جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 03:10 صـ 18 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

رائحة الموت في كل مكان.. ”الديار” تحاور الطلاب العائدين من أوكرانيا (فيديو وصور)

جمال أبو الليل: كنا على يقينٍ بأن الدولة ستهتم بأمرنا

محمد غزالي: عرفنا قيمتنا عند مسئولي بلادنا ومصر حمت الجميع

محمد عبد الوهاب: طائرة خاصة اقلتنا إلى أرض الوطن

السفارة المصرية بسلوفاكيا احتضنت أشقاءنا العرب

شعرنا بالفخر عند سؤال المسؤولين بسلوفاكيا علينا دون غيرنا

فجأة، وبلا مقدمات، استيقظنا على صافرات الإنذار، ولم نكن نعلم أن الحرب ستشتعل بهذه السرعة، فلم نجد أمامنا سوى الخنادق للاحتماء بها من شدة القصف، الذي استهدف منشآت قريبة جدًّا من أماكن إقامتنا.

وعلى الفور، استغثنا بأعضاء السفارة المصرية في أوكرانيا، رغم بُعد المسافة بيننا وبينهم، وبالفعل كانوا نِعمَ المُعين، ووفروا لنا كل سُبل الأمان حتى عبورنا الحدود، ووصولنا لدولة سولوفاكيا، إلى أن وصلنا سالمين لأرض الوطن.

بهذه الكلمات بدأ جمال عبد الناصر أبو الليل، الطالب بكلية الصيدلة بمدينة " سيفرودونستك"، التابعة لإقليم "لوهانسك"، بأوكرانيا حديثه لـ"الديار" ، بعد عودته من جحيم الحرب الملتهبة في أغلب المدن الأوكرانية.

وتفصيلًا، أكد الطالب جمال عبد الناصر، ابن قرية "الطليحات" التابعة لمركز جهينة بمحافظة سوهاج قائلًا: "لم نتوقع الاهتمام الذي وجدناه، من مختلف القوات سواء الروسية أو الأوكرانية، بعد تواصل الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قيادات تلك الدول، التي وفَّرت لنا الخروج الآمن من منطقة الصراع، حتى وصولنا لدولة سولوفاكيا؛ لحين ترتيب إجراءات العودة لأرض الوطن.

وتابع: سافرتُ إلى أوكرانيا في العام 2017 للتعليم حيث أدرس بكلية الصيدلة بالفرقة الخامسة بجامعة " Volodymer Dahl East Ukrainian National University ".

وعقب إعلان روسيا الحرب على أوكرانيا، كنا نثق فى قياداتنا السياسية، وكنا على يقينٍ، بأن مصر ستهتم بأمرنا، وإذا تحدثنا عن ما فعلته الدولة لإجلائنا، لن نوفيهم حقهم؛ لأنهم لم يُقصِّروا معنا في أي شيءٍ، بل حرصت كلٌّ مِن: السفارة المصرية بسلوفاكيا، وبولندا، ورومانيا على إجلاء ومساعدة جميع أشقائنا العرب.

وأضاف: لقد كان التواصل دائمًا من السفارة المصرية في أوكرانيا مع رعاياها، في أي وقت ليلًا أونهارًا؛ لدراسة الوضع الذي حلَّ بنا، واختيار الوقت المناسب للتحرك من المدن المحتلة، إلى المدن الآمنة، أو أقرب حدودٍ لنا للخروج من أوكرانيا آمنين.

صوت الانفجارات

ويكمل: كنا نحن مَن يري الوضع في المدينة، كنا محتجزين بها، وكنا نخبر أعضاء السفارة، وكان عليهم إرشادنا، لقد كان الوضع هادئًا في بداية الحرب، ولكن فجأة، اقترب الخطر، واستيقظنا علي صافرات الإنذار، ووجب علينا التحرك علي الفور إلى الخنادق تحت الأرض؛ لتفادى القصف، فصوت الانفجارات كان بجانب منازلنا، ولقد رأينا الدبابات تسير في شوارع المدن مثل السيارات، وكان هناك ازدحام شديد علي منافذ بيع المواد الغذائية، والبنوك قبل إغلاقها، وهذا ما حدث بالفعل، بعد أن غادرنا، ونفذت الموارد الغذائية هناك.

حينها أبلغنا السفارة بما حدث، وأرشدتنا إلى ما سنفعله، ودبرت لنا طريقة الخروج من المدينة، ورغم خطورة الموقف، كانت كلمات الدكتور علي فاروق رئيس الجالية المصرية بسفارتنا في أوكرانيا حافزًا مهمًا لنا؛ فلم نشعر بأننا طلاب بحاجة إلى مساعدة، بل رجال علينا حماية أنفسنا، وشقيقاتنا الطالبات المصريات، العائدات معنا من مختلف الجامعات الأوكرانية، فهن أعراضنا التي لا يمكننا التفريط في حمايتهن، خصوصًا، وأن المدينة التي كنا بها في أقصي الشرق، وأقرب حدود لنا كانت أقصي الغرب.
غادرنا المدينة بالقطار

ويكمل محمد غزالي الطالب بكلية الطب الفرقة السادسة بأوكرانيا قائلًا: غادرنا من هذه المدينة بالقطار إلى مدينة " لفيف "، أقصي الغرب، وهي أقرب مدينة للحدود تقريبًا، واستغرقت حوالى 48 ساعة، ولكن كل هذا، ورغم الظروف والانفجارات، التي كانت تحدث في مدينة " كييف " العاصمة، وهي من أولى المدن، التي حدث فيها الانفجارات، والتي يوجد بها مقر السفارة المصرية، إلا أن الاتصال الدائم لم ينقطع من أعضاء السفارة؛ للاطمئنان علي سلامتنا، بالرغم من أنهم في خطر مثلنا.

وعندما وصلنا إلى مدينة "لفيف" استقلينا سيارة لمدة 6 ساعات؛ للذهاب إلى حدود سلوفاكيا، وهي أقرب دولة كان يمكننا التحرك إليها في هذا الوقت، وذلك بتنسيقٍ من السفارة المصرية، وهناك رأينا ما لم نتوقعه عند الحدود، لقد كان التعامل من قوات الجيش الأوكراني والسلوفاكي مع الجميع جيدًا جدًّا، وتم تقديم الوجبات الغذائية والمشروبات لنا، وعندما عبرنا الحدود؛ فوجئنا بأن الجيش السلوفاكي يبحث عن المصريين بالاسم؛ لإخراجنا، وإنهاء أوراقنا في أسرع وقت، وكان ينتظرنا باصٌّ خاص أرسلته السفارة المصرية بسلوفاكيا، بالتنسيق مع السفارة المصرية بأوكرانيا؛ ليأخذنا إلى عاصمة سلوفاكيا، وهي مدينة "براتيسلافا"، التي تبعد عن الحدود 8 ساعات، وعندما وصلنا إلى هناك، لم نشعر بأننا خارج بلادنا؛ لأن مَن كان ينتظرنا هناك أهلنا، وليس فقط أعضاء للسفارة المصرية، وهنا عرفنا قيمتنا عند مسؤلي بلادنا، وشعرنا بمعنى كلمة "مصري".

رحلة ومغامرة

ويكمل محمد غزالي الطالب بكلية الطب الفرقة السادسة بأوكرانيا قائلًا: "عندما وصلنا كان في استقبالنا أعضاء من السفارة المصرية، وعلي الفور أخذونا إلى الفندق ، للاستراحة بعد رحلة ومغامرة، لا يمكن أن نرى مثلها في حياتنا مره أخري، أو أن نعيش أيامًا صعبة مثل هذه الأيام.

وتابع: فور استيقاظنا من النوم بالفندق، فوجئنا بشاب من صعيد مصر مقيم بسلوفاكيا، يرحب بنا، ويعلمنا أنه حصل على إجازة من عمله؛ بهدف التطوع في خدمتنا، علي مدار الساعة، من خلال التنسيق مع أعضاء السفارة.

وأضاف: لقد كان الضغط شديدًا على السفارة المصرية بسلوفاكيا عند استقبال جموع الطلاب المصريين، من مختلف المدن الأوكرانية، إلا أنها كانت على قدر المسؤولية، التي امتدت لرعاية إخوة لنا من دول عربية أخرى، استقبلتهم السفارة المصرية، ووفرت لهم ما تم توفيره لنا، من مأكل ومسكن وكافة الاحتياجات الأخرى، وهو ما أسعدنا كثيرًا، وأشعرنا بالعزة والفخر، فقد نسقت السفارة مع أحد المطاعم في سلوفاكيا؛ لتجهيز الطعام كل يوم للطلاب، وتوزيع الوجبات على الفنادق للجميع، بدون مقابل، فنحن وغيرنا من أشقائنا العرب، لم ننفق دولارًا واحدًا، بعد أن عبرنا الحدود، واستقبلتنا السفارة المصرية في سلوفاكيا.

6 أيام فى سلوفاكيا

وفي سياق متصل، أكد محمد عبد الوهاب الطالب بكلية الطب الفرقة السادسة، وأحد العائدين من أوكرانيا قائلًا: عندما وصلنا إلى سلوفاكيا، لم يكن العدد مكتملًا؛ لإرسال طائرة لإجلائنا، لذلك أخبرتنا السفارة أن ننتظر، حتي يكتمل عدد ركاب الطائرة؛ لأنه ليس من المنطق، أن تأتي طائرة لإجلاء 40 أو 50 فردًا فقط، وبناءً عليه، مكثنا في سلوفاكيا 6 أيام.
وقال: طوال هذه الفترة، كان أعضاء السفارة في خدمتنا، وكل شئ كان متاحًا لنا، وأخبرونا بأنه علينا طلب أي كمية من الطعام، ولم يجبرونا علي نوعٍ معين من الطعام، بل كانوا يوفرون لنا قائمة طويلة نختار منها ما نشاء.

ولم ينتهِ الأمر عند ذلك الحد، بل اصطحبونا في رحلة سياحية؛ لتخفيف الضغط النفسي والبدني، الذي مررنا به، وعندما اكتمل عددنا نحو 170 طالبًا وطالبة، وليست 70 طالباً كما ذكرت بعض وسائل الإعلام، تم توفير طائرة خاصة؛ لإجلائنا إلى أرض الوطن، وكان في وداعنا السفير المصري، والعديد من أعضاء السفارة.

وفور عودتنا، حددت لنا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي موعدًا؛ لإجراء اختبارات تحديد مستوى؛ لمختلف الطلبة العائدين من أوكرانيا، تمهيدًا لقبولنا بالجامعات الخاصة والأهلية بمصر.

واختتم الطلبة حديثهم؛ بتوجيه الشكر للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذين أكدوا أنه لم يألو جهدًا في توفير الحماية والرعاية لهم، وهم تحت القصف، قائلين: "شعرنا بقيمتنا كمصريين، عند نداء القوات الأوكرانية والسلوفاكية علينا، فورعبورنا الحدود، دون غيرنا من مختلف الجنسيات"، وذلك بعد التنسيق الذي لاحظناه بأنفسنا مع حكومات تلك الدول.

كما توجه الطلبة العائدون من أوكرانيا بالشكر لسفير مصر في أوكرانيا أيمن الجمال، والدكتور على فاروق رئيس الجالية المصرية بأوكرانيا، والدكتور محمد سعد حسين المسؤول عن شؤون الطلبة بالجامعات الأوكرانية.

وتوجهوا بالشكر أيضًا إلى سفير مصر بسلوفاكيا باسم خليل، والقنصل زياد بسيم، ومحمد علي الزعلوك، ومحمود جودة زاهي أعضاء السفارة، والشاب المصري الأصيل سيد فتحي، علي مجهوداتهم التي قدموها لهم.