معلومات الوزراء يستعرض توقعات وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال حول سلاسل الإمداد
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال حول توقعاتها لآفاق سلاسل الإمداد خلال عام 2026 في ظل مرحلة تتسم باضطرابات تجارية واسعة تفرض على الشركات إعادة النظر في استراتيجياتها، حيث أشارت الوكالة إلى أن عام 2025 شكّل نقطة مفصلية، إذ دفعت الرسوم الجمركية التي بلغت تكاليفها 907 مليار دولار الشركات إلى اعتماد نهج تكتيكي قصير الأمد، فيما يبقى السؤال الرئيس ما إذا كانت هذه الشركات قادرة على التحول مجددًا نحو استثمارات طويلة المدى في 2026، رغم استمرار موجات عدم اليقين.
وأشار التقرير إلى أن التقلب الحاد في الرسوم الجمركية الأمريكية منذ بداية عام 2025 سيستمر خلال عام 2026، نتيجة الطعون القانونية وربط الرسوم باعتبارات السياسة الخارجية، إضافة إلى احتمالات مراجعتها إذا لم تُنفّذ التزامات الشراء المتفق عليها. وفي الوقت نفسه، ستتوسع الرسوم لتشمل قطاعات إضافية، مما يعمق حالة الضبابية. وعلى الجانب الآخر، يتوقع أن يشهد العام المقبل موجة جديدة من اتفاقيات التجارة الدولية، بينما يمنح استمرار اتفاق "الولايات المتحدة - المكسيك - كندا" ست سنوات من الاستقرار للمصنعين الذين يعيدون توطين الإنتاج داخل أمريكا الشمالية، في سياق توقعات بنمو تجاري عالمي يصل إلى 2.6%.
أبرز التقرير الدور المتزايد للاتحاد الأوروبي في عقد اتفاقيات تجارية جديدة، رغم استمرار التعقيدات في مفاوضاته مع الهند وإندونيسيا ومجموعة "ميركوسور". ويظل الاتفاق الأوروبي - الميركوسور، الذي تم التوصل إلى مسودته في ديسمبر 2024، معلقًا، مما يعني أن نمو الصادرات الأوروبية إلى المنطقة سيظل محدودًا عند 2.2% فقط حتى 2030 إذا لم يُوقّع الاتفاق. أما في آسيا، فيواصل التكامل الإقليمي تقدمه مع النسخة الثالثة من اتفاق آسيان - الصين المتوقع الانتهاء منها مع نهاية 2025.
وأكد التقرير أن اضطرابات عام 2025 كشفت بوضوح عن ميل الشركات نحو إدارة تكتيكية لأعمالها، وهو ما انعكس في تراجع التوقعات الربحية بنحو 907 مليارات دولار، رغم ارتفاع الإيرادات بنحو 600 مليار وتراجع صافي الأرباح بـ 300 مليار. ويوضح التقرير أن الشركات التي تعمل مع شركاء ماليين كبار تكبدت خسائر أقل، بينما تخطط شركات السلع الاستهلاكية لرفع الأسعار مجددًا في ربيع 2026 لتعويض تكاليف الرسوم المتراكمة.
ولم تعد إعادة توطين الصناعات مسارًا مضمونًا للنمو، بالرغم من توسع هذا التوجه خلال السنوات الماضية. فمع تراجع حالة الضبابية التجارية تدريجيًّا، تتجه الشركات إلى استعادة خطط الاستثمار طويلة الأجل. وتشير التوقعات إلى أن شبكات الإنتاج داخل أمريكا الشمالية ستصبح أقل اندماجًا عالميًّا، مقابل زيادة سريعة في التكامل داخل آسيا.
وفي هذا المشهد المتغير، تبرز الأسواق التي تجمع بين العمالة منخفضة التكلفة والبنية التحتية المتقدمة والتعليم الجيد والمؤسسات الكفؤة - مثل جنوب شرق آسيا والهند والمكسيك وشمال إفريقيا- كمراكز واعدة لجذب الاستثمار، في حين تواجه كل من تركيا وجنوب أفريقيا عقبات اقتصادية وهيكلية تحدّ من تنافسيتها.
حذر التقرير من أن ميزة العمالة الرخيصة لم تعد كافية لدفع عجلة التصنيع، لاسيما في القطاعات كثيفة العمل مثل الملابس والأثاث. ويتجه المصنعون في مراكز إعادة التوطين إلى رفع مستويات الميكنة وتطوير مهارات القوى العاملة. أما السياسات الصناعية الأمريكية الجديدة، فتركز على إعادة التصنيع المعتمد على الأتمتة، في ظل غياب فائض العمالة منخفضة التكلفة.
وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الإنفاق العالمي على معدات التصنيع سيبلغ 10.2 تريليون دولار بين عامي 2025 و2035، بينما لن تستحوذ إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا إلا على 2.1% من هذا الإنفاق، بما يعمق الفجوة في القدرات الصناعية العالمية.
أشار التقرير في ختامه إلى أن عام 2026 سيكون عامًا انتقاليًّا لسلاسل الإمداد؛ فبينما تتجه الضغوط التجارية إلى التراجع بشكل تدريجي، فإن مسار الاستقرار لا يزال هشًا. وسيتعين على الشركات الموازنة بين التكاليف المتزايدة، والتحولات التقنية الكبيرة، وتغير خريطة الأسواق العالمية، في سياق تنافسي يتشكل بسرعة تحت تأثير الذكاء الاصطناعي وإعادة بناء شبكات التصنيع حول العالم.





