جريدة الديار
الخميس 2 مايو 2024 06:58 مـ 23 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

المشير محمد حسين طنطاوي.. الجنرال العنيد.. والقائد الذي أعاد بناء الجيش وقياداته

المشير محمد حسين طنطاوي
المشير محمد حسين طنطاوي

تولى المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، مناصب رفيعة أبرزها رئاسة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في أعقاب 25 يناير، وتولى خلالها إدارة أمور الدولة، ذلك الرجل الذي حافظ على العقيدة القتالية للجيش المصري، وأعاد بناء قياداته وتسليحه مع الالتزام بالاستراتيجية المصرية في التدريب على مجابهة الجيوش اعتمادا على القوة البشرية والعزيمة المصرية.

وترك خلفه إرثا عسكريا مشرفا تبرز فيه بطولاته خلال حرب أكتوبر المجيدة حيث كان وكتيبته في طلائع الكتائب التي عبرت القناة، بطولات وأمجاد ومواقف مشرفة دائما حاضرة مع سيرة الرجل العطرة، وهو الأمر الذي يبدو جليا في تحية الرئيس عبد الفتاح السيسي له عدة مرات، كان أبرزها خلال الاحتفال بالذكرى 42 لانتصارات أكتوبر، قائلا:"اسمحولي أوجه التحية ليه لوحده.. سيادة المشير حسين طنطاوي"، وذلك تعبيرا عن التقدير لدوره الوطني.

هذه التحية كانت بمثابة تقدير وامتنان من الجيش المصري بأكمله لرفض المشير طنطاوي تغيير العقيدة العسكرية والنظام الاستراتيجي للجيش المصري، كما أنه منذ توليه وزارة الدفاع ظل ورجال الجيش المصري يتقاضون نصف رواتبهم ولمدة 20 عاما، لتحقيق قدرة اقتصادية تساعد الجيش في تطوير أسلحته وتوفير تمويلاته اللازمة للتدريب والارتقاء بمستوى الجيش على كافة الأفرع والقطاعات والأسلحة، فضلا عن كونه صاحب هذه الفكرة.

المشير العنيد

يحمل التاريخ العسكري للمشير محمد حسين طنطاوي موقفا مشرفا، حيث رفض تغيير إستراتيجية الجيش المصري بما يتماشى مع المصالح الأمريكية، وأكد أن حماية الأراضي المصرية أولوية وخط أحمر لا يقبل المساس به، وصفته القيادات العسكرية الأمريكية المشير العنيد.

حيث كشفت وثائق "ويكيلكس" على لسان جنرالات وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" مقاومة المشير طنطاوي ورفضه تغيير النظام العسكري المصري، وأبرزت برقيات دبلوماسية أمريكية قاوم ضغوطها ورفض تعديل إستراتيجيته في التصدي لتهديدات إقليمية جديدة، مؤكدًا أن الأمن القومي للبلاد "خط أحمر" لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاوزه.

وقالت إحدى البرقيات إن مسؤولين عسكريين أمريكيين قالوا: إن الجيش المصري في حاجة إلى أن تتم إعادة تركيزه لمجابهة "تهديدات متباينة" مثل الإرهاب وتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة والقرصنة ودعم السياسة الأمريكية تجاه إيران.

بينما نصت برقية أخرى، أنه: "في حين أن العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية لا تزال قوية... يقاوم الجيش المصري جهودنا لتعديل توجهاته بشكل يتجاوب مع مهمة التصدي إلى التهديدات الإقليمية والمرحلية الجديدة"، وهو الأمر الذي رد عليه بالقول: إن التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة مختلفة عن تلك التي تواجه بلادهم.

جيش تقليدي قوي لمواجهة الجيوش الأخرى

وورد في برقية أخرى، حديث للواء الراحل محمد العصار مساعد وزير الدفاع الأسبق، قوله: إن سياسة الدفاع المصرية تعطي الأولوية للأرض المصرية وقناة السويس والحفاظ على جيش تقليدي قوي لمواجهة الجيوش الأخرى في المنطقة.

وأظهرت البرقية أيضًا أن العصار قال إنه على الرغم من أن مصر تفضل شراء أسلحتها وعتادها من الولايات المتحدة إلا أن "الأمن القومي خط أحمر"، مضيفا أن المصريين يمكنهم "التحول إلى مصدر آخر إذا اضطروا إلى ذلك".

وأظهرت برقية تعود إلى سبتمبر 2008 أن مسؤولين أمريكيين انتقدوا الجيش المصري بسبب "استمراره في... التدريب على حرب جيش مقابل جيش مع التركيز بدرجة أكبر على القوة البرية والمدرعات". لكن العصار قال إن الأسلحة الثقيلة مثل الطائرات والدبابات ضرورية لمهام مكافحة الإرهاب ودعا المسؤولين الأمريكيين إلى مطالبة الكونجرس بعدم تقييد المعدات التي تحصل عليها مصر منها.

وقالت البرقية الأمريكية، إن وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي هو العقبة الرئيسية أمام تغيير مهمة الجيش.

العبور بمصر إلى بر الأمان

دور آخر يؤكد عطائه الوطني، حيث كان بمقدور المشير طنطاوي أن يبقى في الحكم بعد تنحي الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وعهد إليه بإدارة حكم مصر، ولم يكن ليمنعه أحدا حينها، لكنه زهد في الحكم وسار في حقل ألغام ليل نهار يفكك مؤامرات داخلية وخارجية لا تنتهي، هدفها إسقاط الدولة وتقسيمها أو إغراقها في حرب أهلية تدوم سنوات.

تفاني المشير طنطاوي، في خدمة مصر وشعبها وتحمل مشاق وصعوبة المرحلة الحرجة ونجح في تنظيم الانتخابات في موعدها ورفض خوضها، مكتفيا بما قدمه لمصر خلال وجوده في الجيش كجندي مقاتل يحمي حدودها ويحافظ على أمنها واستقرارها ضد المخاطر الداخلية والخارجية.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية: إن الراحل المشير محمد حسين طنطاوي، كان رجلا صارما يؤمن بكرامة العسكرية المصرية والرجل العسكري، ويمثل ضمير مصر، وكان ذلك واضحا خلال أدائه في مجلس الوزراء خلال فترة توليه منصب وزير الدفاع وقت حكم الرئيس مبارك.

وأوضح الفقي أن الرئيس الراحل مبارك عرض على المشير طنطاوي تولي منصب نائب الرئيس خلال 25 يناير لكنه رفض وقال: أنا رجل عسكري وسأظل رجلا عسكريا، مشيرا إلى أن المشير طنطاوي كان زاهدا في المناصب، وظهر هذا واضحا خلال فترة توليه مسؤولية الحكم خلال فترة المجلس العسكري التي أعقبت 25 يناير.

نقلا عن العدد الورقي....