جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 07:08 مـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

مسجد المؤيد شيخ أحد أهم الآثار المملوكية في القاهرة..تعرف عليه

مسجد المؤيد شيخ، أو كما يُطلق علية المؤرخين "مسجد السلطان السجين،فخر مساجد عصر المماليك الجراكسة، وأحد أهم المساجد الأثرية الشهيرة بالقاهرة ويقع داخل أسوار القاهرة الفاطمية ملاصقا لباب زويلة، ويشرف بواجهته الجنوبية الغربية على شارع تحت الربع.

إنشاء المسجد

أنشأ هذا الجامع العظيم السلطان الملك المؤيد أبو النصر سيف الدين شيخ المحمودى الجركسى بن عبد الله المحمودى الظاهري، رابع سلاطين الجراكسة، وذلك خلال الفترة بين عامي "818 – 824" هجرية، "1415 – 1421" ميلادية، وقد اتصف السلطان المؤيد بالشجاعة والإقدام وحبه لأهل العلم وتبجيله للقضاة، وكان يميل إلى الترك ويقدمهم، وكانت أفعاله فى وجوه البر كثيرة، وكان مغرمًا بالعمارة، فأنشأ منارة بالأزهر، وجدد مسجد المقياس، وكذلك أنشأ عدة مساجد وأسبلة ومكاتب وعمائر أخرى بمصر والشام.

موقع المسجد قبل إنشائه

كان موضع المسجد قبل بنائه عبارة عن سجن شنيع لأرباب الجرائم، يقال له خزانة "سجن" شمائل، علاوة على قيساريتين، إحداهما لسنقر الأشقر، والأخرى لبهاء الدين أرسلان، وكان المؤيد قد سُجن فى هذه الخزانة أيام تغلب الأمير منطاش وإلقاء القبض على المماليك الظاهرية، فقاسى المؤيد فيها من الأهوال ما جعله ينذر إن تيسر له الخروج من هذا السجن، وآل إليه الملك أن يهدمه ويبنى فى موضعه مسجدا لله ومدرسة لأهل العلم، فلما نجاه الله منه وآل إليه ملك مصر، أمر بنقل سكان الأماكن التى تقرر إحلال الجامع محلها إلى جهة أخرى، وبدأ فى الخامس من شهر ربيع الأول سنة 818 هجرية، 1415 ميلادية، فى تشييد المسجد، وانتهى من بنائه بعد خمس سنوات، أي سنة 823 هجرية، 1421 ميلادية.

المتحف القومي للحضارة يعرض تاريخ مصر عبر العصور.. تعرف عليه

مكونات المسجد

يضم المسجد أربع واجهات: الواجهة الشرقية منها هي الواجهة الرئيسية المحتفظة بكاملها، وهي مرتفعة تزينها وزرات رخامية في أعتاب نوافذها وصحنجاتها كما غطى كل شباكين من شبابيكها بقرنص واحد، ويقع المدخل الرئيسي في الطرف الشمالي يصعد إلى بابه من الخشب المصفح بالنحاس المكفت بالذهب والفضة نقلهما المؤيد شيخ من مدرسة السلطان حسن، وما يزال اسم السلطان حسن منقوشًا على هذا الباب الذي يعتبر من أجمل وأدق الأبواب النحاسية في زمانه، وهذا الباب يؤدي إلى دركاة سقفها مرتفع على هيئة مصلبة حجرية وبها تربيعتان من الرخام مكتوب في كل منهما بالخط الكوفي المربع آية الكرسي.

وعلى يمينه ويساره بابان: الأيمن يؤدي إلى طرقة مفروشة بالرخام على يسارها مزيرة عليها حجاب من خشب الخرط عليها تاريخ إصلاحه (1308هـ - 1890)، وتنتهي هذه الطرقة بباب يؤدي إلى مؤخر الرواق الشرقي، والباب الثاني على يسار الدركاة يؤدي إلى قبة شاهقة الارتفاع مبنية بالحجر، وحلي سطحها بزخارف دالية. وبهذه القبة قبران: أحدهما قبر ابنه الصارمي إبراهيم وإخوته المظفر أحمد، وأبو الفتح موسى، والقبر الثاني هو قبر المؤيد شيخ عليه تركيبة رخامية يحيط بها مقصورة من الخشب الخرط مكتوب على بابها اسم يشبك بن مهدي. ولقد كان له أربعة أروقة تحيط بالصحن لكنها تهدمت ولم يبق منها سوى الرواق الشرقي.

يتوسط جدار القبلة محراب مكسوٌ بالرخام الملون يكتنفه عمودان أحمران لهما تيجان عربية مذهبة، والمحراب حافل بمختلف الألوان والزخارف، واتخذ مهندسه من باب زويلة قاعدتين ليقيم مئذنتين للمسجد، وهما مئذنتان رشيقتان، لكل منهما ثلاث دورات حليت بالكتابة والنقوش وتقوم الدورة الثالثة على أعمدة رشيقة ذات خوذة كمثرية الشكل يعلوها هلال نحاسي ويُلاحظ أن المئذنة تحمل نصًا كتابيًا "عمل هذه المئذنة المباركة العبد الفقير إلى الله محمد بن القزاز، وكان الفراغ أول رجب سنة اثنتين وعشرين وثمان مائة"، وكان للجامع مكتبة قيمة ومدرسون عُيِّنوا لتدريس العلوم الدينية وذلك ابتداء من سنة (822هـ)، ولقد مرت بالمسجد حالات من التلف والتخريب لكن أجريت له بعض الأعمال الإصلاحية لاسيما على يد لجنة حفظ الآثار العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر.

النكبة الكبري وبناء المسجد

تعرضت مصر لنكبة اقتصادية كبري أثناء بناء مسجد المؤيد شيخ، ما أثر علي حركة البناء، فلم تُشيد القبة وبيوت الصوفية، وتشير المصادر التاريخية أنه عندما توفى السلطان المؤيد فى التاسع من المحرم سنة 824 هجرية 1421 ميلادية، حُمل من القلعة إلى جامعه، وتم دفنه فى القبة الشرقية قبل العصر، ولم تكن القبة قد شيدت بعد، فشرع فى عمارتها حتى اكتملت فى شهر ذى الحجة من نفس العام.

"الجامع الجامع لمحاسن البنيان الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه، وأن منشئه سيد ملوك الزمان يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى".. هكذا وصف المقريزي عمارة مسجد المؤيد شيخ، بل أن السلطان العثماني "سليم الأول" عندما زاره بعد غزوه لمصر سنة 1517 ميلادية، قال ان هذه عمارة الملوك،