جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 07:43 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

إدارة بايدن: أوكرانيا تحتاج لقدرات إضافية لضرب القرم

بايدن وزيلينسكي
بايدن وزيلينسكي

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة الرئيس جو بايدن بدأت الاعتراف بأن أوكرانيا تحتاج إلى قدرات إضافية، لضرب شبه جزيرة القرم، حتى لو كانت هذه الخطوة تزيد خطر التصعيد.

من جانبها حذرت روسيا، من أن تسليم الدول الغربية كييف أسلحة طويلة المدى قادرة على استهداف عمق الأراضي الروسية سيؤدي إلى تصعيد خطير في النزاع المسلح بين البلدين.

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف بأن توريد الأسلحة إلى كييف لشن ضربات على أراضي روسية أمر خطير للغاية، مشيراً إلى أن مثل هذه الإمدادات ستنقل الصراع إلى

وأضاف في تصريحات صحفية: بالطبع حول إمداد أوكرانيا بأسلحة تسمح بشن ضربات على الأراضي الروسية هو أمر في غاية الخطورة.

وقالت نيويورك تايمز، إن المناقشات الجارية داخل البيت الأبيض، تسلِّط الضوء على تحول تدريجي بين المسؤولين الأمريكيين، نحو دعم أكثر جرأة لكييف، حتى مع إصرار واشنطن على أنها لا تسعى إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.

وأشارت إلى أنه رغم إصرار الولايات المتحدة -منذ سنوات- على أن شبه جزيرة القرم لا تزال جزءًا من أوكرانيا، فإن إدارة بايدن التزمت برفض تزويد كييف بالأسلحة التي تحتاجها -منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022- لاستهداف شبه جزيرة القرم، التي تستخدمها روسيا قاعدة لشن ضربات مدمرة، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تصادم مباشر مع موسكو.

ويبدو أن هذا التشدد بدأ يلين، فبعد أشهر من المناقشات مع المسؤولين الأوكرانيين، بدأت إدارة بايدن أخيرًا الاعتراف بأن كييف قد تحتاج إلى القوة لضرب الملاذ الروسي، حتى لو كانت هذه الخطوة تزيد خطر التصعيد، وفقًا لعديد المسؤولين الأمريكيين، الذين تحدثوا بشرط عدم كشف هوياتهم.

وبحسب "نيويورك تايمز" تُعد شبه جزيرة القرم الواقعة بين البحر الأسود وبحر آزوف مقرًا مهمًا لعديد القواعد العسكرية الروسية، التي تضم عشرات الآلاف من الجنود.

ونقلت عن أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، قولها: تحدثنا طوال الحرب أن شبه جزيرة القرم أرض أوكرانية، ومن ثمّ فإن أوكرانيا لها الحق في الدفاع عن نفسها وعن أراضيها السيادية، في حدودها المعترف بها دوليًا.

وبينما يتساءل المسؤولون العسكريون والإداريون عن فائدة تركيز أوكرانيا للهجمات على شبه جزيرة القرم، قائلين إن جيش كييف لديه أهداف أفضل بأماكن أخرى في ساحة المعركة، فإن إدارة بايدن ترى أنه إذا كان بإمكان الجيش الأوكراني أن يُظهر لروسيا أن سيطرته على شبه جزيرة القرم يمكن أن تكون مهددة، فإن ذلك يعزز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية.ووفق المصادر التي تحدثت للصحيفة تضاءلت المخاوف داخل البيت الأبيض، من أن ينتقم الكرملين باستخدام سلاح نووي تكتيكي، كما قال مسؤولون وخبراء أمريكيون، رغم أنهم حذروا من أن الخطر لا يزال قائمًا.

يُظهر التفكير الجديد بشأن شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني عام 2014 إلى أي مدى وصل مسؤولو إدارة بايدن منذ بداية الحرب، عندما كانوا قلقين حتى من الاعتراف بأن الولايات المتحدة كانت تقدم صواريخ ستينغر المضادة للطائرات للقوات الأوكرانية.

لكن خلال الصراع، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي "الناتو" يخففون بشكل مطرد القيود التي يضعونها على أنفسهم، والانتقال من توفير صواريخ "جافلن وستينجر" إلى أنظمة الصواريخ المتقدمة وأنظمة الدفاع الجوي باتريوت وعربات القتال المدرعة وحتى بعض الدبابات الغربية، لمنح أوكرانيا القدرة على مواجهة الهجوم الروسي.

ولكن، الآن، تدرس إدارة بايدن ما يمكن أن يكون أحد أكثر خطواتها جرأة منذ بدء الحرب، من خلال مساعدة أوكرانيا في مهاجمة شبه الجزيرة، التي يعدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جزءًا لا يتجزأ من سعيه لاستعادة المجد الروسي.

أمام ذلك، يناقش المسؤولون الأمريكيون مع نظرائهم الأوكرانيين، استخدام الأسلحة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، من أنظمة صواريخ هيمارس إلى مركبات برادلي القتالية، لاستهداف جسر بري يعمل كطريق إمداد حرج، يربط شبه جزيرة القرم بروسيا، عبر مدينتي ميليتوبول وماريوبول اللتين تحتلهما روسيا.

ويعد جسر القرم الذي يبلغ طوله 19 كيلومترًا فوق مضيق كيرتش، الرابط المباشر الوحيد بين شبكة النقل في روسيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو من أوكرانيا عام 2014.

كان الجسر مشروعًا رائدًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي افتتحه في احتفال كبير قاد خلاله بنفسه إحدى الشاحنات عام 2018.

ويتألف الجسر من طريقين منفصلين، أحدهما بري والآخر للسكك الحديدية. والجسر فوق نقطة تمر منها السفن بين البحر الأسود وبحر آزوف الأصغر.

بُني الجسر بـ 3.6 مليار دولار، وشيدته شركة يملكها أركادي روتنبرغ، وهو حليف مقرب لبوتين، وكان يلعب معه الجودو.

ورغم هذه الأهمية التي يتمتع بها الجسر، فإن الرئيس بايدن ليس مستعدًا لمنح أوكرانيا أنظمة الصواريخ بعيدة المدى، التي تحتاجها كييف لمهاجمة المنشآت الروسية في شبه الجزيرة، وفق المصادر التي تحدثت للصحيفة الأمريكية.

وذكرت "نيويورك تايمز" أنه طالما أصر المسؤولون الأوكرانيون على أن القرم هدف مهم لهجماتهم، وأن الضغط العسكري المستمر على القواعد الروسية هناك، جزء كبير من استراتيجيتهم.

وقد ناقش المسؤولون العسكريون الأوكرانيون أيضًا مع المسؤولين الأمريكيين، أهمية زيادة الضغط على القيادة الخلفية لروسيا في شبه جزيرة القرم، التي تدعم العمليات العسكرية في أماكن أخرى من أوكرانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع أسطول البحر الأسود، وقاعدة جوية روسية رئيسة، ومراكز قيادة ومراكز لوجستية تدعم العمليات الروسية جنوبي أوكرانيا، تُمثل شبه الجزيرة نقطة تركيز رئيسة في خطط معركة كييف.

وأوضحت أنه باتخاذ قرار بمنح مركبات برادلي القتالية لأوكرانيا، تقترب إدارة بايدن من تزويد كييف بشيء كان كبار المسؤولين الأوكرانيين يناشدون الولايات المتحدة من أجله منذ أشهر، إلا أن واشنطن كانت ترد بالرفض.

ومن ثمّ فإن الموافقة هذه المرة تعني وفق المصادر أن مركبات برادلي القتالية ستستخدم لاشك في استهداف شبه جزيرة القرم.

يذكر أن برادلي ناقلات جند مدرعة مزودة بمدافع قوية عيار 25 ملم وصواريخ موجهة يمكنها مواجهة الدبابات الروسية.

ونقلت الصحيفة عن فريدريك ب. هودغز ملازم أول متقاعد وقائد سابق للجيش الأمريكي في أوروبا قوله: في الأشهر المقبلة يمكن أن تستخدم القوات الأوكرانية مركبات برادلي، للمساعدة في قطع الجسر البري الروسي.

وقال مسؤول أمريكي للصحيفة: القدرة على الاعتماد على القواعد العسكرية في شبه جزيرة القرم للانطلاق، كانت سبب وراء القوات الروسية من الاستيلاء على الأراضي جنوبي أوكرانيا العام الماضي، مشيرًا إلى أن هذه القوات والقواعد الروسية هدف في ساحة المعركة بالنسبة للأوكرانيين.

ويوضح سيث جي جونز، نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ذلك قائلًا: يمكن لأوكرانيا استخدام برادلي لتحريك القوات على الطرق الرئيسة، التي تربط خيرسون وميليتوبول وماريوبول، لافتًا إلى أن أي جندي مشاة أوكراني يتقدم عبر هذه المناطق، سيواجه نيرانًا كبيرة من المواقع الروسية، ومن ثمّ فإن برادلي ستوفر قوة نيران مفيدة وحماية للقوات.

بينما يقول محللون حكوميون ومستقلون إن مركبات برادلي، إلى جانب الدبابات البريطانية والمركبات القتالية المدرعة التي وافقت فرنسا وألمانيا على إرسالها، قد تكون طليعة قوة مدرعة، يمكن أن تستخدمها أوكرانيا في هجوم مضاد هذا الشتاء، أو خلال الربيع المقبل.

كان وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، قال، الثلاثاء الماضي، أثناء زيارة لواشنطن: نعتقد أن الوقت مناسب لتكثيف دعمنا لأوكرانيا، مضيفًا: لا يمكننا السماح لهذا بأن يطول ويصبح نوعًا من الجمود الذي يشبه الحرب العالمية الأولى.

وأعلن كليفرلي، أن المملكة المتحدة ستقدم لأوكرانيا أكثر من 200 مدرعة، إضافة إلى 14 دبابة "تشالنغر 2" أعلِن عنها.

وقال في تصريح آخر، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الكندية ميلاني جولي: بريطانيا قررت المضي إلى ما هو أبعد وأسرع في تقديم المساعدات لأوكرانيا.

وأوضح أن بريطانيا ستقدم دبابات "تشالنغر2" ومدفعية ثقيلة وأكثر من 200 من المدرعات الأخرى.

كان وزير الدفاع البريطاني بين والاس قد أعلن أن أوكرانيا ستحصل على مدرعات "بولدوغ"، وعدد من الطائرات المسيرة وأنظمة "ستارستريك" المحمولة المضادة للطائرات ومدافع "آي إس 90" الآلية ونحو 100 ألف من القذائف للمدفعية وصواريخ لأنظمة ناسامس للدفاع الجوي، وغير ذلك من الأسلحة والمعدات والذخيرة.

وكشفت وزارة الدفاع البريطانية -في رسالة على "تويتر" الأسبوع الماضي، أن روسيا عززت خلال الأسابيع الأخيرة- التحصينات الدفاعية وسط زابوريزهزهيا، وهي مقاطعة جنوبي أوكرانيا بالقرب من الجسر البري، حيث تحتفظ روسيا بقوة كبيرة.

وبحسب الصحيفة إذا ركزت أوكرانيا على استعادة زابوريزهزهيا، فإن الهجمات الأولية يمكن أن تشمل ضرب أهداف في شبه جزيرة القرم القريبة.

وقال التقييم البريطاني: تحقيق اختراق أوكراني كبير في زابوريزهزهيا، من شأنه أن يتحدى بشكل خطير جدوى الجسر البري الروسي.

بينما تمتلك أوكرانيا أيضًا أنظمة صاروخية بعيدة المدى "هيمارس" التي قدمتها لها الولايات المتحدة.

ويقول مسؤول عسكري أمريكي للصحيفة: مع استعادة مدينة خيرسون في الجنوب العام الماضي، يمكن للخطوط الأمامية الأوكرانية استخدامها لضرب طرق الإمداد الرئيسة، القادمة من شبه جزيرة القرم.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول أمريكي كبير قوله: كبار القادة العسكريين الأمريكيين والأوكرانيين سيعقدون هذا الأسبوع اجتماعًا تخطيطيًا رفيع المستوى في ألمانيا لمناقشة المخطط الهجومي المقترح لاستهداف جسر القرم.وأوضح أن التدريبات تهدف إلى مواءمة خطط أوكرانيا القتالية مع أنواع الأسلحة والإمدادات التي يسهم بها حلفاء الناتو.

ويرى مسؤول أمريكي كبير، أن إدارة بايدن لم يعد لديها خيار سوى استهداف شبه جزيرة القرم وتعريضها للخطر، مشيرًا إلى أن هذه القضية ظهرت في الاجتماعات رفيعة المستوى في البيت الأبيض.

ورغم الأسلحة الإضافية لا تعتقد إدارة بايدن أن أوكرانيا يمكنها الاستيلاء على شبه جزيرة القرم عسكريًا، فضلاً عن المخاوف من أن هذه الخطوة قد تدفع بوتين إلى الانتقام برد تصعيدي نووي.

لكن المسؤولين الأمريكيين، قالوا إن تقييمهم يتمثل في ضرورة أن تعتقد روسيا أن شبه جزيرة القرم في خطر، وهو ما قد يسهم -ولو جزئيًا- في تعزيز موقف أوكرانيا في أي مفاوضات مستقبلية.

فمن خلال إظهار قدرتها على شن ضربات في شبه جزيرة القرم، يمكن لأوكرانيا تأكيد أن السيطرة الروسية على الجزيرة لم تكتمل، بينما تعتقد إدارة بايدن أن ضرب الخطوط الخلفية لروسيا من شبه جزيرة القرم، يمكن أن يلحق أضرارًا بالغة بقدرة موسكو على دفع خطوطها الأمامية إلى أبعد من ذلك، كما يقول المسؤولون.

وعن المخاوف من الرد الروسي والتصعيد باستخدام النووي، ترى الصحيفة نقلًا عن المسؤولين الأمريكيين أن رد فعل موسكو على العمليات الخاصة الأوكرانية الدورية أو الهجمات السرية في شبه جزيرة القرم، بما في ذلك ضد القواعد الجوية الروسية ومراكز القيادة والسفن في أسطول البحر الأسود، لم يكن بالشكل الكبير الذي يثير مخاوفهم من أن يلجأ بوتين لاستخدام السلاح النووي.

وقال دارا ماسيكوت، كبير باحثي السياسات في مؤسسة راند: هناك قدر أكبر من الوضوح بشأن تحمل الروس للضرر والهجمات، فلقد تعرضت القرم مرات عدة لهجمات بلا تصعيد هائل من الكرملين.

وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن بوتين والرأي العام الروسي ينظران إلى شبه جزيرة القرم على أنها جزء من روسيا، لذا فإن الضربات هناك يمكن أن تعزز الدعم الروسي للحرب، وربما التصعيد.

ويقول المسؤولون الأمريكيون الذين تحدثوا للصحيفة الأمريكية إنهم لا يعرفون كيف يكون رد فعل بوتين إذا هاجمت أوكرانيا شبه جزيرة القرم باستخدام أسلحة أمريكية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الأربعاء إن كييف تتخذ قراراتها الخاصة بشأن كيفية استخدام الأسلحة الغربية. ووفقًا له، فإن الولايات المتحدة لا تشجع أوكرانيا على توجيه ضربة ضد روسيا ولا تساعدها، لكن شبه جزيرة القرم غير معترف بها كأراضٍ روسية.