جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 05:30 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

كوكب الصين.. ”أمنية اللحوم” تحول ”شيبادونج” من الفقر إلى الرخاء

الرئيس الصيني في اجتماع مع الفقراء
الرئيس الصيني في اجتماع مع الفقراء

"أمنيتي الأكبر هي تمكين القرويين من تناول اللحوم وتناولها دائماً"، مقولة أطلقها الرئيس شي جين بينج عندما انضم للحزب الشيوعي الصيني.

وكانت هذه المقولة السبب الرئيسي في تحول قرية شيبادونغ النائية الواقعة في جنوب الصين إلى مقصد سياحي عالمي، بفضل حملة التخفيف من حدة الفقر، التي أطلقها شي.

الرئيس شي جين بينج فضّل حياة القرويين على المعيشة العصرية، والبداية كانت عندما ولد في يونيو/حزيران عام 1953 في عائلة ثورية، وعندما بلغ سن 15 عاماً، غادر بكين متوجها إلى قرية تسمى ليانغجياخه في الجزء القاحل من المناطق الشمالية بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين، حاملا معه حقيبة خياطة صغيرة مطرزة برموز صينية تعني "قلب الأم"، صنعتها له والدته تشي شين.

وقضى شي بعد ذلك سبع سنوات في الريف، حيث كان يعمل ويعيش جنبا إلى جنب مع المزارعين، وعند استذكاره السنوات التي قضاها في ليانغجياخه، وصف شي نفسه بأنه مزارع، حيث كان منفصلا عن عائلته، ونام في مساكن كهفية، وعانى من لدغ البراغيث، وعمل بجد مثل زملائه القرويين للعناية بالمحاصيل وتربية الماشية وحمل السماد ونقل الفحم.

وانضم شي بعد ذلك إلى الحزب الشيوعي الصيني هناك، وأصبح فيما بعد رئيسا لفرع الحزب في القرية، ما مثل بداية حياته السياسية.

وأشار شي إلى أن أمنيته الأكبر حينذاك كانت "تمكين القرويين من تناول اللحوم وتناولها دائما"، فقاد أهالي قريته إلى حفر الآبار وبناء السدود والحقول المدرجة على التلال إضافة إلى إنشاء أول خزان لتوليد غاز الميثان في المقاطعة.

وحملت هذه التجربة الكثير من المعاني بالنسبة لشي، وتحدث عنها مرارا حتى بعد أن تولى مقاليد الحكم في البلاد.

تقع قرية شيبادونغ في المناطق النائية لجبال وولينغ، على الرغم من أنها تحتوي على مناظر ساحرة، إلا أنها كانت قرية فقيرة نموذجية في الماضي بسبب موقعها البعيد والمجهول ونصيب الفرد الصغير من الأراضي الصالحة للزراعة، ما أدى إلى فقر سكان القرية الذين يعيشون تحت خط الفقر لفترة طويلة.

قام فريق التخفيف من حدة الفقر بقيادة أهل القرية إلى تطوير صناعات مميزة مثل تطريز مياو وزراعة فاكهة الكيوي، وبعد مرور الزمن مع المضي قدما في التطوير حققوا الازدهار. وفي الوقت الحاضر، تم تحسين البنية التحتية للقرية بشكل شامل، كما تم زيادة دخل القرويين بشكل كبير.

وقبل 10 سنوات كان أكثر من نصف القرويين في الصين يعيشون تحت خط الفقر، وبدأت الأمور تتغير في عام 2013، عندما زار الرئيس شي جين بينج القرية، وطرح مفهوم التخفيف من حدة الفقر، ويعني تكييف سياسات الإغاثة وفقاً للظروف المحلية المختلفة، وأصبح هذا المفهوم مبدأ توجيهياً في مكافحة الفقر في الصين، وفي إطار هذه المبادرة تمكن القرويون من إنشاء صناعاتهم الأساسية بما فيها السياحة وزراعة الكيوي والتطريز.

كيف ازدهرت الصين في 10 سنين؟
وخلال العقد الماضي، شهدت الصين تحت قيادته تغيرات تاريخية، حيث تضاعف حجم اقتصادها وبلغ 114 تريليون يوان (16 تريليون دولار)، وتم القضاء على الفقر المدقع، وإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي لسكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

وفي العقد الماضي، نمت ثروة الشعب الصيني بشكل مطرد. وفي عام 2021، وصل نصيب الفرد الصيني من الدخل المتاح إلى 35128 يوانا، بزيادة 80% تقريبا عن عام 2012. وتم تقليص نسبة فجوة الدخل بين المناطق الحضرية والريفية إلى 2.5: 1.

غير أن اهتمام شي لم يقتصر على الشركات الكبيرة فقط، بل أجرى نقاشات أيضا مع قرويين بشأن مشترياتهم من اللحوم والمشروبات، ودخل محلات بالمجتمعات السكنية وزار منصات للبث الحي وأكشاك الطعام على جوانب الطرق.

ورسخت الصين خلال العقد الماضي مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتضاعف إجمالي الناتج المحلي بالصين مع زيادة حصته في الاقتصاد العالمي من نسبة 11.3% إلى 18.5%.

وفي المتوسط، ساهم الاقتصاد الصيني بأكثر من 30% من نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة. وكانت الصين أول اقتصاد رئيسي يسجل نموا بعد ظهور جائحة كوفيد-19 التي تسببت بتأثيرات سلبية كبيرة حول العالم.

وفي عام 2021، تجاوز حجم التجارة الخارجية للصين 6 تريليونات دولار، كما نمت تجارتها مع الولايات المتحدة بقرابة 30% وبلغت 755.6 مليار دولار.

وحسب استطلاع أجري عام 2022 من قبل مجلس الأعمال الصيني – الأمريكي، قال 66% ممن شملهم الاستطلاع إن شركاتهم تخطط لزيادة الاستثمار في الصين هذا العام. وظلت الصين بين مقاصد الاستثمار الثلاثة الأولى في العالم لنحو 60% من الشركات الأعضاء في المجلس.

ومع تأكيده على نمط للتنمية يتمحور حول الشعب، طبق شي سلسلة من السياسات التي تجلب فوائد ملموسة للشعب. وقد أسست الصين أكبر نظام للضمان الاجتماعي في العالم، مع تغطية 1.04 مليار نسمة بمظلة التأمين الأساسي للمسنين، وتغطية 95% من عدد السكان بمظلة التأمين الطبي الأساسي. ومثل الإنفاق المالي على التعليم أكثر من 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لـ10 سنوات متتالية. كما طرحت الصين سياسة إنجاب الطفل الثالث، وطبقت تدابير للطلاب لتقليل واجباتهم المنزلية وتخفيف أعبائهم المتعلقة بدروس ما بعد المدرسة.

ووضع شي الرخاء المشترك على جدول أعماله. وقال إنه يمثل المطلب الجوهري للاشتراكية. وتهدف حملة شي للرخاء المشترك إلى تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء ومعالجة التباين على مستوى الأقاليم والصناعات، وتحسين كل من الحياة المادية والروحية للشعب، ومن ثم تحقيق التنمية المتوازنة والمساواة الاجتماعية. وتم اختيار مقاطعة تشجيانغ، التي عمل فيها شي كأمين للجنة الحزب بالمقاطعة، كمنطقة تجريبية لتعزيز الرخاء المشترك. وخلال المؤتمر الوطني الـ20 للحزب، الذي اختتم مؤخرا، أدرجت في دستور الحزب مضامين بشأن “تحقيق هدف الرخاء المشترك للجميع تدريجيا”.

في العقد الماضي، شهدت الصين تحسينات شاملة وتاريخية في مجال حماية البيئة ودفعها نحو الأفضل. وأعلن شي في اجتماع افتراضي للأمم المتحدة أن الصين ستسعى جاهدة للوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وأصدر تعليماته بفرض حظر على صيد الأسماك لمدة عشر سنوات في نهر اليانغتسي. ولكل نهر في الصين الآن أيضا "رئيس نهر" مسؤول عن حمايته البيئية. وتم إنقاذ أنواع كانت على وشك الانقراض مثل الباندا العملاقة والظباء التبتية والفهود الثلجية، وذلك بفضل جهود الحماية المحسنة.

وفي مؤشر الابتكار العالمي، الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ارتفع تصنيف الصين من المركز الـ34 في عام 2012 إلى المركز الـ11 في عام 2022. وخلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2021، زاد إنفاق الصين على البحث والتطوير من تريليون يوان (137.8 مليار دولار) إلى 2.8 تريليون يوان (386 مليار دولار)، لتحتل بذلك المرتبة الثانية على مستوى العالم.