جريدة الديار
السبت 16 أغسطس 2025 02:17 مـ 22 صفر 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

علي جمعة: أُمِرنا أن نحبَّ الحياة الدنيا ونأخذ حظَّنا من السعادة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن هناك فرقا كبيرا بين حبِّ الحياة وحبِّ الحياة الدنيا؛ فالحياة في مفهومنا تشمل الدنيا والآخرة، وعقيدةُ المسلمين قائمة على الإيمان باليوم الآخر، وما بعده من الخلود والبقاء.

وتابع: وأما هذه الدنيا فليست غاية الأمر، بل هي الفانية، ولذلك قصَرَ الله تعالى الحياةَ على الآخرة في قوله: { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.

ونوه أن الدنيا جزءٌ قصير في رحلة الحياة، فمن أحبَّها وتعلَّق بها وحدها، فقد نسي وخسر حبَّ الحياة الدائمة. قال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، وقال تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.

وأشار إلى اننا أُمِرنا أن نحبَّ الحياة الدنيا من حيثُ هي مرحلةٌ أو مزرعةٌ للحياة الآخرة الباقية، وأُمِرنا كذلك أن نأخذ حظَّنا من السعادة فيها؛ فالمؤمن هو الأحق والأجدر بأن ينال حظَّه من نعم ربِّه وعطائه وتسخيراتِه في الكون.

وأضاف: لكننا نتمتَّع بزينة الحياة الدنيا وأعينُنا على الدار الآخرة التي هي استمرارٌ للحياة. قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

حقيقة الحياة

وحقيقةُ الحياة يغفل عنها المفرِّطون والجاحِدون لآيات الله؛ فالأولون يكرهون الدنيا فيضيِّعون حقَّهم وحقَّ الناس فيها، والآخرون يكرهون الآخرة ويعرضون عنها، ويقصرون الزينة والمتاع على الدنيا. وكل هؤلاء أصحابُ مفاهيم ضيِّقة للحياة، على عكس مفهوم الإسلام الذي وسَّع على أتباعه، فجعل الحياةَ تشمل الدنيا والآخرة. أما الدنيا وحدَها فهي دقائق معدودات بحساب الله سبحانه، حيث قال: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}.

الفرق بين حب الحياة وحب الدنيا

والتفريق بين حبِّ الحياة وحبِّ الدنيا أمرٌ لازم، لما نشأ من خلطٍ في عقول بعض النابتة، إذ كرهوا الحياةَ لأنهم كرهوا الدنيا، فسَعَوا إلى الموت ظانِّين أن ذلك ترجمةٌ لكراهية الدنيا، والحقيقة أنه ترجمةٌ لكراهية الحياة التي أُمِرنا أن نتمتَّع بما فيها، وألا نحرِم زينتَها، وأن نجعلها مزرعةً للآخرة.

بخلاف من خلط بين الحياة والدنيا، فإن الله تعالى قيَّد الحياة المذمومة بالدنيا المملوءة بالشهوات، فقال: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.