جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 04:18 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد أبوحلاوه يكتب : «طيف الشيطان» و «سيف السلطان»

محمد أبوحلاوه
محمد أبوحلاوه

طيف الشيطان الذى يظهر في الأفكار والآراء الشاذة سواء كانت عن عمد أو جهل وسيف السلطان متمثلا في المؤسسات المنوط بها في المثلث الذي يشكل الوعى ومخاطبة المصريين فى الخطاب الإعلامى والثقافى والدينى.

أتمنى أن يقطع يد كل هذا العبث الذي يرهق الأمة في القيل والقال دون جدوى أو طائلة من تلك الآراء والأفكار العقيمة التى لاتنتج شيء ولا تفيد العقل لشيء.

شهدت الآونة الأخيرة أزمة تضارب وتناقض وتعتيم بين التأويلات والتهويلات مما سبب مشهد الضباب وانعدام الرؤية وانبطاح المواقف وخزلان أم الدنيا من أبناؤها التى حتى الآن لم نعرف قيمتها وتلك لأسباب كثيرة نفتقد فيها ترتيب أولويات الخطاب الديني والاعلامى والثقافى، فقد اصبحت تلك المؤسسات تتحدث دائما فى أشياء بعيدة كل البعد عن ما نأمله من المستقبل، وما نريده من الأجيال ونعده لهم من زرع قيم وأخلاق وانتماء كي نجنى ثماره في الحاضر والمستقبل.

أتأمل كثيرا كم نفرغ طاقتنا في أمور عبثية ومجادلات سخيفة وسجال وإسفاف لاينتج عنهم إلا مشاحنات وضيق للصدور والنفس التى ألجمتها تلك الآراء من التفكر والتخيل والإبداع العمل.

والمقصد هنا الطرح العقيم من وقت لأخر من آراء تخلق مناخ من الثرثرة مثل الهجوم على الشيخ الشعراوي وقضايا الحجاب وجميع الآراء التى تأتى دون سند أو حجة أو منطق وأيضا الاجتهاد العقيم في تشويه الرموز لكى يثبت بعض منا أنه من جهابزة هذا الزمان.

فهل يقف الإعجاز العلمي في القرآن عند تلك القضايا؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالى وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين، فأين رحمتكم يا دعاة الدين وحماة الفضيلة من أبناؤنا في الشواراع دون مأوى أين ابداعكم في خلق رؤى وتصورات وأفكار للفقراء؟، أين هى اجتهادتكم من شباب أقدم على الانتحار أين وأين.....

لا أحد يفكر إلا في النجومية والظهور على الشاشات والاستعراض والرقص بشكل مختلف على أوجاع الناس.

الخطاب الديني ووقف الزحف نحو الجاهلية هو أهم ما نفتقده في هذا الزمان لأن إذا نشأ جيل دون دين ماذا ننتظر منه إلا أفكار متطرفه وفكر متخلف حتما إن القصور في الدعوة الدينية يتسبب في خلل في القيم مثل التسامح والعفو عن المقدرة إلخ....

وأيضا في الحالة الإنسانية العامة مثل الرفق وزيارة المريض وصلة الرحم والذوق العام في الحوار الراقي والأدب واحترام الكبير ورحمة المستصعف والصغير وكل سمات الأخلاق.

وكما قال رسولنا الكريم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، ليكن هذا نهج على منابركم واحاديثكم بعيدا عن المناقشات التى لاتجدى نفعا.

الثقافة وما أنبثق منها من فنون كيف أصبحت جثة هامدة وقوى داخل قفص ويعتليها للأسف الشديد رموز صنعت بالخطأ وأقصد في السينما والمسرح والشعر والأدب وحتى النحت الذي رأيته يعرض في الميادين، اتعجب كيف كان الشعر في مصر وكيف أصبح لما غابت الحكمة والعزيمة وحب الوطن بالشعر مثل أشعار أحمد شوقى، محمود سامى البارودي لما فقد الشعر تأثيره وقيمته فى تشكيل الوعى ومخاطبة الأمة وعرض جراحها وفراحها وعزتها وكرمتها وتقديم الحكمة والنصيحة.

أين النص الذي يليق بنا وبأوطننا؟!

وأين المغنى والمعنى الذي يطربنا ولماذا يرقص المغنى أكثر مما يغنى؟!

على كلمات هزيلة ولحن لا يحاكى الوجدان كيف سمحنا بأن يكون المهرجانات لغة العصر بعد أن انسحبت الحركة الثقافية من المشهد؟!

أين الرواية وأين القصة التى تستطيع أن تأخذ خيال ووجدان المتلقى لعالم من السحر والإبداع؟!.

كانت أم كلثوم تنشر أعذب وأرقى الكلمات حتى تغنى المواطن البسيط بأصعب القصائد المسموعة مثل أراك عصى الدمع شميتك الصبر للشاعر والفارس السورى أبو فراس الحمدانى وكانت الست حراك ثقافى أقوى من كل القصور الثقافية فى كل الوطن العربي وتبادل ثقافى، أيضا حينا غنت أغدا ألقاك للشاعر السودانى الهادى ادام.

اصبحنا الآن ننتج مهرجانات كلماتها خادشة للحياء وتحتاج إلى شرطة الآداب أكثر من المصنفات.

نريد فنان واحد يتغنى بالفصحى وندعمه جميعا.

وها أنا أقول أن المؤسسات الثقافية حيث سيف السلطان الذي يقوم ببتر تلك الأعضاء السرطانية التى ظهرت كطيف الشيطان.

إن الخطاب الاعلامى لسان الأمة وضمير الحال ولكن منذ أصبحت التجارة هى من يتحكم فى اللسان أصبح اللسان غير فصيحا وغير بليغا كما قال الإمام الشافعى في قصيدته:

إن الدراهم في المجالس كلها تكسو الرجال مهابة وجلالا هي اللسان لمن أراد فصاحة وهى السيوف لمن أراد قتالا.

ولعل القصور الذي ندفع ثمنه أن إعلام الدولة قد غاب ولا يستطيع مجابهة الإعلام الخاص والإعلام الدولى الذي يهاجمنا صباح مساء لنترك أيضا تلك الساحة بهذا الوضع الذي يتفاقم يوميا غياب للحقائق وانتشار الشائعات بشكل مفرط.

كم لدينا من القنوات والصحف؟ ولماذا لا نستطيع السيطرة على المشهد الاعلامى؟

في نشر ما هو مفيد وهادف ونستفيد من التجارب العالمية في إعلام متخصص للصناعة والزراعة الحديثة والتعليم المستمر وتعزيز الجانب الخبرى بما يحد من انتشار الشائعات ولا نترك المعلومة للاجتهادات.