جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 09:29 صـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

قصر الجزيرة (ماريوت حاليا) شيده الخديوي إسماعيل لاستقبال الامبراطورة اوجيني

قصر الجزيرة فندق ماريوت حاليا
قصر الجزيرة فندق ماريوت حاليا

قصر الجزيرة( فندق ماريوت حاليا) يعد واحد من أفخم قصور الأسرة العلوية، أمر الخديوي إسماعيل بتشييده قبل حفل قناة السويس وأستقبال الزوار من ملوك وملكات دول العالم وبخاصة الامبراطورة أوجيني التي أختارها لتكون ضيف شرف حفل افتتاح قناة السويس

معماري ألماني ومهندس إيطالي يشتركا في تصميم القصر

عام 1863م امر الخديوي اسماعيل بتكليف المهندس المعماري الالماني يوليوس فرانز (الذي منح لاحقا لقب بك (بيه) ، ومن خلال التعاون مع المهندس الشهير دي كوريل ديل روسو الذي كان قد صمم قصر عابدين ، قام يوليوس فرانز بتصميم وتشييد قصر الجزيرة الذي يبلغ طوله 174 مترا ، واستغرقت عملية تشييد القصر 5 سنوات حيث تم الانتهاء من تشييده في العام 1868م .

كنيسة البازيليك تحفة معمارية بنيت علي الطراز البيزنطي وأحدي معالم مصر الجديدة

قصر أوربي بطابع إسلامي

امر الخديوي إسماعيل مهندسي بناء القصر ان تكون عمارته مزيج من العمارة الاوروبية بطابع إسلامي وووجه بان يتم تزيينه بعناية على غرار طراز زينة مقر اقامة اوجيني في قصر تويوري ، مع اضفاء طابع اسلامي على النمط المعماري من خلال استخدام تصاميم مصنوعة من الرخام ، بالاضافة إلى نوافذ وشرفات مصنوعة بأسلوب المشربية.

تصميم قصر الجزيرة

وبعد ذلك قام مهندس المناظر الطبيعية الفرنسي بارييه ديشامب بتحويل الجزيرة برمتها إلى متنزه مترامي الاطراف يشتمل في داخله على قصر الجزيرة ، بالاضافة إلى كشك محمد علي ، مشيرا إلى ان جميع الاقواس المعمارية المستخدمة في بناء قصر الجزيرة مصنوعة من الحديد الزهر ، وتم تصنيعها آنذاك في المانيا ثم قام مهندسون المان بتجميعها وتركيبها في موقع البناء

ديكورات قصر الجزيرة

اما الديكورات والحلي الداخلية للقصر فقد امر الخديوي اسماعيل باستيرادها من باريس ، وقد قام مهندس التصاميم الداخلية الألماني الشهير ( كارل ويلهلم فون ديبيتش ) في ورشته ببرلين بتصميم وتجميع الزخارف الداخلية الخاصة بالقصر ، وهي الزخارف التي حرص من خلالها على ان يراعى التناغم والانسجام بين كل العناصر الداخلية بما في ذلك الاثاثات والستائر والسجاد وحتى النقوش على الجدران.

اثاث أوربي للقصر

وبعد ان انتهى ويبتش من اعداد تلك الزخارف والاثاثات ، قام بشحنها في حاويات عملاقة على متن قطار نقلها اولا من برلين إلى مدينة تريستي ثم تم شحنها من هناك على متن سفينة إلى مدينة الاسكندرية حيث تم نقلها إلى القاهرة بالقطار .

750 ألف جنيه تكلفة القصر

وصلت التكلفه الي 750 ألف جنيه ، ووفقا لما قاله علي مبارك الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الاشغال العامة في مصر في عهد الخديوي اسماعيل ، فإن تكاليف تشييد القصر بلغت اكثر من 750 الف جنيه مصري ، وكان ذلك المبلغ ضخما جدا بمعايير ذلك الزمان .

لكن تلك التكلفة لم تشمل تكاليف مهمة هندسة المناظر الطبيعية المحيطة بالقصر ، وهي المهمة التي كانت ضخمة جدا بحد ذاتها اذ انها استدعت تدعيم وتقوية ضفة نهر النيل المقابلة للقصر ، بالاضافة إلى حماية المناطق المحيطة بالقصر من مخاطر حدوث الفيضانات ، كما قام بتمهيد الطريق المؤدي إلى الأهرامات ، وشيد عدة جسور ، من ضمنها جسر قصر النيل ، وجسر أبو العلا ، لتمكين الوفود المشاركة في احتفال افتتاح قناة السويس من التحرك إلى الأهرامات من قصر الجزيرة.

قصر الجزيرة أول بناء في جزيرة الزمالك

يعد قصر الجزيرة البناء الوحيد المشيد في جزيرة الزمالك في ذلك الوقت ، وكانت حديقة القصر تضم أندر النباتات والأشجار ، إضافة إلى ذلك ، فقد احتوت على حديقة حيوانات متميزة لتسلية الضيوف والمدعوين ، التي بدورها أصبحت النواة الأولى لحديقة الحيوان بالجيزة.

عزف موسيقي أوبرا عايدة بداخله

ولدى الانتهاء من تشييد القصر قال فرانز بك ان قصر الجزيرة هو بحق اجمل بناية من نوعها ذات طراز عربي حديث ، عندما عهد إلى الموسيقار العالمي فيردي بتأليف موسيقى ، بمناسبة الاحتفال بافتتاح قناة السويس ، حيث أنجز فيردي تأليف موسيقى « أوبرا عايدة » خصيصا لهذه المناسبة ، وقد عزفت الموسيقى لأول مرة في حديقة قصر الجزيرة.

مكونات القصر

ويضم القصر ، الذي شهد ويشهد احتفالات اجتماعية مذهلة ، لوحات وتماثيل باهظة الثمن ، أنجزها أشهر النحاتين والرسامين الأوروبيين ، واستوحى القصر رسومه من الطراز الشرقي ومن الفن الإسلامي ، وتتناغم التصاميم الداخلية بين أقمشة وأثاث ومشغولات من مدارس فرنسية وألمانية وإيطالية.

ومن أبرز موجودات القصر ، التي أعيد ترميم بعضها ، نافورة من المعدن المشغول ، وسلم من الرخام ، وست ساعات جدارية قديمة ، ولوحات متنوعة ، منها رسم للإمبراطورة أوجيني ، وطاولة من الرخام تعود لعهد الملك لويس الرابع عشر .

كما أسس الخديوي إسماعيل حجرتين للنوم للإمبراطورة أوجينى الأولى ذات طابع فرنسي مثيلة تماماً لحجرتها في قصر التولير بفرنسا وأخرى إسلامية الطابع ( أرابيسك ) ، وكتب عليها أبيات من الشعر ترحيباً بقدومها.

كذلك بهو القصر الفخم و الذي يحتوى علي لوحتين معاصرتين إحداهما هى لوحة العشاء الإسطوري الذي حضره الصفوه وكانت من بينهم الامبراطورة أوجينى أميرة الموضه فى ذلك العصر ، كما به لوحة أخرى للاحتفاليه المقامة في الإسماعيلية لافتتاح قناة السويس .

فخامة القصر

ولإظهار ثروات مصر الزراعية فقد خصص صالون ملكي وقد كانت جميع نقوشاته تصور محاصيل مصر الزراعية في ذلك الوقت ، بالإضافة إلى التماثيل الرخامية النادرة التي تتزين بها حديقة القصر والتي صنعت خصيصا ً في إيطاليا للخديوي إسماعيل هذا الرجل الذي أستثمر جميع أفكاره وثرواته لخدمة مصر ولم يبخل عليها ليظهرها أمام العالم في أجمل صورها وليكون على رأس إبداعاته الفنية ( قصر الجزيرة ) بالزمالك.

بعد بيع القصر تم تقسيم حدائقه إلى اقسام عدة منفصلة من بينها الحديقة الخديوية التي اصبحت نادي الجزيرة الرياضي وهي تشمل مضمار سباق الخيول وملعب البولو ، اما حديقة الاسماك الخديوية الواقعة على الجانب الغربي من القصر فقد تم تحويلها إلى حديقة اسماك ضخمة منفصلة ، وتم افتتاحها رسميا في العام 1902 ، ومازالت قائمة حتى يومنا هذا تحت مسمى حديقة الاسماك.