جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 07:48 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الاعتراف الأمريكي والأوروبي أبرز الشروط.. مستقبل العلاقات الدبلوماسية العربية بـ «أفغانستان» وقبول شرعية حكم طالبان

حركة طالبان
حركة طالبان

خروج القوات الأمريكية من أفغانستان بعد 20 عاما من اجتياحها، تاريخ مفصلي شهد عودة حركة طالبان إلى حكم كابول، وحددت الحركة موعدا لبقية دول العالم لإبداء الرفض أو الموافقة حول شرعية حكمها والاعتراف بسيطرتها وحكومتها وهو الأمر الذي تباينت حوله ردود الأفعال الدولية، بعضها لم يكن في حاجة إلى فرصة لحسم موقفه من حكم الحركة، وبدأ في اتخاذ خطوات جادة نحو التكيف مع التغيير في السلطة الحاكمة، في حين أنه لا تزال هناك أطراف دولية لم تحسم موقفها النهائي من التعامل مع طالبان.

ففي حين أن الاتحاد الأوروبي عبر عن استعداده للتحدث إليها كونها ربحت الحرب بعد صمود دام عشرين عاما، فضلت الولايات المتحدة الأمريكية التريث، معلنة: أنه من السابق لأوانه القول من الآن ما سيكون عليه الوضع في المستقبل، وأنها ستنتظر للحكم على أفعالها خصوصا بشأن احترام حقوق الإنسان قبل اتخاذ قرار حول طبيعة العلاقات معها، وحذت بريطانيا حذو أمريكا، وأكد رئيس الوزراء البريطاني أن بلاده ستحكم على نظام طالبان بناء على أفعالها وليس على أقوالها، بينما قال وزير خارجية الدنمارك: إن بلاده لن تعترف بأي حكومة لطالبان، في المقابل أعلن رئيس الوزراء الكندي أن بلاده لا تعتزم الاعتراف بحكومة طالبان.

رسائل طمأنة طالبان للمجتمع الدولي

وجهت حركة طالبان رسائل طمأنة إلى المجتمع الدولي لتعطي الانطباع أنها غيرت من عقيدتها السياسية في طريقة حكم البلاد، إلا أن الدول الغربية هي الأخرى لا تزال في حيرة من أمرها حول تعاطيها المستقبلي مع الحركة التي بسطت نفوذها على أفغانستان بعد 20 عاما من طردها من الحكم، باستثناء بعض الجهات التي رحبت بتصريحات قياداتها كـ: روسيا، الصين، وتركيا، والتي كانت رفضت سابقا حكمها الذي اتسم بالعنف منذ 1996 وحتى 2001.

وحول إمكانية إقامة بعض الدول العربية والأوروبية علاقات دبلوماسية مع أفغانستان في ظل حكم طالبان التي أكدت على الرغبة في إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية واقتصادية وسياسية مع جميع الدول، قال عبد الكريم صالح، الخبير الدراسات السياسية والإستراتيجية: إن العالم يتجه لإقامة علاقات مع طالبان دون الاعتراف بالحركة أو مع تأخيرها حتى تظهر نواياها الحقيقة، لكن الدول المرشحة فعليا حتى الآن لإقامة علاقات مع الحركة هي: الصين وروسيا وباكستان، بينما الاتحاد الأوروبي وأمريكا وكندا أعلنوا عدم الاعتراف واللجوء إلى التريث قبل اتخاذ هذه الخطوة.

وتابع: قطر كانت في طليعة الدول العربية التي تبدي اهتماما بالحركة، لكن باقي الدول العربية تنتظر وتترقب قبل اتخاذ أي خطوة، كما أن الظهور العربي في تلك الفترة يمكن أن يأتي حول إجلاء الرعايا وبعض المصالح البسيطة التي تفرض نفسها، وهناك الدول أرسلت بعثاتها وسفراءها كالصين وروسيا، بينما بعض الدول الأخرى كالولايات المتحدة نقلت سفارتها إلى قطر، وهناك دول أخرى تتعامل من خلال باكستان إلى حين يتضح الوضع في أفغانستان.

علاقة طالبان بـ روسيا والصين

ومن ناحيته، ترى الدكتورة بريهان كامل خبيرة العلاقات الدولية أن أهم دولتين تدعمان طالبان في الوقت الحالي هما: الصين وروسيا، ويعملن على الدعاية بشكل يومي لحركة طالبان، مضيفة أن الصين لا توقف الحديث عن تلك الحركة كحكومة مستقبلية لأفغانستان، وعلى الساحة الدولية هما أكثر دولتين من المقرر أن يدعموا طالبان في العلن سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

وأضافت أن السفارة الصينية والروسية ما زالتا قائمتين بأعمالهما حتى الآن بشكل طبيعي في العاصمة كابول، وقد تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تخطف الأضواء من الصين وروسيا بدعم جناح معين في طالبان، وحتى الآن غير واضح ما هو الجناح الذي يتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية من الحركة.

وتابعت: غالبية الدول الأوروبية غير مستعدة في الوقت الحالي لإقامة علاقة دبلوماسية مع حركة طالبان، مؤكدة أنها تنتظر من الحركة أفعالا وليس أقوالا، بمعنى احترام طالبان لحقوق المرأة وعدم استخدام العنف ضد المعارضين وما إلى ذلك، كما أن الدول الأوروبية تنظر إلى الموقف الأمريكي أولًا، فأمريكا أكدت أنها سوف تتصل مع طالبان دون الاعتراف بها، وهو الأمر ذاته الذي تسير عليه الدول الأوروبية من أجل إجلاء المواطنين الأوروبيين واللاجئين الأفغان وتوفير المساعدات الإنسانية.

الجانب الآخر من الدولة الباكستانية

وأكمل: أما باكستان، فطالبان بالنسبة لها ما هي إلا المولود الثاني، أي الجانب الآخر من الدولة الباكستانية، فنجاح الحركة يهم في المقام الأول باكستان، وبشأن إيران فلن يكون هناك تصادم بين إيران وطالبان وأنها ستكون في مقدمة الدول التي تعترف بطالبان لكن ليست الأولى، حتى تحافظ على الأقلية الهزارة –أقلية شيعية موجودة في وسط طالبان-وذلك تجنبًا لوجود نزاع وحرب طويلة بين طالبان والهزارة.

ومن المقرر أن يكون هناك تعاون كبير ما بين إيران وطالبان لأكثر من سبب أولا: دعم إيران لطالبان أثناء الاحتلال الأمريكي، ثانيا أن المحور الذي يدعم طالبان هو صديق وداعم لإيران واخص بالذكر الصين وروسيا حلفاء طالبان في الأساس قبل طالبان، ومن غير المنطقي أن يكون للحركة علاقات قوية مع روسيا والصين وتقيم حرب مع إيران.

اتصالات بدون اعتراف رسمي

وبدوره كشف عاصم النجار أستاذ العلاقات الدولية، أن جميع الدول العربية دون استثناء مستعدة لإقامة علاقات دبلوماسية مع طالبان، فجميع الدول لديها اتصالات مع طالبان في الوقت الحالي، لكن لا تعترف بها رسميا حتى تعترف بـها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وذلك تجنبا لتحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابية أو العناصر العابرة من الدول العربية، وعلى سبيل المثال إذا كانت هناك علاقة بين السعودية وطالبان وتصادف وجود مواطن من عناصر أسامة بن لادن يمكن أن تتسلمه.

وحذر النجار من أنه في حال عدم وجود علاقة بينهما ستتحول أفغانستان إلى ساحة للعناصر الإرهابية، وبالتالي جميع الدول العربية لا ترغب في تكرار أخطاء التسعينيات حتى يكون هناك تبادل معلومات عن العناصر الخطرة والإرهابية الموجودة في الوقت الحالي.

وشدد على أن السيناريوهات المتوقعة على صعيد الوجود الدبلوماسي تتمثل في روسيا والصين وإيران، ويأتي بعد ذلك دول في آسيا الوسطى مثل طاجيكستان، ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بالتزامن الدول الأوروبية، وبعد ذلك سوف تأتي الدول العربية التي لها علاقات بالفعل مع طالبان.