جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 11:19 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

محمد خليفة يكتب: قصة حب كادت تقضى على عرش الملك ”أمنحتب الثالث” !

محمد خليفة
محمد خليفة

كشفت دراسة مصرية تاريخية ، تفاصيل واحدة من أقدم قصص الحب في التاريخ، وهي القصة التي كادت أن تتسبب في ضياع كرسي العرش من أعظم ملوك مصر القديمة، وهو الملك أمنحتب الثالث.
ويقول الباحث والأثري الدكتور محمد يحيى عويضه في دراسته الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية إن امنحتب الثالث تاسع ملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر الفرعونية والذي يعد أحد أعظم حكام مصر على مر التاريخ والذي اهتم بالرياضة والصيد والقنص وعرف بأنه صياد عظيم ،لكن قلبه وجد من يصطاده، ووقع فؤاده اسيرا لدى واحدة من عامة الشعب، واصر على الارتباط بها والزواج منها برغم أن اصراره على الزواج من محبوبته كاد أن يفقده عرشه الملكي.
كانت القصة بطلتها محبوبة امنحتب الثالث الملكة “ تي “ التي لم تكن تحمل دماء ملكية لكنها وبفضل الحب الذى جمع بين قلبها وقلب الملك أمنحتب الثالث صارت من أشهر ملكات مصر القديمة.
وكان امنحتب الثالث هو ابن الملك تحتمس الرابع و أمه هي "موت، ام، تويا" كانت من محظيات والده ولم تكن تحمل في شرايينها دماء ملكية، وكذلك محبوبته «تي» التي لم تكن أميرة وكانت ابنة لأحد أعيان مدينة اخميم، وكان من طقوس تولي العرش أن يتزوج بأميرة تحمل دماء ملكية.
ونظرا لأن قلبه تعلق بمحبوبته «تي» فقد لجأ امنحتب الثالث الى كهنة الاله امون الذين قدموا له العون الذي مكَّنهٌ من الزواج من محبوبته عبر اقامة معبد لامون إله طيبة وهو المعروف الان بمعبد الأقصر وبداخل هذا المعبد أقام حجرة للولادة الإلهية، وهنا جاءت رواية الكهنة بأن امنحتب الثالث هو نتاج لمعاشرة امون لأمه « فصار ابن الإله، وتخطى عقبة أن أمًّه محظية لوالده ولم تكن سلسلة العائلة الملكية، وأن عليه الزواج من اميرة تنتمي للعائلة الملكية ولأنه صار ابن الاله فقد صار من حقه الزواج بمن يريد من دون أن يهدد هذا الزواج عرشه الملكي».
وارتبط الملك امنحتب الثالث بمحبوبته «تي» التي شاركته كثيرا من أمور الحكم، وكانت بحبها له وحب الشعب لها سببا في استقرار ورخاء البلاد ابان حكمه، فخلد عقد زواجهما بأن أمر بنقشه على الجعران الذى يطوف حوله المئات في كل يوم داخل معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة في مدينة الأقصر.

رمسيس ونفرتاري:

ولا تنتهي قصص الحب فى مصر القديمة عند قصة حب امنحتب الثالث ومحبوبته «تي» فهناك قصة الحب التي جمعت بين الملك رمسيس الثاني والملكة نفرتاري وهي القصة التي خلدتها آثار معابد أبوسمبل جنوبي أسوان.
وتقول الباحثة المصرية دعاء مهران إن التصميم الرائع لمعبد الملكة حتشبسوت المنحوت في جبل القرنة غرب الأقصر كان نتاجاً لقصة حب غير معلنة من قبل المهندس «سنموت» ابن مدينة أرمنت في جنوب الأقصر، والذي أحب الملكة حتشبسوت فصمم لها معبدها الفريد والمعروف اليوم باسم معبد الدير البحري.
ويقول بعض علماء المصريات إن قلب الملكة حتشبسوت قد مال الى مهندسها سنموت، لكن مسؤوليات الحكم وطقوسه لم تسمح لها بإعلان ذلك الحب.

وأشارت الباحثة المصرية نجلاء عبدالعال الصادق إلى أن معابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة في الأقصر تسجل صورا وتفاصيلا لعلاقة الفراعنة بالحب واحتفائهم بالعشق والعشاق في احتفالات خاصة كانت تقام بشكل دوري ضمن 282 عيدا واحتفالا عرفها المصريون القدماء في كل عام، وتؤكد أن المصري القديم احتفى بمحبوبته وعشيقته وزوجته وكان يعبر عن عواطفه تجاهها في احتفالية يطلق عليها "الوليمة".

وأضافت أن هناك عشرات اللوحات الأثرية التي تسجل احتفاء المصري القديم بمحبوبته وتقديمه الزهور لزوجته ومعشوقته، وكما يهدي المحبون والعشاق الورود والزهور لمن يحبون ويعشقون اليوم فان المصريين القدماء اهتموا بالزهور وقدموها لمن يحبون ويعشقون للتعبير عن عشقهم وحبهم قبل الاف السنين فقد كان للزهور مكانه كبيرة في نفوس المصريين، وكانت زهرة اللوتس هي رمز البلاد، كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته.
ولفتت إلى أن مقابر مدينة الأقصر تزخر بالصور المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة وهو يشق طريقه في قارب وسط المياه المتلألئة بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس، وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردي ونباتات أخرى كما تشكل باقات الورود اليوم.

وقالت الباحثة المصرية الدكتورة خديجة فيصل مهدي إن المصريين القدماء كانوا يتمتعون بعواطف جياشة ومشاعر عاطفية نبيلة، وان الفراعنة اعتمدوا على التصوير في التعبير عما يكنونه من مشاعر بداخلهم قد لا يستطيعون التعبير عنها في نصوصهم.
وأوضحت خديجة أن علماء المصريات كشفوا عن عشرات النصوص التي سجلها الفراعنة على اوراق البردى وقطع الاوستراكا والتي تحتوي على ماكتبوه للتعبير عن لوعتهم وعن حبهم ومشاعرهم تجاه محبوباتهم مثل قول احدهم واصفا معشوقته في إحدى المخطوطات القديمة «انها الفريدة المحبوبة التي لا نظير لها أجمل جميلات العالم، انظر اليها كمثل النجمة المتألقة في العام الجديد على مشارف عام طيب.
تلك التي تتألق والتي تبرق بشرتها بريقا رقيقا ،ولها عينان ذواتا نظرة صافية وشفتان ذواتا نطق رقيق، ولا تخرج من فمها أبدا أي كلمة تافهة.. هي ذات العنق الطويل والصدر المتألق شعرها ذو لون لامع، أن ذراعيها تفوقان تألق الذهب، وأصابعها تشبهان كؤوس زهرة اللوتس.. أنها ذات خصر نحيل وهى التي تشهد ساقها بجمالها. ذات المشية المتسمة بالنبل عندما تضع قدميها على الأرض..