جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 06:16 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

مفاوضات ”سد النهضه” تصل لطريق مسدود .. وخبراء: المياه حياه أو موت

السفير : جمال بيومى
السفير : جمال بيومى

مفاوضات كثيرة لسنوات عده حول سد النهضه وحق مصر الشرعى فى الحفاظ على حصتها في مياه نهر النيل وعدم المساس بها وتحدث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في خطابه الأخير من استاد القاهرة، إن بلاده أكدت للسودان وإثيوبيا أنها ستدعم أي مشروع يعود بالتنمية على هاتين الدولتين لكن بشرط عدم المساس بحصة مصر من المياه، كما طمأن المصريين من خلال حديثه  قائلا: "عيشوا حياتكم وبلاش هري" جمله تعنى الكثير والكثير من رئيس يعرف جيدآ معنى كل كلمه وكل خطوة يخطيها رساله تبعث الراحه لقلوب المصريين .

وقد أعلنت مصر والسودان وصول مفاوضات "سد النهضة" إلى طريق مسدود وفق البيان المشترك للخارجية والري في كلا البلدين، وهو ما يدعو للتساؤل عن الخيارات المتاحة لحل الأزمة ويرى مراقبون أن إعلان القاهرة والخرطوم بشأن فشل المفاوضات السابقة بشأن سد النهضة، هو رسالة تحذيرية للعالم لكشف التعنت الإثيوبي، ومحاولة لتحقيق بعض الأهداف من وراء الحرب الكلامية الدائرة، وصولا إلى وضع ضوابط وآليات جديدة لأي عملية تفاوض قادمة، وسيظل التلويح بالحرب قائما ولكن بعد استنفاذ كل ما تبقى من الوسائل الدبلوماسية.

ورغم ضعف تخزين الملء الثاني الذي وصل إلى 3 مليارات متر مكعب، وإجمالي 8 مليارات متر مكعب، فإن موقف مصر والسودان لم يتغير من رفض أي تخزين بدون اتفاق فإن وصول بحيرة سد النهضة إلى منسوب الخرسانة الحالية إلى 573 مترا، سوف يصعب رفع الخرسانة الحالية أكثر من ذلك مع استمرار هطول الأمطار، مشيرا إلى أنه عند منسوب 573 مترا سوف تختفي معظم الجزر الثلاثة التي تقع في الدائرة البيضاء والتي تقلصت خلال الأيام الماضية.

وقد صرح الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري المصري السابق ورئيس قطاع التوسع الأفقي بوزارة الرى، إن إثيوبيا وصلت لمرحلة شديدة من التعنت والمماطلة في قضية سد النهضة وإنهم في مجلس الأمن اعتقدوا أنهم فازوا بهذه الجولة، وهم بذلك مخطئون لأن هذه الجولة لم يكن الهدف منها الحصول على قرار مجلس الأمن كما أتصور، ولكن الغرض هو تعريف العالم بما وصلت إليه المفاوضات، واتخاذ إثيوبيا قرار الملء الثاني لـ سد النهضة بشكل منفرد وعدم موافقتها على التوقيع على أي اتفاقية من أي نوع.

وقال مستشار وزير الرى السابق،إن مصر يمكنها ضرب السد الجانبي لسد النهضة، الذي لا يبدأ تخزين المياه إلا اذا تجاوز تخزين بحيرة السد 14.5 مليار متر مكعب، موضحا أن مصر ستحرم بذلك إثيوبيا من أي تخزين إضافي في السنوات القادمة وتقلص تخزين سد النهضة إلى 14.5 مليار متر مكعب فقط بدلا من 58 مليارا المزمع تخزينها وبذلك توقف أي أضرار مستقبلية عن التخزين في السنوات القادمة وان اكتمال الملء الثاني لسد النهضة في مثل هذا الوقت يعني تخزين 9.6 مليار متر مكعب بحد أقصى وأن تلك الكمية تضاف إلى ما تم تخزينه العام الماضي بنحو 4.9 مليار، فيكون إجمالي المياه المخزنة أمام السد نحو 14.5 مليار متر مكعب من المياه.

وأفاد القوصى، بأن هذا قد يعطي أمانا ذاتيا للسد ضد أي عمل عسكري لأن اندفاع هذا الكم الكبير من المياه إلى السودان مرة واحدة وفي ساعة أو يوم واحد كفيل بتدمير مساحات شاسعة من شرق السودان وصولا إلى الخرطوم وقد يجرف ويضر السدود السودانية الثلاثة روصيرس وسنار على النيل الأزرق وميروي على النيل الموحد بينما يصل إلى مصر وبحيرة السد العالي بعد 17 يوما ولا يضر بمصر لأن البحيرة قادرة على استيعاب هذه الكمية من المياه.

وتابع القوصى، الأمر الآخر هو أن تخزين إثيوبيا لهذا الكم من المياه هذا العام بحجم 9.6 مليار يعني حرمان السودان ومصر من استلام هذه الكمية من المياه التي تعودا على استلامها سنويا".

وأوضح القوصى، أن مصر والسودان يبحثان عن مصدر آخر من المياه أو مخزون إستراتيجي ليسحب منه ما يعادل مثل هذه الكمية من المياه لتعوض هذا النقص الحاد وبالتالي يكون التأثير مزدوج حيث تحرمان من 9.6 مليار وفي الوقت نفسه تستنزفان كمية مماثلة من مخزون المياه في البلدين بما يؤثر على مستقبل الأمن المائي في البلدين.

وأضاف القوصى، أن السيناريو المتوقع بعد إكتمال الملء الثاني هو العودة إلى المباحثات الدبلوماسية فقط وينخفض احتمال سيناريو العمل العسكري ضد السد، كما يعطى لإثيوبيا قوة أكبر في المفاوضات خاصة بعد توصية مجلس الأمن بعودة الدول الثلاث إلى المباحثات برعاية الاتحاد الإفريقي فقط، دون التوصية بمشاركة دولية من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو البنك الدولي أو الأمم المتحدة.

كما أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير جمال بيومي، أن طلب إثيوبيا وفق إحدى التصريحات الإعلامية من مصر والسودان 40 مليار دولار، نظير حمايتها لنهر النيل خلال السنوات السابقة، هو طلب ليس له مثيل في التاريخ، لأن نهر النيل ليس النهر الوحيد في العالم الذي يمتد عبر أكثر من دولة، لم نسمع أن دولة طالبت الأخرى بدفع أموال نتيجة مرور النهر في أراضيها أو منعت المياه عن الدول المشتركة معها في النهر".

وأوضح بيومي أن "إثيوبيا في النهاية لن تستطيع فعل أي شىء فيما يتعلق بمياه النيل، وإن كانت قد دفعت المليارات لتوليد الكهرباء من السد، فالمعروف أن الكهرباء لا تولد إلا بمرور المياه عبر التوربينات باتجاه مصر والسودان".

وأضاف بيومي، أنه من الناحية العلمية لن نجد ما يقلقنا من عدم وصول المياه أو قلتها في نهر النيل، لأن الهضبة الإثيوبية غارقة في بحور من الأمطار، بل إن تلك المياه تعد مشكلة بالنسبة للهضبة، كما أن إثيوبيا لا تروي أراضيها بمياه النيل، بدليل عدم وجود قنوات أو نظام ري، وما يقارب نصف الأراضي الإثيوبية هى التي تروى بماء النهر".

غرق إثيوبيا

وأشار ، إلى أن إثيوبيا ليست بحاجة إلى المياه، والدليل على ذلك أنها أقامت سد النهضة في أقصى الشمال، والمياه لا تتجه للجنوب، فلو حاولت حجز المياه، إلى أين تذهب تلك المياه المحجوزة بعد فترة من الزمن، النتيجة ستكون غرق إثيوبيا والسد وكل شىء، ولهذا أرى أن المشكلة في أزمة سد النهضة، سياسية في المقام الأول وليست فنية .

وذكر بيومى، أن البيان المشترك للخارجية والري في كل من مصر والسودان، بشأن فشل المفاوضات برعاية الاتحاد الافريقي، هناك حرب كلامية بين الطرفين وكل طرف يحاول جذب الرأي العام العالمي لوجهة نظره، وهذا الرأي العالمي الذي يتبع أصول القانون الدولي، سوف يميل إلى وجهة نظر السودان ومصر، ولن يقف ضدهم أحد، وأرى أن طول النفس المصري إيجابي، رغم ضيق الرأي العام المصري ورغبته في إنهاء الأمر وتدمير السد.

كما أكد الدكتور مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية للديار، أن الأضرار الناتجة عن سد النهضة كفيلة بأن تغير واقع الحياة في السودان ومصر معا، ونعتقد أن المنطقة متجهة نحو الصدام العسكري وإن كنا لا نتمناه، نظرا للتعنت الإثيوبي وعدم الاستماع إلى صوت العقل حتى من داخل المنظومة الإفريقية، فقد أوضح رئيس الكونغو أن على الإثيوبيين أن يغيروا طريقتهم في التفاوض".     

وتابع غباشى، نحن لسنا متفائلين بأي مفاوضات قادمة مع إثيوبيا، لأن ما يبدوا أنها تجد دعم من بعض المحاور في المنظومة الدولية من أجل الاستمرار في تعنتها لأكثر من 10 سنوات دون الوصول إلى أي اتفاقات قانونية ملزمة، علاوة على أن الإثيوبيين دائمي التنقل من موضوع إلى آخر، فقد كنا نتحدث عن أمان السد وعن السعة التخزينية، واليوم نتحدث عن تقاسم مياه النيل ومقابل للمياه التي تذهب إلى السودان ومصر، وعلى ما يبدو أن أديس أبابا لديها إصرار على جر المنطقة إلى مواجهة عسكرية".

وأشار غباشى، إلى أن السودان ومصر لا يريدان الدخول في مواجهة عسكرية، وأظهرا مرونة كبيرة في المفاوضات، لكن للأسف أي تحول إيجابي من الجانب الإثيوبي من أجل الوصول إلى اتفاق"، مؤكدا أن "أي جولة قادمة للمفاوضات برعاية أفريقية سوف تصل أيضا إلى طريق مسدود، وستكون مجرد ضياع للوقت، وأعتقد أن القاهرة والخرطوم يدركون جيدا النهاية القادمة لأي عملية تفاوض، لكنهم ينخرطون فيها احتراما للقوانين والمجتمع الدولي.

وقد تمسكت دولتى المصب مصر والسودان بمطلب توسيع الوساطة الدولية، لتشمل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بينما تتمسك إثيوبيا بوساطة الاتحاد الأفريقي فقط.

ويرى الخبراء أن القاهرة والخرطوم تمتلكان أوراق ضغط أخرى على أديس أبابا، مثل الورقة الاقتصادية، إذ يمكن للسودان ومصر تفعيل ورقة وقف التمويل الدولي لسد النهضة، وذلك استنادا لعدم جواز تمويل السدود التي عليها خلافات وبهذا، فإن أوراق ضغط عدة لا تزال في يد دولتي المصب لنهر النيل، يمكن التحرك من خلالها لدفع الجانب الإثيوبي لإبرام اتفاق قانوني ملزم، يراعي مصالح كل الأطراف.