جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 01:40 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

انقسام داخل النهضة.. وسياسي تونسي لـ«الديار»: الحركة باتت معزولة والشعب يقف خلف قرارات الرئيس

أزمة تونس
أزمة تونس

تمر تونس بفترة في غاية الحساسية بعد أيام من قرارات رئيسها واجتماعات مكثفة لجميع الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد مع تعاطي جميع الدول إقليميًا ودوليًا مع مستجدات الساحة التونسية المتجددة وانتظار الجميع داخليًا وخارجيًا السيناريوهات المقبلة وحسم الموقف من خارطة الطريق وتجاوز الأزمة الراهنة التي يمكن وصفها بالعميقة، وذلك في ضوء الدعم الشعبي لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد والخلاف الداخلي داخل أروقة حركة النهضة.

 

الرئيس التونسي أصدر جملة من الإجراءات أبرزها حل الحكومة وتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتولي السلطة التنفيذية بنفسه، ثم اتخذ إجراءات تنفيذية أخرى أهمها تطهير الجهاز الحكومي من العناصر التي كانت مناوئة للرئيس خاصة المحسوبة على حركة النهضة.

 

اعتراض النهضة على قرارات الرئيس التونسي

 

القرارات الرئاسية التونسية قُوبلت باعتراض من حركة النهضة واصفةً الأحداث الراهنة بـ«الانقلاب على الثورة والدستور»، داعيةً إلى حوار وطني في البلاد وتقديم تنازلات من أجل إعادة الديمقراطية، وفق تعبير راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، مهددًا بأنه «إنْ لم يكن هناك اتفاق حول الحكومة القادمة، سندعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته»، وفق مقابلة الغنوشي مع وكالة «فرانس برس» الفرنسية.

 

 

الأستاذ باسل ترجمان، المحلل السياسي التونسي، يقول في هذا الأمر: «إن قرارات الرئيس قيس سعيد تهدف إلى محاولة إعادة ترتيب الأوضاع في الداخل التونسي، بعد أن كانت هناك محاولة مستمرة من أطراف سياسية وتحديدًا حركة النهضة الإخوانية لجر تونس لخانة الفوضى وسقوط الدولة التونسية وانهيارها أمنيًا واقتصاديًا».

 

انقسام داخل حركة النهضة التونسية

 

المحلل السياسي والباحث في الجماعات الإرهابية أوضح، في تصريح خاص لـ«الديار»، أن هناك حالة من الانقسام الواضح الداخلي بأروقة حركة النهضة الإخوانية بدليل إلغاء اجتماعات مجلس الشورى التابع للحركة وخروج تصريحات شديدة اللهجة من قبل راشد الغنوشي.

 

وأثارت تصريحات راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإخوانية، التي هدد فيها بطوفان من اللاجئين غير الشرعيين يتجهون صوب دولة إيطاليا والدول الأوروبية، ردود فعل غاضبة وانتقادات شديدة في تونس، إذ قال، في تصريحات لصحيفة «كورييري دلا سيرا» الإيطالية: «نحن جميعًا فوق مركب واحد خاصة أنتم الإيطاليون، فإذا لم تتم استعادة الديمقراطية قريبًا في تونس فإننا جميعًا سنغرق في الفوضى».

 

وتابع الغنوشي: «يمكن للإرهاب أن ينمو ويمكن أن يدفع عدم الاستقرار الناس للهجرة بأي طريقة ممكنة، ويمكن لـ500 ألف تونسي أن يصلوا إلى السواحل الإيطالية خلال مدة قصيرة»، في رسالة تهديد واضحة من حركة النهضة إلى الداخل التونسي والفاعليين الدوليين لا سيما الأوروبيين.

 

ولم تكن تهديدات الغنوشي الأولى من نوعها؛ فيبدو واضحًا أن حركة النهضة أو بالأحرى تنظيم الإخوان بشكل عام يتبع السياسة نفسها، حيث يلوح دائمًا بورقة الفوضى والإرهاب في حال فشل ما يخطط له أو ما يعارض مصالحه السياسية، إذ أدلى زعيم حركة النهضة الإخوانية بحوار سابق لوكالة الأنباء الفرنسية هدد فيه ضمنيًا التونسيين بالفوضى والعنف، تحت شعار الدفاع عن الثورة والديمقراطية، بحسب وصفه.

 

الأستاذ باسل ترجمان يتابع تصريحاته قائلًا: «إن الرئيس التونسي منذ أدائه اليمين الدستورية في أواخر أكتوبر عام 2019 أمام البرلمان يسعى إلى جعل تونس دولة مستقلة ودولة عادلة، وهذا ما اتضح جليًا خلال تصريحاته وقراراته الأخيرة، حيث يؤكد دائمًا فكرة الديمقراطية واستقلال تونس ومواجهة الفساد المالي والإداري».

 

أزمة قيس سعيد مع جميع الفاسدين في تونس

 

وأوضح المحلل السياسي التونسي أن مشكلة الرئيس قيس سعيد ليست مع حركة النهضة ولأن الأزمة مع جميع الفاسدين إداريًا وماليًا وسياسيًا والجهات التي تنهب أموال الشعب التونسي؛ لذلك يجد الرئيس التونسي غطاءً شرعيًا من قبل التونسيين، على العكس من حركة النهضة التي تعاني من الانقسام الداخلي؛ ما يعزز من موقف الرئيس التونسي.

وشدد الباحث في الجماعات الإرهابية على أن منظومة حركة النهضة تعاني من الفساد المالي والإداري وتسعى جاهدةً إلى هدم الدولة التونسية ومؤسساتها كما يحدث في السيناريو الأفغاني والصومالي، موضحًا أن هذه المساعي من حركة النهضة تتعارض وطموحات الرئيس التونسي؛ لذلك يواجه كل ما من شأنه أي يضر بمصالح الدولة ومؤسساتها.

 

فخلال استقباله محمد العقربي رئيس الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية، أكد الرئيس التونسي أنه لا مجال في تونس اليوم للظلم أو الابتزاز أو مصادرة الأموال، مشددًا على أن الحقوق محفوظة في إطار القانون، لطمأنة رجال الأعمال والمستثمرين بعد أن قال: «إنه سيطرح مبادرة صلح لاسترجاع أموال نهبها بعض رجال الأعمال».

 

وأشار المحلل السياسي التونسي إلى أن حركة النهضة حاليًا تعاني من العزلة فهم معزولون وعلى الجانب الآخر هناك دعم شعبي كبير لقرارات الرئيس التونسي التي تسعى لمكافحة الفساد ومحاربة الشلل السياسي والركود الاقتصادي المستمر منذ سنوات؛ وما يعزز من موقف "قيس" أفعال الحركة وتصريحات الغنوشي التي تهدد بالإرهاب والفوضى.

 

وتأكيدًا لتصريحات الأستاذ باسل ترجمان، تعقد حركة النهضة اجتماعًا مهمة مكثفة وسط تسريبات عن خلافات كبيرة تشق الحركة حول كيفية التعاطي مع قرارات الرئيس قيس سعيد.

 

 ففي وقت سابق طالب بيان صادر عن شباب حزب حركة النهضة قيادة حزبهم بحل المكتب التنفيذي للحزب لفشل خياراته بتلبية حاجات التونسيين، مطالبين راشد الغنوشي بتغليب مصلحة تونس.

 

البيان الصادر عن شباب حزب حركة النهضة طالب قياداته بالآتي:

 

  • التمسك بمكتسبات الثورة التونسية، وانتهاج الحوار كخيار أوحد لتجاوز الأزمة من خلال العودة إلى المؤسسات الدستورية المنتخبة واستئناف عملها في أقرب الآجال.
  • دعوة القيادة الحالية لحركة النهضة لتحمل المسؤولية عن التقصير في تحقيق مطالب الشعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان والغليان، حيث لم تكن خيارات الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارتها للتحالفات والأزمات السياسية ناجعة في تلبية حاجيات المواطن.
  • مطالبة مجلس الشورى الوطني بتحمل مسؤوليته وحل المكتب التنفيذي للحزب فورًا وتكليف خلية أزمة قادرة على التعاطي مع الوضعية الحادة التي تعيشها تونس لتأمين العودة السريعة لنشاط المؤسسات الدستورية.
  • دعوة رئيس البرلمان راشد الغنوشي لتغليب المصلحة الوطنية واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتأمين عودة البرلمان إلى سيره العادي.
  • مطالبة الحركة بأن تتفاعل إيجابيًا مع أي مبادرة سياسية تخرج البلاد من أزمتها الخانقة، تحت سقف القانون والمؤسسات الدستورية.