جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 05:22 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ناصر خليفة يكتب: تعددت التأويلات والفيروس واحد

ناصر خليفة
ناصر خليفة

في أزمة "الكورونا" المعاصرة وما سبقها من أزمات متماثلة، طغت وطفت على سطح "السوشيال ميديا" وعلى كل أحاديث الناس؛ ردود أفعال مختلفة وتحليلات وأخبار متباينة وتداعيات كثيرة. اختلف الناس وانقسموا إلى فريقين رئيسيين ،فريق أكد أن كُل ما حدث و يحدث وسيحدث هو من عِند الله وأن كل الإبتلاءات من السماء، وأن كلها منح ربانية لحكمة لا يعلمها إلا هو .. وفريق آخر "ربما كان أكثر عددا؛ يؤكد أن ما حدث ويحدث إنما يخضع تحت أطر المفاهيم العلمية البحتة والمقاييس الطبية المتخصصة، ويؤكد هذا الفريق أن العلم هو الوحيد المسؤول عن كُل شئ وأن جميع الآلهة؛ ليس لها دخل فيما يجري على الإطلاق، لا في حياتنا ولا في واقعنا، لا إله المسلمين ولا غير المسلمين. لا بأس أن نختلف في تقنين تفسيرات هذا الوباء وبيان وتبيين أسبابه ونتائجه، فقد نزل على رأس البشرية جمعاء فلا بأس في اختلاف الرؤى المختلفة حول "الأزمة" سواء كان مصدرها منظور علمي مجَرد أو من خلال منظور ديني خاص بكل عقيدة ..

ومن منطلق هذا الاختلاف منحت نفسي حق الحديث عن "كورونا" من منظور معتقدي الذي أمنتُ به، ليس فقط بِالوراثة، بل عن قناعة ذاتيه وإيمان خالص أيضا، ولم يحدث أبدا أن دفعني هذا الإيمان لإتباع جماعة أو "قطيع" "سلفيا كان أو غير ذلك".

ولأني مُعتقد إعتقاد "راسخ ومطلَق" بأن الله هو الوحيد الذي بيده كل شئ، وهو القادر الأوحد على إدارة حياتنا الدنيا وبكل من فيها وما فيها فيما مضى وماهو حاضر وما هو مقبل، فهو مالك السماوات والأرض، وهو العليم والأعلم بكل شيئ في الكون كله، فهو الذي خلق الإنسان وتكفل به وبكل مجريات حياته الأولى والآخرة، لذلك فقناعتي تامة بأن كل ما يصيب الإنسان هو بإرادة الله ولن يصيب الإنسان إلا ما قد كُتب له، ولو اختلف البعض على هذه الرؤية فيكفي انه يزيد من يقيني وإعتقادي بربي إيماناً أكبر وقناعة أشد، دون أدنى ريب.

"كورونا" ليس إلا إبتلاء وإن كان مختلفا فبسبب شدة خطورته لسرعة تنقله وانتشاره، وفي كُل الابتلاءات حكمة وليس لنا بداً من إستشعار هذه الحكم والبحث فيها، لأننا معتقدون أن كُل الحياة ما هي إلا إبتلاء وإمتحان وإختبار وتمحيص..

{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (35 الانبياء) .. فلا نيأس ولا نفطع الدعاء برفع البلاء { لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} (49 فصلت) .

أزمة كورونا منحة لكل إنسان مؤمن ليعيد حساباته مع ربه، ماضيه وحاضره ثم التخطيط لمستقبل مختلف في اطار علاقته بربه، ولا يعني ذلك أن يلجا المؤمن للخرافات والتواكل والإتكالية والسلبية، بل بالأخذ بالأسباب العلمية والطبية والعملية وإن كانت من عند غير المؤمنين .مع الدعاء والتضرع لله برفع البلاء.. {واتبع سببا}.و {جعلنا الإنسان على نفسه بصيرة}.

- ويظل "كورونا" فتنة شديدة! لكن فتنة البشر أشد وأخطر.

- سيرحل المعلم كورونا ويبقى الدرس.