جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 07:40 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

العلاج عن بعد .. مافيا طبية تعبث بحياة المرضى

العلاج عن بعد
العلاج عن بعد


أخطاء بالتشخيص .. ابتزاز مالي .. انتحال صفة
نقابة الأطباء : أغلب تلك التطبيقات لا تتأكد من شهادات الأطباء
الجبالي: بعض التطبيقات يستخدمها منتحلو صفة الأطباء
الخضري : التطبيقات تنتهك السرية وتمتلك ملفاً كاملاً عن المريض
الحناوي : أخطاء العلاج عن بعد تصل للشلل والعجز الكلي
جاب الله : تحرى الدقة والمصداقيه اخر أهداف تلك الكيانات
عبد الحليم : التربح هدف البعض ولو على حساب المريض

تحقيق – محمود الطقش
باتت الحياة التقنية تفرض نفسها علينا يوماً بعد يوم لدرجة أننا أصبحنا لا نستطيع الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال لأنها أصبحت جزءا من حياتنا في تعاملاتنا اليومية .. عفواً تعاملاتنا اللحظية.
من منا يمكنه الاستغناء عن الهاتف المحمول وما يتبعه من تطبيقات متعددة، لدرجة دعتنا لإدارة أموالنا بالبنوك بمختلف أنحاء العالم بضغطة زر عبر الهاتف، والتواصل مع أي شخص حول العالم صوت وصورة بتطبيق مجاني لا يستلزم سوى ضغطة زر أيضا، فحياتنا باتت رهينة التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي لا نعلم إلى أي مدى ستؤدي بنا.
نحن لسنا ضد التقدم ولا مواكبة الحياة العصرية والمستجدات العالمية وحياة الرقمنة المتلاحقة، بل نطالب بتعزيز الرقابة على شبح ذلك التطور الذي أصبح منتهكاً لخصوصيتنا ومطلعاً على أسرارنا الشخصية.
ما دعانا لفتح هذا الملف هو كمية المخالفات والتجاوزات التي رصدتها الأجهزة الأمنية والرقابية حول ما يسمى بـ"العلاج عن بعد"، بعدما ثبت بالدليل القاطع انتحال العديد من الأشخاص لصفة طبيب والعمل في مجال الطب عبر الأثير.
الأدهى من ذلك أن أسرار المرضى وملفاتهم الطبية أصبحت في أيادي غير أمينة ومجهولي الهوية الحقيقية، فضلاً عن عدم تقييم المستوى التعليمى بشكل مستمر لهؤلاء الأطباء، ومن ثم تنتج عن وصفاتهم اليومية العديد من الأخطاء الطبية التي يمكن أن تودي بحياة المرضى.
وفي إطار التداعيات التي خلفها لنا فيروس "كورونا" أصبحت غالبية دول العالم تتجه لتطبيق العلاج عن بعد، وتماشياً مع التطور العالمي اتجهت مصر لتطبيق تلك الطريقة ولكن للأسف دون تطبيق الرقابة الكاملة على تلك الكيانات التي باتت بحاجة ماسة لتعزيز آليات الرقابة عليها.
وبالرغم من تنظيم مؤتمرات لشرح أهمية وآليات تنفيذ العلاج عن بعد، إلا أن هناك جدل ما بين مؤيد ومعارض لهذا النظام لما يحدث فيه من ثغرات قد تودى بحياة المرضى.
ابتزاز مالي
جاء ذلك بعد إعلان نقابة الأطباء فى بيانها التى نشرته مؤخراً على صفحتها الرسمية والذى أوضحت فيه أنها تلقت العديد من شكاوى الأطباء من تعامل وسائل الدعاية التجارية للمنشآت الطبية سواء كانت عيادات أو مراكز طبية.
وأبدى الأطباء استياءهم من الإبتزاز المالي الذي يتعرضون له من قبل القائمين على هذه الدعاية وأضافت الأطباء أنه مع طغيان الطابع المادي لمثل هذه الوسائل والتطبيقات أصبحت لا تتحرى التأكد من مؤهلات وتخصصات المتعاملين معها مما يعرض المريض للخطر وطلب الأطباء من النقابة إتخاذ موقف من مثل هذه الممارسات.
وأكدت النقابة على رفضها لهذه الوسائل من الدعاية التى تربط الأطباء بالمرضي ولا تتحرى المهنية ولا تحرص على مصالح المرضى مقتصرة أهدافها على الربح المالي فقط .
كما طالبت النقابة بصدور اللائحة التنفيذية لقانون 206 لسنة 2017 بشأن تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية حتى يتم تطبيق القانون.
أسرار المرضى
أكد الدكتور أحمد الجبالي أستاذ المخ والأعصاب بجامعة المنصورة أن مشروع التطبيب عن بعد يعد نقلة نوعية للطب المصرى الحديث وتحول غير مسبوق فى مصر لا بد من دعمه
ولفت إلى أن بعض التطبيقات الاعلانيه تعد بمثابة إحدى مشاريع إفشال المنظومة الطبية التى لا بد من التصدى لها حيث أنها تعطى الفرصة لضعاف النفوس لابتزاز الأطباء مالياً من خلال المعلومات التى يمتلكونها الخاصة بالمرضى والداتا التى تكون لديهم على تطبيقاتهم وهي بمثابة أسرار المرضى التي لا يمكن التلاعب بها.
وأضاف الجبالي أن خطورة التطبيقات الإعلانية تكمن فى امتلاكها لبيانات بعض الأطباء والتعاقد معهم دون التأكد من هويتهم ومؤهلاتهم العلمية ودرجة علمهم كما أنهم يتجاهلون التأكد من ترخيص المنشآت الطبية الخاصة بهم والتى تكون تابعة لوزارة الصحة ولهم الحق فى ممارسة المهنة داخل تلك المنشآت.
وتابع : يمثل ذلك خطورة على حياة المرضى الذين يذهبون من خلال تلك التطبيقات التى يمكن أن يستخدمها أشخاصا من منتحلى صفة الطبيب للعلاج بهدف كسب الأموال والتربح من ذلك وهو ما يمكن أن يتسبب في أخطاء طبية يمكن أن تودى بحياة المرضى.
صعوبة التشخيص
وعن صعوبة التشخيص من خلال التطبيقات المستخدمة فى العلاج عن بعد، أوضح الدكتور أحمد صلاح الخضرى أستاذ الجراحة العامة بجامعة عين شمس أن صعوبة التشخيص ترجع إلى عدم رؤية الطبيب للمريض .
وأشار إلى أن هناك بعض الحالات والأعراض لا يمكن الكشف عنها عن بعد، ولابد من الكشف على الحالة بشكل مباشر من قبل الطبيب على الرغم من تطور التكنولوجيا ومع إمكانية رؤية الطبيب للمريض من خلال بعض الأجهزة عالية الجودة إلا أنه لا تزال بعض الحالات يصعب على الطبيب تشخيصها من خلال أجهزة التطبيب عن بعد مما يعيقه فى الكشف على المريض ويعيق المريض فى علاجه وعدم تشخيصه جيدآ.

وأردف الخضرى بأن بعض المرضي قد يكون لديهم تحفظات فى بعض ما يعانون منه من أمراض فيكون لديهم قلق بخصوص السرية حيث أن التطبيقات تمتلك ملفاً كاملاً للمريض والأعراض التى يعاني منها مما يسبب القلق له بشأن المعلومات التى تمتلكها تلك شركات الدعاية مما يسبب له الحرج فى بعض الأوقات حيث أنه يوجد مرضي يعانون من أعراض فى مناطق حساسة بالجسد ولا يريدون أن يفصحوا عنه لأحد سوى الطبيب المعالج مما يتسبب فى مشاكل مع بعض الشركات.
خبرات متراجعة
وقالت الدكتورة إيناس عبد الحليم عضو لجنة الصحة بمجلس النواب إن خطورة التطبيب عن بعد ينتج عن التشخيص الخاطئ للمريض من خلال عرضه على غير التخصص من خلال التطبيقات الاعلانية التى يكون شغلها الشاغل هو التربح والكسب لا حياة المريض والمحافظة على صحته.
وأضافت أن التطبيقات لها دور كبير فى استغلال المنظومة الطبية الحديثة ومحاولة السيطرة والهيمنة عليها وأن حياة المرضى تكون بين أيديهم حيال تشخيصهم الخاطئ واستغلالهم نتيجة عرضهم على الأقل كفاءة من الأطباء أو من منتجلى صفة الطبيب دون الوقوف على التراخيص اللازمة للعيادات أو التأكد من وجودها.
وأوضحت أن خدمات الرعاية الصحية التي يتم تقديمها عن بعد يتم ترخيصها بشكل قانوني يحمي حقوق الأطباء والمرضى، مشيرة إلى أنه يجب على المريض التأكد من هوية الطبيب الذى يذهب إليه ويتعامل معه من خلال سؤال العديد من الاشخاص أهل الثقة قبل التعامل.
مافيا طبية
وقال الدكتور محمد الحناوى عضو الجمعية السويسرية لجراحات العمود الفقرى أن المخاطر التى تواجه المريض ناتجة من الاستخدام الخاطئ للتطبيب عن بعد من بعض شركات الدعاية التى تستغل المريض بغرض توجيهه لغير المتخصصين مما يعمل على وجود ما يسمي بالمافيا الطبية التى تدفع الأموال لجلب العديد من المرضي على حساب المريض دون النظر إلى الأعراض التى يعاني منها لأجل كسب الأموال.
وأضاف الحناوى أن خدمة العلاج عن بعد تواجه مخاطر عدة لا بد من التصدى لها وهى تعطى الفرصة لغير المتخصصين بمواكبة المهنة وهذا ما حدث خلال الشهور الماضية خاصة فى تخصص العظام حيث انتحل العديد من الاشخاص مهنة الطبيب للعلاج بالنار او بغيره مما تسبب فى مخاطر كثيرة لبعض المرضي قد تصل إلى الإصابة بالشلل والعجز الكلي وهذا ما سيستخدمه بعض الشركات الدعائية فى اعتمادها على غير التخصص.
وأشار الحناوى الى أنه على الرغم من أهمية التطبيب عن بعد إلا أنه أتاح الفرصة للعديد من الأشخاص والشركات من غير ذوى التخصص بممارسة طرق احتيالية للتربح منها مما يسبب ضرراً كبيراً للمرضى والأطباء مما يعرض حياة المريض للخطر نتيجة التشخيص الخاطئ الذى قد يودى بحياة المريض وينعكس عليه بالسلب.
وقال الدكتور خالد جاب الله استشارى جراحة الأورام أن مرضى الأورام لابد من التعامل معهم بحذر حيث أنهم الأكثر خطورة من جهة التشخيص حيث يحتاجون إلي دقة لمعرفة نوع الورم وما إذا كان حميداً من خبيث كما أنه من الممكن أن يعاني مريض الأورام من أكثر من مرض لذا يحتاج إلى التعامل بحرص شديد وتشخيص جيد.
وأوضح أن أغلب التطبيقات الاعلانية لا تتحرى الدقة والمصداقية فى التعامل مع مثل هؤلاء المرضي فى تشخيصهم و عرضهم على الطبيب المختص، وهو ما يسهم بدوره في أخطاء طبية ومضاعفات صحية للمرضى.
واشار جاب الله إلى أن مرضي الأورام يصعب تشخيصهم فى الوقت الحالى عن بعد لأنهم يحتاجون إلى العديد من الفحوصات الطبية ولا بد من رؤية المريض وجها لوجه وفحصه جيداً للكشف عن الأعراض التى يعاني منها.