جريدة الديار
الخميس 25 ديسمبر 2025 01:16 مـ 6 رجب 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«مصر» تتعهد بوقف إستخدام الفحم في إنتاج الكهرباء والأسمنت في قمة المناخ

قمة المناخ
قمة المناخ

على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، تعهدت مصر، الخميس الماضي، ضمن 23 دولة، بوقف استخدام الفحم في قطاع إنتاج الكهرباء. 

وفي البداية يقول الباحث في وحدة العدالة البيئية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد يونس،أن مصر لا تنتج الكهرباء باستخدام الفحم، إلا أنه اعتبر أن مثل هذا التعهد هو خطوة جيدة تضع مصر في مصاف الدول التي تكافح تغير المناخ عالميًا، وبالتالي يعد فرصة جيدة للحصول على تمويل لمشاريع خضراء صديقة للبيئة أو للبنية التحتية اللازمة لتلك المشاريع.

وفيما أوضح يونس أنه ضمن استراتيجية 2030، الصادرة في 2016، تراجعت مصر عن استخدام الفحم لإنتاج الكهرباء، لصالح مصادر طاقة متنوعة، مثل الغاز الطبيعي. أوضح  أن «الفحم ينتج ضعف انبعاثات ثانى أكسيد الكربون للغاز الطبيعي، كما أنه ينتج رماد يحتوي على مكونات خطيرة مثل الزرنيخ، والتي لها أضرار خطيرة على صحة الإنسان وعلى الزراعات، ويساهم في تغير المناخ والاحترار العالمي».

ويشير يونس الي  وقف مصر استخدام الفحم في صناعة اﻷسمنت، مضيفًا أن بدء استخدامه كان بسبب انخفاض تلكفته، وعدم وجود خيارات أخرى أمام الحكومة، أما الآن «فالفرصة ذهبية أمام مصر إذا كانت بالفعل ترغب في المساهمة في حماية البيئة ووقف التغيرات المناخية، أن تتخلص من استخدام الفحم في كل الصناعات، في ظل الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، كمصدر أنظف بكتير من الفحم». 

وكانت الحكومة سمحت، في 2014، لشركات الأسمنت باستخدام الفحم، على خلفية شح الغاز الطبيعي وقتها، والذي كان يوفر كأولوية لتوليد الكهرباء، في مواجهة معارضة كبيرة للقرار تجسدت في حملة «مصريون ضد الفحم»، التي ضمت خبراء وأكاديميين ومهتمين بشؤون البيئة، كما ضمت المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية التنمية الصحية والبيئية، وجمعية المحافظة على البيئة في البحر الأحمر. وذلك فضًلًا عن إعلان وزيرة البيئة وقتها، ليلى إسكندر، معارضتها للقرار بدورها، بعكس الموقف الرسمي لحكومتها.

البدائل وتكلفتها

على الجانب اﻵخر، ومن وجهة نظر المستثمرين، فالتحول عن الفحم ممكن، فقط في حال قررت الدولة خفض أسعار بدائله، وعلى رأسها الغاز الطبيعي، كما يرى أحمد عبد الحميد رئيس غرفة مواد البناء.

أوضح عبد الحميد أنه «من الممكن إقناع شركات الأسمنت بالتحول عن استخدام الفحم لأن الأمر من الناحية التقنية سهل، لكن في المقابل، الدولة مسؤولة عن تعديل نظام تسعير الغاز الطبيعي للمصانع باعتباره أهم بديل للفحم، بحيث تضمن للمستثمرين ألا تتكسب من وراء بيع الغاز الطبيعي للمصانع، بل تتيحه فقط بسعر التكلفة وبحيث تحصل عليه شركات الأسمنت [كإحدى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة] بنفس السعر الذي تحصل عليه بقية الصناعات غير كثيفة الاستهلاك للطاقة»، مستندًا في هذا السياق إلى انخفاض تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي في مصر كونه موردًا محليًا. 

وكان رئيس الوزراء أعلن في يناير الماضي تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي.

فيما يرى عبد الحميد أن السعر الحالي الذي توفر به الدولة الغاز الطبيعي للمستثمرين قد يمثل ما يقرب من ضعف تكلفة الإنتاج. 
وكانت الجريدة الرسمية نشرت قبل ما يزيد على أسبوع قرار رئيس الوزراء برفع سعر الغاز الطبيعي للمصانع: من 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية إلى 5.75 دولار بالنسبة للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، و4.75 دولار بالنسبة لبقية المصانع.

وذلك في أول قرار تحريك لأسعار الغاز الطبيعي للمصانع منذ قرار تخفيض سعر الغاز الطبيعي للمصانع في مارس من العام الماضي ضمن حزمة من القرارات كانت تستهدف دعم القطاع الخاص في مواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا. 

وعلى العكس، يرى محمد يونس أن الحل هو في توسع الدولة في دعم برامج إدارة كفاءة الطاقة في مصر، موضحًا أن «قطاع الأسمنت هو قطاع غير كفء في استخدام الطاقة، ويفتقر لبرامج ترشيد استخدام الطاقة»،على حد قوله، مقدرًا الطاقة المهدرة في هذا القطاع بنحو 27%.

كما يرى يونس أن مصر تدعم الغاز الطبيعي للمصانع كونها لا تربط سعره بالتقلبات في السوق العالمي.

من ناحية أخرى، قال عبد الحميد إن «التخلي عن الفحم قد يكون خيارًا مناسبًا حاليًا بسبب ارتفاع أسعاره في السوق العالمي من 130 دولارًا وقت بدء استخدامه عام 2014 إلى 270 دولارًا للطن حاليًا».

وينحصر استخدام الفحم صناعيًا حاليًا في صناعة الأسمنت، تبعًا لعبد الحميد، لـ«أسباب تتعلق بقدرة صناعة الأسمنت على تعديل خطوط إنتاجها للعمل بالفحم حين كانت في حاجة إلى ذلك بعكس بقية الصناعات التي كانت تعمل بالغاز وقت دخول الفحم، ولأسباب تقنية، لم يكن بإمكانها تعديل خطوط إنتاجها»، حسبما أوضح، مضيفًا: «صناعة الأسمنت في الوقت الحالي لا تعتمد كلية على الفحم، بعض المصانع تعتمد على الفحم فقط، والبعض الأخر يعتمد على مزيج من الطاقة يتضمن كل أو أحد سلة مصادر الطاقة التي تشمل الفحم والغاز الطبيعي والكهرباء والمخلفات».

هل تلعب الضرائب دورًا في الحل؟
بعكس الغاز الطبيعي، تعتمد مصر في توفير استخداماتها من الفحم في الصناعة على الاستيراد، دون أن توفره الحكومة، بل تعتمد الشركات على نفسها في استيراده. ويعني ذلك أن التحول عن استخدامه في الصناعة لا يصطدم بمصالح شركات محلية تعمل في استخراجه كما حدث في دول أخرى منتجة للفحم كالولايات المتحدة والصين والهند على سبيل المثال، كما يوضح صندوق النقد في تقرير يعود للعام الماضي. وفي المقابل، يرى الصندوق إمكانية استخدام سياسات مالية أخرى لتشجيع الشركات على التحول عن استخدام الفحم من ضمنها ما يعرف بـ«ضرائب الكربون». 

وفي هذا السياق، نفى مسؤول سابق في مصلحة الضرائب، طلب عدم ذكر اسمه، طرح فرض «ضريبة كربون» أو أي ضريبة بيئية وقت بدء العمل بالفحم في مصر عام 2014. 

وأوضح قائلًا: «فرض الضرائب البيئية على الصناعات الملوثة للبيئة عمومًا ينطلق من أن تكلفة هذا التلوث، وبالذات على صعيد تدهور صحة الناس، هي تكلفة يفترض أن تتحملها الدولة في صورة تكلفة إضافية للإنفاق العام على الصحة مثلًا، ومن الطبيعي إذن أن تسدد تلك الصناعات جانبًا من فاتورة الأضرار التي تسببت فيها بالذات على صعيد الصحة العامة».

من جانبه، يدعم يونس هذا التوجه قائلًا: «مصر تستطيع التوقف عن استخدام الفحم تمامًا في عامين أو خمسة أعوام، عبر سياسات متبعة في دول كثيرة في العالم، مثل فرض ضرائب الكربون على الصناعات التي تستخدم الفحم، ومنع البنوك من تمويل المشاريع التي تستخدم الفحم، وتمويل مشاريع صديقة أكثر للبيئة في المقابل».