سهولة البيع والعائد المجزي.. المدن الصناعية تشجع المزارعين على التوسع في المحاصيل الإستراتيجية

تتعدى فائدة المدن الصناعية الجديدة فكرة تعميق المنتج المحلي، وتوفير بدائل محلية للمستورد، والعمل على زيادة الإنتاج، وأصبحت وسيلة بديلة للاستثمار الزراعي المباشر، وبذلك أصبحت سببا رئيسيا في إعادة المزارعين للاهتمام بالمحاصيل الإستراتيجية، والتي كان يعاني المزارع في بيعها ولا يستطيع في بعض الأحيان توفير هامش ربح منها، ويقول في الكثير من الأوقات إنها لا تعود عليه بالنفع.

الصناعات الحديثة، وخاصة التوسع في الصناعات الغذائية والمنسوجات، أعادت المزارعين إلى التوسع في المحاصيل الإستراتيجية، وهو الأمر الذي دفع الحكومة إلى تمويل المحاصيل الإستراتيجية بأكثر من 6 مليارات جنيه سنويا بفائدة ميسرة 5%، كما أن الدولة تتحمل دعما بواقع 7%، بما يعادل أكثر من 500 مليون جنيه سنويا، ليستفيد من هذا التمويل نحو 600 ألف مزارع وفلاح.

الأغذية المصنعة من الحاصلات الزراعية

في هذا الأمر، قال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي: إن المدن الصناعية تدعم الإنتاج الزراعي، خاصة في ظل تنامي الاهتمام بالصناعات الغذائية المرتبطة بالإنتاج الزراعي، حيث تخصص جزء من المجمعات الجديدة لنشاط الأغذية المصنعة من الحاصلات الزراعية.

وأشار الشافعي، في تصريح خاص لـ "الديار"، إلى أن المجمعات الصناعية الجديدة تهدف لتوطين الصناعات المختلفة، ومنها الأغذية والتي أثرت إيجابيا على الحاصلات الزراعية خاصة الإستراتيجية، لذلك التوسع في إنشاء المجمعات الآن يجري على قدم وساق من الدولة، حيث تم تدشين 4 ألاف وحدة صناعية جديدة في المحافظات المختلفة.

وتابع الخبير الاقتصادي: المصانع الجديدة موزعة على 12 محافظة أغلبها يقع في الصعيد من أجل زيادة حركة التصنيع بمحافظات الصعيد، واستغلال الميزات النسبية في كافة محافظات الصعيد، حيث يتم تدشين 9 مجمعات صناعية جديدة بالصعيد.

وأكمل: إن مصر تعمل على توطين الصناعة الوطنية للوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار، ومحور التصنيع الغذائي يعتبر وسيلة رئيسية لتحقيق مستهدف الصادرات، وهذا جاء بالتوازي مع العمل على عدد من الملفات منها مبادرة تحفيز الشراء المحلي للمنتجات الوطنية.

وأوضح، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كثيرا ما تطرق إلى تشجيع المنتج المحلي في السوق المصري، وتفضيل المنتجات المحلية في كافة المشروعات، إذ أن هناك مساعٍ لتشجيع الصناعات المختلفة للترويج لمنتجاتها بجانب مبادرات دعم القطاعات الصناعية تمويليا، فجاءت أزمة كورونا تدعم هذا التوجه.

أزمة في الغذاء بسبب التغيرات المناخية

فيما، أكد أحمد جمال الزيات الخبير الاقتصادي وعضو لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن العالم يشهد أزمة في الغذاء بسبب التغيرات المناخية ووباء كوفيد ١٩ وارتفاع تكاليف الطاقة والشحن، مما دفع إلى زيادة نسب التضخم في المنتجات الغذائية.

وتابع الزيات: إن مصر لديها خطة طموحة من أجل زيادة المساحة الزراعية عبر مشروع المليون ونصف مليون فدان، والتوسع في إنشاء المدن الصناعية، وتوفير الخدمات اللوجستية لبناء مصانع التعبئة والتغليف للمحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى استهداف الأسواق الأجنبية وعدم التركيز على السوق المحلي فقط، مما يشجع المزارعين على التوسع في زيادة الإنتاج.

تزايد المساحة الزراعية

وأيده في الرأي، الدكتور محمد كيلاني أستاذ الاقتصاد الدولي، متابعا: لا شك أن هناك توسع رأسي وأفقي في بعض الصناعات خاصة التي تعتمد بشكل رئيسي على توسع كبير في مدخلات عناصر الإنتاج.

وأوضح كيلاني، نجد أن المساحة الزراعية في مصر ارتفعت في الفترة الأخيرة نتيجة للتوسع في استصلاح الأراضي وتحويل بعض المساحات من أراضي غير منزرعة أو مالحة إلى أراضي منتجة، وليست المشكلة هنا بل في نوعية الزراعة المستهدفة والمدى في استخدامها كمدخل في صناعة وطنية غذائية من عدمه.

وأشار إلى أن الأهم من ذلك هو مدخل الإنتاج نفسه فلا يمكن ولا يعقل أن تكون الصناعة في مصر ويتم استيراد المدخل لها، لذلك كان من اللازم أن يكون هناك توسع نوعي في الزراعة، خاصة المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والذرة.

زيادة المردود الاقتصادي للمنتجات الزراعية

ومن جانبه، أشار حسين عبدالرحمن أبوصدام نقيب الفلاحين، إلى أن توجه الدولة نحو المزيد من التصنيع الزراعي يساهم في زيادة المردود الاقتصادي للمنتجات الزراعية وينعش القطاع الزراعي، لافتا إلى أن التصنيع الزراعي يضيف قيمة اقتصادية إلى المنتج الزراعي.

وأضاف أبوصدام: إن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة تصنيع المنتجات الزراعية يهدف إلى تحسين معيشة الفلاحين، وزيادة العائد الاقتصادي للمزارعين، وتقليل أسعار المنتجات الزراعية بتوفير البدائل المناسبة في وقت الأزمات، مشددا أن تصدير المنتج الزراعي مُصنع يضاعف العوائد الاقتصادية للدولة، وينشط القطاع الزراعي.

نقلا عن العدد الورقي...