ذئب في زي حارس.. والبراءة تُغتصب في وضح النهار

في قرية العطارة بمحافظة القليوبية، لم تكن الطفلة ذات التسع سنوات تدري أن طريقها إلى المدرسة قد يتحول إلى كابوس، وأن من يُفترض أن يحرس المستشفى سيُتهم باغتصاب الأمان والطفولة معًا.
حارس أمن، مجرد موظف إداري، تحوّل إلى ذئب بشري، خطف من الطفلة براءتها، وترك في قلب أسرتها جرحًا لا يندمل.
الواقعة المأساوية التي فجّرتها الأجهزة الأمنية بعد بلاغ من الأهالي، تأتي بعد أيام من قصة الطفل "ياسين"، لتؤكد أن ما نواجهه ليس مجرد حوادث فردية... بل أزمة حقيقية، ومجتمعية، وأخلاقية تحتاج وقفة جادة.
القضية مش "دين".. الجريمة لا تعرف مسلمًا أو مسيحيًا
لن نخدع أنفسنا... المجرم لا يحمل ديانة، ولا هوية.
سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا، شيخًا أو قسيسًا، موظفًا أو عاطلًا… فالاعتداء الجنسي على طفل هو جريمة مكتملة الأركان، لا تُغتفر، ولا يبررها شيء.
الطفولة لا تُصنّف وفق بطاقة الهوية، ولا تُحمى بخطبة جمعة أو عظة أحد الشعانين فقط… بل تُحمى بقانون صارم، ومجتمع صاحٍ، ووعي متماسك.
القانون واضح.. والردع واجب
القانون المصري لا يرحم في مثل هذه الجرائم:
هتك عرض طفل: عقوبة قد تصل إلى السجن المشدد 15 عامًا.
الاغتصاب أو المواقعة بالقوة: السجن المؤبد أو الإعدام، خاصة لو كان الطفل تحت 18 سنة.
لكن الحقيقة المرة؟
العقوبة وحدها لا تكفي.
إذا لم نُعلّم أبناءنا معنى حدود الجسد، ولم نربّيهم على رفض الصمت، ولم نزرع فيهم الأمان، فستظل هذه الجرائم تتكرر رغم كل القوانين.
التوعية هي خط الدفاع الأول
الأسرة: عليها أن تبدأ التوعية من سن صغيرة، دون خجل أو تردد. لازم الطفل يعرف أن "جسده ملكه"، وأنه من حقه يرفض أي لمسة غير مريحة.
المدرسة: مش بس مكان للتعليم، بل بيئة للتثقيف، لبناء الشخصية، ولخلق بيئة آمنة وحانية.
الإعلام: لازم يلعب دوره في التوعية مش في التهويل، يقدّم محتوى يحمي الطفل ويوعي الأسرة.
ودور الأزهر والكنيسة؟ مسؤولية مش تشريف
على الأزهر الشريف أن يتحدث بوضوح عن حرمة الاعتداء على الأطفال، ويزرع في الشباب قيم الرحمة والاحترام.
وعلى الكنيسة المصرية أن تفتح منابرها للحديث عن حقوق الأطفال وكرامتهم، وتدعم الضحايا نفسيًا وروحيًا.
الاثنين معًا يجب أن يرسّخوا أن الدين لا يبرر الجريمة، ولا يحمي الجناة، ولا يفرق بين ضحية مسلمة وأخرى مسيحية.
الحل؟ مواجهة لا تجميل
السكوت مش حيادي... السكوت شراكة في الجريمة.
لازم نعترف إن عندنا مشكلة، ولازم نواجهها:
- تشريع أسرع وأكثر صرامة
- توعية مجتمعية تبدأ من الروضة
- رقابة حقيقية على من يعملون قرب الأطفال
- دعم نفسي وقانوني لكل ضحية
- وتجريم التستر على أي متحرش مهما كانت صفته أو مكانته
الطفولة مش مستنية لجان.. مستنية أمان
في كل مرة بنسمع عن "ياسين"، أو عن طفلة القليوبية، بنتوجع... لكن هل بنتحرك؟
طفل اليوم هو مواطن الغد... نحميه؟ نحمي مستقبلنا... نخذله؟ بنقضي على وطن كامل.