذا لن يقدم  أو يؤخر في طبيعة الأزمة ، التي فرضها الواقع علي هذا الجيل، أن تنشأ في حياته، وأن تحسم أيضا بناء علي الكيفية التي سيتعامل بها مع هذه القضية  هي ليست مجرد ملف، حتي لا نستسهل التعبيرات. 
 . ف أزمة سد النهضة لن يصلح معه الخطاب الملون  متفائل  متشائم  وطني  عميل دولجي ثوري  لأنه قضية خارج تلك السياقات السياسية، فسواء كنا تحت حكم ثوري أو أخر محافظ، فالتحدي واحد.. فالمؤكد أننا إزاء تغير ما سيحدث، والمؤكد أن مصر الأمس ليست هي مصر الغد والمؤكد أيضا أن أمامنا نصف قرن علي الأقل لكي نتكيف مع المتغيرات التي تقترب منا يوما بعد يوم..

ولقد وضعتنا سياسة التفاوض غير معلوم الهدف في تحد حاسم، وعلينا أن نقرر مواقفنا في غضون أيام معدودة وهي لن تتعدي سيناريوهات ثلاث

- اولها القبول  بمليء السد وقبول فكرة أن النهر ليس نهرا بل بحيرة أثيوبية وحينها سنبحث عن مصادر أخري للمياه ونعيد النظر في السياسات الزراعية بشكل عام 

- وثانيها أن  نتمسك بنظرية أنه نهر متعدي الحدود ، وبالتالي سيفرض علينا اعادة النظر في كافة الاتفاقيات المبرمة، مع اعادة ترتيب الحصص  وهذا أمر ترفضه اثيوبيا ، ففكرة الحصص يبدو أنها غير مقتنعة بها
 - وأخيرا هو الحل العسكري  وعلينا تحمل نتائجه، ومؤكد أن هذا الحل  هو الأقرب حتي اللحظة.

 
  ومن المتحمل أن يزيد من تعقيد المشكلة،ولكن ربما تفكر مصر بطريقة تعميم المشكلات،بمعني بدلا من أن نعاني بمفردنا، نصدر المعاناة الي الجميع،علي طريقة الأرض المحروقةوهذا أسوأ الحلول ولكنه الأقرب للتنفيذ إذا أرادنا أن نخرج ورطة واحتمال اختناق شعبي محتمل في غضون سنوات قادمة.

.. الغريب في الأمر أن الموقف الاثيوبي يمتلك ثباتا أكبر من قدراته وخبراته السياسية بمعني أنه مدعوم جيدا وبصفة خاصة من ذلك التوجه الجديد من أنصار نظرية تسليع المياه  والموقف المصري ضعيف لدرجة أنه قد يفكر بطريقة عصبية انفعالية ويدخل في صدام، مباشر أو غير مباشر..

. ونخلص هنا إلى : قد لا نكون نمتلك تصورات واضحة لأن الموقف فعلا ضبابي الي اقصي مدي. وما طالعته  من قراءات مختلفة تشير الي أن القضية أكبر من صراع ثنائي مصري / إثيوبي ولكن أخطر ما أراه من معلومات تتناثر هنا وهناك، هو محاول تحميل أطراف ما مسئولية ما حدث، حتي لو كان هناك من هو مسئول عن هذا الموقف المصري الراهن،فالقضية الآن أصبحت متخطية الصراع الداخلي المصري فلسنا في مرحلة تبادل اتهامات، بل في مرحلة انتاج قرار يوفر حياة آمنة للأجيال القادمة ويحفظ للدولة المصرية مقومات البقاء.