جريدة الديار
الأحد 28 ديسمبر 2025 03:48 مـ 9 رجب 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الأمازون على حافة الخطر.. حرائق 2024 تخنق رئة العالم

شهدت غابات الأمازون خلال عام 2024 واحدا من أكثر الأعوام قتامة في تاريخها البيئي، بعدما اجتاحت حرائق غير مسبوقة مساحات شاسعة من الغابات المطيرة، مطلقة كميات هائلة من الكربون فاقت ما تسببه إزالة الغابات نفسها.

هذا التحول الخطير يهدد قدرة الأمازون على التعافي، ويضع استقرار مناخ كوكب الأرض أمام اختبار حاسم.

أسوأ موسم حرائق منذ عقدين

كشف تحليل حديث أجراه علماء في مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية أن الأمازون شهدت أسوأ موسم حرائق منذ أكثر من 20 عاما.

ووفقا للتقرير، فإن شدة الحرائق وحجم الأضرار يعكسان هشاشة متزايدة في النظام البيئي للغابات المطيرة، رغم التراجع النسبي في معدلات إزالة الغابات خلال الفترة الأخيرة.

انبعاثات كربونية بحجم دولة صناعية

خلال عام 2024 وحده، أطلقت حرائق الأمازون نحو 791 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهي كمية تعادل تقريبًا إجمالي الانبعاثات السنوية لدولة صناعية كبرى مثل ألمانيا.

ويزيد هذا الرقم بنحو سبعة أضعاف عن متوسط الانبعاثات المسجلة في العامين السابقين، ما يعكس تصاعدا مقلقا في أثر الحرائق على المناخ العالمي.

ملايين الهكتارات تحترق

بحسب دراسة نُشرت في مجلة علوم الأرض الحيوية، تضرر نحو 3.3 ملايين هكتار من غابات الأمازون خلال عام واحد فقط.

ويربط الباحثون هذه الخسائر الهائلة بمزيج من العوامل، أبرزها موجات الجفاف الشديدة الناتجة عن تغير المناخ، وتزايد تجزئة الغابات، وسوء ممارسات إدارة الأراضي، وهي عوامل تسرع وتيرة تدهور الغطاء الغابي.

الحرائق تتفوق على إزالة الغابات

للمرة الأولى في السجلات التي تغطي الفترة من 2022 إلى 2024، تجاوزت الانبعاثات الناتجة عن الحرائق تلك الناجمة عن إزالة الغابات، لتصبح الحرائق المصدر الرئيسي لانبعاثات الكربون في الأمازون.

ويعد هذا التحول مؤشرا خطيرا على تغير طبيعة التهديدات التي تواجه الغابات الاستوائية.

الأقمار الصناعية تفضح حجم الكارثة

اعتمدت الدراسة على تقنيات متقدمة لرصد الأرض عبر الأقمار الصناعية، جمعت بين نظام مراقبة الغابات الاستوائية الرطبة والنظام العالمي لمعلومات حرائق الغابات.

ومن خلال تنقية البيانات من الإشارات الخاطئة الناتجة عن حرق الأراضي الزراعية وتأثير الغيوم، تمكن العلماء من تحديد الأضرار الحقيقية للحرائق بدقة غير مسبوقة.

كيف قاس العلماء الأثر المناخي؟

لضمان الدقة والشفافية، استخدم الباحثون أسلوب محاكاة «مونت كارلو» لحساب انبعاثات الكربون، مع مراعاة متغيرات عدة، مثل كثافة الكتلة الحيوية، ونسبة الاحتراق، ومساحة الغطاء الحرجي المتأثرة.

وتتوافق النتائج مع معايير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ما يعزز موثوقيتها كمؤشر لقياس أثر حرائق الغابات الاستوائية على المناخ.

خطر خفي اسمه تدهور الغابات

لطالما اعتُبرت إزالة الغابات التهديد الأكبر للأمازون، إلا أن الدراسة تسلط الضوء على خطر أقل وضوحا وأكثر خداعًا تدهور الغابات بسبب الحرائق فبالرغم من بقاء الأشجار واقفة، تفقد الغابات جزءًا كبيرًا من كتلتها الحيوية ووظائفها البيئية، ما يجعل هذا النوع من الضرر غالبا خارج الحسابات الرسمية لسياسات المناخ.

دعوات عاجلة للتحرك

في ضوء هذه النتائج، يدعو الباحثون إلى تحرك سريع ومنسق للحد من استخدام النار، وتعزيز حماية الغابات، وتمكين المجتمعات المحلية والسكان الأصليين من إدارة أراضيهم.

كما يؤكدون ضرورة توسيع نطاق التمويل الدولي للمناخ ليشمل تدهور الغابات، لا إزالة الغابات فقط، باعتباره أحد المحركات الرئيسية لانبعاثات الكربون وتفاقم الأزمة البيئية العالمية.