جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 03:29 صـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

عبادتهم مردودة عليهم .. ”التريند في بيت الله الحرام”

نهاد أبوالقمصان
نهاد أبوالقمصان

حالة من الجدل يثيرها المشاهير في بيت الله الحرام من حين لآخر، آخرها المحامية المصرية نهاد أبوالقمصان التي ظهرت بـ"تريبون" أمام الكعبة.

البعض رأى تصرف أبوالقمصان، رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان، هدفه "تصدر التريند" والبعض الآخر اعتبر الهدف "ضرب الثوابت الدينية".

قبل أسبوعين، هاجم البعض الفنان المصري تامر حسني بعدما نشر مقطعا مصورا وهو يحتضن زوجته بسمة بوسيل عندما كانا يجلسان في الحرم المكي، معتبرين أن هذا التصرف لا يليق ببيت الله الحرام وأن البحث عن "اللقطة" كانت مبتغاهما.

وبعيدا عن الحالتين السابق ذكرهما، أصبح من الملاحظ حرص الناس سواء مشاهير أو عامة على نشر صور ومقاطع مصورة أثناء وجودهم في الحرم المكي، والالتفات لإعلام الآخرين بوجودهم في هذا المكان المقدس، دون مراعاة لجلال اللحظة او توفير الوقت لأداء الفريضة.

وفي ذلك الصدد تحدث شيوخ وعلماء من الأزهر الشريف، بحسب "العين الاخبارية" بشأن ما يشهده المسجد الحرام من مخالفات أثناء أداء الحج أو العمرة.

الدكتور السيد سليمان، من علماء الأزهر الشريف في مصر، قال إن أصل العبادات حديث سيدنا محمد (ص): "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

وأوضح سليمان بحسب"العين"، أن العبادات تكون بمقصد الإنسان منها، فإذا قصد التقرب إلى الله وابتغاء مرضاته فإنها تكون مقبولة بإذن الله، وإن قصد الإنسان الشهرة أو الرياء أو النفاق فإنها تصبح عبادة "مردودة عليه"، لأنه لم يفعلها ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

وحول التقاط الصور والمقاطع المصورة في بيت الله الحرام، رأى العالم الأزهري أنه إذا كانت نيتهم توثيق لحظة من اللحظات الطيبة فلا حرج فيه، أما إن كان الغرض "التريند" والشهرة والتباهي والتفاخر وإعلام الآخرين بأنهم أدوا عبادة من العبادات، فإن هذه العبادة قد شابها الرياء والنفاق، والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.

وتابع: "إذا كان في التقاط مثل هذه الصور تضييع لوقت العبادة فعليه أن يتجنب ذلك حتى يكون المسلم خالصا في وقته وعمله لله سبحانه وتعالى، خاصة أنه لا يدري هل ستسنح الفرصة مرة أخرى ليزور بيت الله الحرام أم لا".

واستشهد الدكتور سليمان بالآية القرآنية "فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ"، موضحا أن العبادة التي يؤديها المسلم يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، ولا يشرك الإنسان فيها أي شيء آخر.

العالم الأزهري علق على الملابس المخالفة للمرأة في العمرة أو الحج، قائلا: "من يدخل بيت الله الحرام أو مسجد رسول الله، عليه أن يلتزم الأدب وما أمر الله سبحانه وتعالى به في هذه الأماكن".

وأضاف: "من شروط صحة الطواف بالكعبة التزام المرأة بالزي الشرعي الذي وصفه لنا رسول الله (ص)، وهي أن تخفي كل جسدها ما عدا كفها ووجها، وإلا كان هذا الطواف غير صحيح وعليها أن تعيده ثانيا بملبس شرعي بمثل ما تلبسه وهي تصلي".

وأكمل: "الطواف صلاة، غير أن الله سبحانه وتعالى أحل فيه الكلام، لكن لا يتكلم فيه الإنسان إلا بالدعاء والذكر والصلاة على سيدنا محمد (ص)".

الدكتور سالم مرة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف في مصر، بدأ حديثه مستشهدا بالآية القرآنية "الْحَجُّ أشهر معلومات فمن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الْحَجِّ".

وقال مرة لـ"العين الإخبارية"، إن كل ما من شأنه أن يخرج بالإنسان عن الآداب العامة التي يجب توافرها، فإنه عمل سيء ينقص من ثواب الحج أو العمرة.

وأضاف: "كل ما نراه من أفعال تخرج عن آداب الحج سواء رجل يحتضن زوجته أو يقبلها أو حتى العطر، فإنها أعمال ممنوعة منذ بداية الإحرام، سواء كان الإحرام بعمرة أو الإحرام بحج، وكلها تصرفات تنافي أخلاق التواجد في بيت الله الحرام".

وشدد مرة على ضرورة أن "يتحلى الإنسان بالآداب والأخلاق الإسلامية التي تبعده عن الوقوع في الشبهات، حتى لا يقع في المحظور، ويكون هناك فسوق وجدال وهذا يفسد الحج ويبطل ثواب الحاج".

وتحدث أستاذ الفقه المقارن عن قاعدة "سد الذرائع"، وفسرها: "يعني أنه على الإنسان ألا يدخل في شيء يأخذه إلى الشهوات أو المعصية".

ورأى مرة أن من يهتم بالمظاهر واللبس والتقاط الصور ووضعها على السوشيال ميديا في نفس توقيت وجوده في بيت الله الحرام ليس غرضهم الحج أو العمرة، مضيفا: "هذا خروج عن أخلاق الإسلام لأن الإحرام له زي معين يستوجب أن يترك الإنسان الزينة والاهتمام بالعالم بأسره لأنه تشبه بيوم الحشر".


الداعية الإسلامي الشيخ طلعت مسلم، تحدث أن جوهر الإحرام للحج أو العمرة ينضوي على أن المحرم في بيت الله الحرام لا يلتفت إلى أي شيء آخر غير الإقبال على وجه الله تعالى.

وقال مسلم لـ"العين الإخبارية"، إن الشخص بمجرد الإحرام فإنه حرم على نفسه المحيط والمخيط، وهو أشبه ما يكون بالكفن الذي يوصل الإنسان إلى قبره.

واستشهد الداعية الإسلامي بقول أحد الصالحين إن "المحرم كالميت في كفنه، وعندما يدخل الحرم كأنه دخل البرزخ"، وبالتالي لا يصح أن يكون المسلم في حالة التوجه إلى الله هذه وينشغل بالدنيا.

وتابع: "عند دخول بيت الله الحرام لا يجب أن ينشغل المسلم بالدنيا ويهتم بإخبار الناس أنه يؤدي عمرة أو حج بالتقاط الصور ونشرها، بل هو في هذا المكان الطاهر لطلب رضا الله"، مستشهدا بالآية القرآنية "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه".

وشدد مسلم على أن الذنب في مكة لا يغفر إلا في مكة وأن الله يحاسب على النية قبل العمل، قائلا: "الله في مكة لا يحاسب على العمل فقط بل يحاسب على النية"، متسشهدا بالآية القرآنية "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم".

وناشد مسلم من يتوجه لبيت الله الحرام أن يتعرف أولا على مناسك العمرة أو الحج، والآداب التي يجب أن يتحلى بها المسلم، والواجبات المنوط به أدائها هناك.