جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 05:21 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

هل تتمكن قوة ناشئة من تحقيق السلام في أوكرانيا؟

اوكرانيا
اوكرانيا

بينما تستمر الحرب الروسية الأوكرانية بلا هوادة وبدون هدف واضح في نهاية المطاف في مقابل خسائر مستمرة في الأرواح والممتلكات، يظل التساؤل الذي يطرح نفسه هو: إلى متى يمكن أن تستمر هذه الحرب؟.

وقال الدكتور إدوارد سالو، أستاذ مشارك في التاريخ ومدير مشارك لبرنامج الدكتوراه في دراسات التراث في جامعة ولاية أركنساس، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إنه على مدى الأيام القلائل الماضية، كانت هناك تلميحات من كلا الجانبين في الحرب الروسية الأوكرانية بأنه قد تكون هناك أسباب لحل دبلوماسي.

وأوضح أن هذا الطريق إلى السلام واعد بسبب الخسائر العسكرية الهائلة التي تكبدتها روسيا ، التي أضعفت الدولة بشكل خطير وستتطلب سنوات إن لم يكن عقودا لتعويضها. كما يعلم الجانبان أن أشهر الشتاء المقبلة ستجعل العمليات العسكرية أكثر صعوبة، وستؤدي إلى المزيد من الوفيات داخل وخارج ساحة المعركة.

ويقول سالو إنه في حين أن الأجواء الحالية للتوصل إلى حل دبلوماسي تبدو سيئة، فإنني أزعم أن هذه فرصة لقوة ناشئة للتقدم على الساحة الدولية والتوسط في السلام بين روسيا وأوكرانيا لتعزيز مكانتها كقوة رائدة، تماما كما فعلت الولايات المتحدة خلال الحرب الروسية اليابانية (1905-1904).

ويرى سالو أن العديد من الموضوعات المتعلقة بالأزمة تذكرنا بالوضع خلال الحرب الروسية اليابانية. وقد نتجت الحرب عن التوسع الاستعماري التنافسي لروسيا واليابان، وكلاهما أرادا السيطرة على الشرق الأقصى. علاوة على ذلك ، رأى قيصر روسيا الحرب كوسيلة لتعزيز شعبية نظامه في فترة من التراجع الوطني وتعزيز مكانة روسيا وسط الإمبراطوريات الكبرى في أوروبا. ورأت اليابان في الحرب فرصة لتصبح القوة العظمى في آسيا.

وبعد سلسلة من المهام الدبلوماسية الفاشلة لتجنب الحرب، شنت البحرية اليابانية هجوما مفاجئا على البحرية الروسية في بورت آرثر. وبعد هذا الهجوم الساحق ، استمر الروس في المعاناة من هزائم أخرى قبل أن يوافقوا أخيرا على سلام تفاوضي في عام .1905 وكان الجيش الياباني أقرب إلى الانهيار مما كان يبدو عليه، رغم أن ذلك لم يكن ظاهرا لليابانيين.

ويرى سالو أنه في حين أن الوضع الفعلي لما حدث في الفترة من 1905-1904 ليس هو نفس سياق الحرب الروسية الأوكرانية الحالية (ففي عام 1904 هاجمت اليابان روسيا ، وفي عام 2022 هاجمت روسيا أوكرانيا) ، إلا أنه يقدم العديد من أوجه التشابه التي تجعل الحرب الروسية اليابانية نموذجا مفيدا.

فقد تكبدت القوات الروسية في أوكرانيا، كما حدث في عام 1905، خسائر فادحة أمام ما كان ينظر إليه في البداية على أنه عدو أدنى.

وكانت الحرب الروسية اليابانية كذلك واحدة من أوائل الصراعات التي توضح قوة الثورة الصناعية في الإنتاج الضخم للأسلحة والمعدات، تماما كما أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية فعالية الطائرات المسيرة وغيرها من التقنيات في ساحة المعركة.

وفي 1905-1904 ، فقدت البحرية الروسية الكثير من أسطولها الذي كان محور استعراض القوة في ذلك الوقت.

وفي أوكرانيا، فقدت روسيا العديد من السفن البحرية وأكثر من 1400 دبابة ومركبة مدرعة، وهي السمة البارزة للحرب البرية الحديثة. وفي فترة 1905-1904 واليوم، كانت الخسائر والهزائم في ساحة المعركة مؤلمة لروسيا محليا ودوليا.

ومع مثل هذه الأحداث الكارثية التي تحدث في روسيا وأوكرانيا ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية إنهاء الحرب والتفاوض على السلام. ومرة أخرى، تقدم النظرة إلى الوراء في التاريخ سيناريو واحدا محتملا.

ففي حالة الحرب الروسية اليابانية، كانت الولايات المتحدة هي التي برزت كوسيط سلام. وكانت الولايات المتحدة قوة عالمية ناشئة بعد هزيمة إسبانيا في الحرب الإسبانية الأمريكية. ويقول البعض إن النصر كان بداية إمبراطوريتها وفترة من النمو الاقتصادي الهائل.

ومع ذلك ، لم تكن الولايات المتحدة قوة عالمية تقليدية مثل بريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية وروسيا لأنها لم تكن منخرطة في المعاهدات والاتفاقيات الدبلوماسية التي كانت عليها تلك الدول، بما في ذلك التحالف الأنجلو ياباني عام .1902 وبسبب هذه الشبكة من التحالفات، لا يمكن النظر إلى معظم القوى الأوروبية على أنها محايدة بما يكفي لتسهيل معاهدة لن تكون أحادية الجانب.

واليوم، تشارك الولايات المتحدة والدول الغربية في أوروبا في دعم أوكرانيا بحيث لا يمكن اعتبارها محكما محايدا للسلام. وأي مفاوضات تجريها روسيا لن ينظر إليها إلا من قبل المتشددين في موسكو على أنها تضعف دولتهم (وهو ما تقوم به الحرب بالفعل).

ومع ذلك، فإن هذه فرصة لقوة ناشئة أخرى لترسيخ نفسها على الساحة الدولية من خلال العمل كوسيط في مؤتمر للسلام. وتحتاج هذه الدولة إلى امتلاك القوة الدبلوماسية والعسكرية، كما كان لدى الولايات المتحدة في عام 1905، لينظر إليها على أنها نظير قريب من روسيا، ولكنها ليست تهديدا لوجود روسيا. علاوة على ذلك ، يجب ألا يكون لتلك الدولة مصلحة مباشرة في المنطقة (ولتكن تركيا) ولكن لديها بعض المصالح الاقتصادية على المحك (مثل إنتاج الغذاء الأوكراني). وأخيرا، يجب أن يكون للدولة روابط رسمية قليلة مع حلفاء روسيا أو أوكرانيا.

ومع تقدم الحرب، انخفض عدد الدول التي تنطبق عليها هذه المعايير. فإيران، التي حاولت أن تصبح قوة إقليمية، أزالت نفسها كوسيط سلام محتمل من خلال بيع الأسلحة إلى روسيا. وكانت الصين، التي تتطلع إليها العديد من الدول كطرف رائد آخر، فهي داعمة جدا لروسيا.