جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 04:37 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الكاتب محمد جمال المغربى يكتب : محاكاة الغرب طمس للهوية الإسلامية

عندما فشل الغرب فى إخضاع وترويض هوية المسلمين الثقافية عن طريق الغزو العسكرى, والذى استمر لمئات السنوات, مرورًا بالحملات الصليبية, و وصولًا للاستعمار الانجليزى والفرنسى, فترسخ فى عقيدتهم أنهم لا قبل لهم بمواجهة أسوار تلك الهوية, والمسلمين متحدين, فلابد من تفرقتهم بطرق مستحدثة, وهى أن يغزوهم بأنواع جديدة من الغزو: "كالغزو الإقتصادى" بالتحكم فى ثروات الدول العربية والإسلامية, وجعلهم دومًا مستهلكين غير منتجين, بهدف السيطرة على إقتصادهم, و"الغزو الفكرى والأخلاقى" وهو من وجهة نظرى أخطر انواع الغزو, لأنه يغسل العقول, وينشر الأفكار الهدامة تحت ستار التحرر والتقدم, وجعل المفاهيم الإسلامية دومًا فى وضع مشبوه بالرجعية والتخلف, ونبذ الدين وتهميشه بل والسعى إلى تنحيته جانبًا.



بدأ الغزو بإستخدام إستراتيجية ومنهجية جديدة, تستهدف الاستيلاء على عقول الشباب المسلم بغرض قصف هوية المجتمع الإسلامى المحافظ وتدميره, هذه المنهجية تتمثل فى جعل الشباب المسلم ينبهر بالحضارة الغربية الحديثة, ومن ثم يقارن بينها وبين الواقع الحياتى المتدهور الذى يعيشه العرب والمسلمون من ضعف وتخلف والعجز عن اللحاق بقطار التقدم, فيلجأ الشباب إلى تقليد الشباب الغربى الذى أصبح بالنسبة له مثلًا و قدوة.



ـ التقليد أساسًا صفة سلبية يصاب صاحبها بها حينما يشعر بالنقص والدونية وقلة الحيلة وعدم الابتكار, فيبحث عما هو سهل ويحاكيه, ويتبعه من غير إدراك ولا وعى ولا تمحيص, من غير دليل شرعى إسلامى, ولا يفكر حتى فى وضعه فى ميزان الشريعة.

لقد نهى الله عزوجل عن التقليد المطلق وذلك فى القرآن فى مواضع كثيرة, فحذرنا من اليهود والمنافقين, وجميع الذين لا يدينون بالإسلام , يقول الله تعالى (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فأتبعها ولا تتبع آهواء الذين لا يعلمون) فمعنى جعلناك على شريعة من الأمر أى على منهاٍج واضٍح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق.


ويقول تعالى (كنتم خير أمٍة أخرجت للناس) فيجب على الأمة الإسلامية أن تدرك حقيقتها و وقيمتها التى مّن الله بها عليها, وتعرف ان الله قد قدّر لها الطليعة والقيادة فى الخير, وذلك لحكمته تعالى فى تعمير الأرض ويترتب على ذلك أنه لا يليق بأمة حاصلة على شارة القيادة أن تتلقى الريادة من الأمم الغير مسلمة, بل عليها هى أن توجه تلك الأمم إلى الإعتقاد الصحيح, والنظام الشرعى, والخلق الإسلامى القويم, وتعلمها العلم الشرعى بهدف إقامة مجتمع صالح .


كما حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من إتباع السنن الأخرى فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن الذين قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتوهم, قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن "صحيح البخارى"). نجد شباب الأمة الإسلامية هذه الأيام يحاكون شباب الغرب فى الملبس و قص الشعر وسماع, بل وحفظ الأغانى الغربية والتزين بالزينة النسائية بالنسبة للذكور, وإباحة اختلاط الرجال بالنساء فى الحفلات والسهرات, وتلقف أحدث الموضات والتقليعات, والتبرج والسفور بل و التخنث والميوعة.


ـ أسباب تفشى تقليد الشباب المسلم للشباب الغربى والحلول:

ـ أسباب تفشى تقليد الشباب المسلم للشباب الغربى والحلول:

ـ عدم التمسك بكتاب الله والسنة النبوية فهما مصدرا العزة لأمتنا ومنبع الكرامة لها, فلا يرفع هذه العزة تأخر حضارى ولا تراجع علمى ولا انكسار عسكرى, بل نحن أعزاء بالله يقول تعالى (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فلابد للرجوع لهما لكى يعود الشباب لإنتماءه لعقيدة الإسلام ويستطيع مقاومة الغزو الفكرى والثقافى المتقدم والمتطور, بناءًا على قواعد راسخة.

ـ الانفتاح الزائد على الغرب عن طريق سفرنا لهم للسياحة وللعلم والتجارة, فيقع البعض ممن لا يملكون الكثير من العلم بالشريعة الإسلامية فى شراك الفتن التى يبثها الغرب عن طريق وسائل إعلامهم المرئية والمطبوعة, وما تروجه من برامج الإباحية, والإلحاد والموضة السافرة, فلابد من عدم إتباع الغرب فى كل مناحى الحياة, بسبب تطورهم المادى الكبير, بل علينا تخير ما فيه الصالح والخيرلنا بعد وضع المنقول فى ميزان الشريعة, لأن المعيار لديهم المصلحة فقط, فالغاية تبرر الوسيلة لكن فى شريعتنا لابد من توافق الغاية والوسيلة مع المشروعية.

ـ جهل الشباب المسلم بتاريخه الإسلامى الوضاء, وكيف أن الإسلام صال وجال الأرض شرقًا وغربًا, وعلّم العالم العلوم والأدب والفنون, وأن ما تعانيه الأمة حاليًا من تدهور هو حالة مستثناة, وإن كانت أمة الإسلام اليوم تعانى فغدًا والمستقبل لنا, لأننا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونقيم العدل, والدليل نحن أصحاب حضارة منذ أربعة عشر قرنًا, وجهل الشياب المسلم بحقيقة الغرب وفكره وسياسته وأهدافه وما يريده من بث حضارته الهشة, وإن كانت فى عيونهم براقة, فمتاعهم زائل بدليل قوله تعالى (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى خير لأنفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثمًا و لهم عذاب مهين).

ـ سوء التوكل على الله: فعندما ابتعد المسلمون عن دينهم وكتابهم عاقبهم الله بتجميد أفكارهم وإبداعهم ومن ثم وكّلوا أمرهم لغيرالله عزوجل, فشغلوا عقولهم بأفكار وثقافات مبنية على معايير أخلاقية تتنافى مع فطرة الإسلام, ووقعوا فى مصيدة التقليد الأعمى.

ـ أوقات الفراغ القاتلة وغياب الوازع الدينى, وإهمال الآباء للأبناء, تجعل الشباب يتجه نحو تقليد الغرب عبر متابعة الإنترنت والتلفاز, مع غياب رقابة أولياء الأمور لأولادهم وعدم متابعتهم, وبعدهم عن قيم الإسلام وعادات العرب المترسخة, فيجب على الآباء إحتواء الأبناء وخاصة فى مرحلة المراهقة وتذكيرهم بنماذج من الصحابة كمثل أعلى لهم يحاكونه.

ـ عدم الثقة بالنفس: فكما ذكرت التقليد صفة سلبية تنتاب صاحبها حينما يشعر بالنقص وقلة الحيلة, ويتجلى ذلك عند السفر للغرب والانبهار به فيقع الشباب المسلم فى مستنقع فقدان الذات والهوية الإسلامية.

*التقليد الأعمى: هو تقليد مذموم لأنه يلغى ويعطل العقل البشرى, ويبعد الإنسان عن دستوره السماوى وهو القرآن ليتحول إلى مسخ بشرى يحركه هوى النفس والشيطان, ليهوى به فى النهاية إلى هاوية الكفر والفجور, لأنه تقليد يسلب الأمة نكهتها الإسلامية, ويجعلها بدون رؤية وهوية, وهذا التقليد الأعمى ذمّه الله تعالى بقوله (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون).

**لا يليق بأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تحاكى أممًا أخرى ثيابها خرقاء, محاكاة عمياء لأننا بنص القرآن خير الأمم يقول تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون).