جريدة الديار
السبت 13 ديسمبر 2025 04:48 مـ 23 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

زواج على فودافون كاش...حين يتحول حلم الشباب إلى سبوبة إلكترونية

نصب
نصب
الإسكندرية

وجد آلاف الشباب في ظل أزمات اقتصادية خانقة، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف الزواج أنفسهم أمام معادلة قاسية: رغبة في الحلال مقابل واقع لا يرحم.

هذا الفراغ لم تتركه شبكات النصب الإلكتروني دون استغلال، فظهرت موجة جديدة من الاحتيال باسم الزواج الشرعي، تتخذ من منصات التواصل الاجتماعي مسرحًا، ومن “النية الصادقة” غطاءً، ومن التحويلات الإلكترونية وسيلة للسرقة، وكثرت مثل هذه الصفحات وأرقام الواتس بصفحات محافظة الإسكندرية.

سيناريو محكم… وضحية مُعدة سلفًا

الرسالة تبدأ بلهجة واثقة، مشحونة بالقَسَم والدين:

«أقسم بالله العظيم أني جادة، وبيني وبينك الله»

ثم تنتقل بسرعة إلى خطوات “منظمة”:
رسوم اشتراك – تحويل فوري عبر فودافون كاش – صورة إيصال – وعود بتسليم رقم “العروس” – ثم صمت، أو تسويف، أو طلب جديد.

اللافت أن المبلغ المطلوب غالبًا ما يكون متوسطًا، لا يُثير الشبهة، لكنه كافٍ لجذب أكبر عدد من الضحايا، في عملية أقرب إلى التجميع الكمي للأموال لا إلى حالة فردية.

تجارة مشاعر لا مجرد نصب مالي

هذا النمط من الاحتيال لا يستهدف الجيوب فقط، بل يضرب في العمق النفسي والاجتماعي.
الضحية في الغالب شاب: محدود الدخل ويبحث عن الاستقرار يخشى على نفسه الوقوع في الحرام ويثق في الخطاب الديني العاطفي.

وبينما يُسرق المال، تُسرق معه الثقة، ويُزرع اليأس، وتتحول فكرة الزواج من أمل إلى فخ محتمل.

الدين كأداة تضليل

الأخطر في هذه الظاهرة هو توظيف المقدس في عملية الاحتيال: قَسَم مغلّظ وحديث عن الستر وعود بالحلال وإرسال صور بطاقات شخصية “للإطمئنان ”

وهو ما يُعد انتهاكًا صريحًا للقيم الدينية قبل أن يكون جريمة قانونية، فالدين لم يكن يومًا وسيلة تسويق، ولا غطاءً لسرقة الناس.

من النصب إلى شبهة الاتجار بالبشر

التحذير لا يتوقف عند المال.
فبعض هذه الصفحات تسعى إلى: جمع بيانات شخصية واستدراج عاطفي وابتزاز لاحق أو إنشاء شبكات تواصل مشبوهة وهو ما يفتح الباب أمام شبهة الاتجار بالبشر أو الاستغلال الجنسي، خاصة في ظل غياب أي إطار قانوني أو رقابي لهذه الكيانات الوهمية.

أين الرقابة؟

الأسئلة تتزايد: من يراقب هذه الصفحات؟ كيف تُترك أرقام التحويل تعمل بحرية؟ أين دور البلاغات الإلكترونية؟ ولماذا لا يُجرَّم صراحة تحصيل الأموال مقابل “تزويج وهمي”؟

السكوت هنا لا يعني الحياد، بل يُعد مساحة مفتوحة لتكاثر الجريمة.

رسالة تحذير أخيرة

الزواج ليس سلعة، ولا يُشترى بإيصال تحويل.
ومن يطلب مالًا مقابل “ترشيح عروس” عبر الإنترنت، دون كيان قانوني واضح، هو نصّاب حتى يثبت العكس.

التوعية اليوم لم تعد رفاهية، بل ضرورة.
وحماية أحلام الشباب مسؤولية دولة ومجتمع، قبل أن تتحول هذه “السبوبة” إلى كارثة أخلاقية واجتماعية مكتملة الأركان.