جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 09:34 صـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
كمامات بـ4 ملايين جنيه.. إحالة 3 مسؤولين بمستشفى الشيخ زايد المركزي للمحاكمة تعطل عمليات السحب والإيداع بماكينات البريد خلال ساعات مركز خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة دمنهور يعقد فعاليات اليوم الأول لدورة التحاليل الطبية خبير اقتصادي: مؤشرات البورصة المصرية حققت أداءا جيدا الفترة الحالية تكليف سمير البلكيمى وكيلا لمديرية التموين بالبحيرة مدبولي ..الاسعار ستأخذ مسارا نزوليا بدأ من الاحد القادم التوعية بخطورة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر خلال القافلة التنموية لجامعة دمنهور جامعة دمنهور تطلق مشروع لانتاج نواقل خلوية نانوية الحجم من النباتات العضوية (FarmEVs) جامعة دمنهور تحتفل بيــــــوم التراث العالمي استكمال رصف فرعيات شارع الجمهورية بحوش عيسى بتكلفة إجمالية 4 مليون و 500 ألف جنية وزارة الصحة بالشرقية يتابع الخدمات الطبية بمستشفى الزقازيق العام المخرجة السويسرية «عايدة شلبفر » مديرا للأفلام الروائية بمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي

(مَلائِكَةٌ في سَمَرقَندَ )

( مَلائِكَةٌ في سَمَرقَندَ )

نادى قاضي عاملِ الخليفة على سَمرقندَ على بديلِ قُتيَبةَ بن مُسلمِ البَاهليّ، وقد ماتَ قُتيبةُ رحمَهُ اللهُ، ناداهُ بإسمِهِ هكذا بلا لَقَب. فَجاءَ قائدُ جيشِ المُسلمينَ، فَجَلَسَ ليعلمَ السّبَبَ.

 قالَ القاضي؛

"ما دَعواكَ يا سَمَرقَنديَّ إذ وجهُكَ وَهَّاجاً بالّلهَب"؟ قالَ السَمَرقَنديُّ؛

" لقد إجتاحَنا بجيشِهِ بِجَلَب، ولم يَدعُنا إلى الإسلامِ، ولم يُمهِلنا! بل مِن فورِهِ وَثَب.

 إلتَفَتَ القاضي للقائدِ فقالَ؛

" أنتَ ما تقولُ فيما قالَ خَصمُكَ من أمرٍ عَجَب"؟ قالَ؛

" لقد كانَت أرضُهم خَصبةً فَخَشِي قتيبةُ إن أمهَلَهُم أن يَتَحصّنوا، والحربُ خِدعةٌ والمنطقُ فيها مُحتَجَب، وهذا بلدٌ عظيمٌ ذو رَهَب، وما حَولهُ من بلدانٍ كانوا يقاومونَ بِرَغَب، وما إجَابوا الإسلامَ وما إستَجابوا لجِزيةٍ، بل أسدَلوا جفونَهم والهَدَب". 

قالَ القاضي؛

" هل دَعَوتم أهلَ سَمَرقَندَ للإسلامِ أو الجزيةِ أو للحَرب"؟ قالَ القائدُ؛

" لا، إنَّما باغَتَهُم قُتيبةُ كما أدلَيتُ لكَ بشهادةٍ بيضاءَ بلا أَرَب".

قالَ القاضي؛ "أراكَ قد أقرَرتَ أنَّكَ مُعتدٍ على أهلِ سَمَرقَند، دونَ أعذارٍ ولا مناورةٍ ولا عَنْد، ولئِن أقرَّ المُدعى عليِهِ فلا إطالةَ إذ تحتَ اليدِ البَنْد، وما نَصَرَ اللهُ هذهِ الأمةِ بِعَضلِ الزَنْدِ وقَدحِ الزَنْد ، بل بدينٍ قِيَمٍ وإجتنابِ غَدرٍ، وتَعَالٍ عن العَنْد، وسيَنصُرُ اللهُ هذهِ الأمةِ في سَمَرقَند، كما نَصَرها وفَتَحَ النّعمانُ بن مقرن نهاوَند، بل وسَيُذيبُ الإسلامُ جليدَ الإفرنجةِ و(إسكوتلاند)، وسَيُعيبُ أوثانَ أناسٍ في جُزُرِ (فوكلاند)، وقد قَضَينا نَحنُ قاضي سَمَرقَند بإخراجِ جيوشِ المسلمينَ فوراً من أرضِ سَمَرقَند، من حُكامٍ ومن جُيوشٍ ومن رِجالٍ ونساءٍ وحتّى أطفالٍ في مَهد، وأن تُتركَ الدّكاكينَ والدورَ فوراً بلا شرطٍ ولا تلميحٍ بِوَعْد، وأنْ لا يَبقى أحدٌ في سَمَرقَند، على أنْ ينذرَهُم المسلمونَ مِن بَعْدُ، فيما في الإسلامِ من دستورٍ ومن حَدٍّ.

ما صَدَّقَ الكهنةُ ما شاهدوُهُ وسمعوهُ من قرارِ قاضٍ مُقتَضَبٍ بلا طَنَب، فلا شهودَ ولا أدلَّةَ بل دقائقَ وأنتهى الأمرُ في المحكمةِ وإستَتَب. وَما شَعروا إلا والقَاضي والحَاجبُ وخليفةُ القائدِ قتيبةَ ينصرفونَ أمامَهم هوناً بلا غِلٍّ ولا عَتَب.

وماهيَ إلا هُنيهات، حتّى بَدَتِ الراياتُ تلوحُ في سَمَرقَند خلالَ الغبارِ بِصَخَب، فسَألوا، فقيلَ لَهم إنَّ الحُكمَ قد نُفِذَ والجيشُ قد إنسَحَب، في مَشهدٍ تَقشَعّرُ منهُ جلودُ الذينَ شاهدوُهُ عن كَثَب.

وجاءَ المغيبُ بشَمسِ ذلكَ اليومِ مذهولةً مِن ذا أمرٍ للألبابِ قد سَلَب، وبصَوتِ أنينٍ يُسمَعُ في منازل القومِ على خروجِ جيشِ للأمجادِ قد كَتَب، جيشُ أمّةٍ عادلةٍ رحومٍ خارجٌ من الأزقّةِ في أسمى مُنقَلَب، فما تَمَالَكَ كَهنةُ سَمَرقَند وأهلُهُ أنفسَهُم إذ زمزمَ الدّينِ عندَهم راحلٌ ومُنقَلِب، حتّى خَرجوا أفواجاً صَبَب، وكَبيرُ كهنَتِهِم أمامَهم نحوَ مُعسكرِ الجيشِ العَجَب، وهم يَردِدُونَ شهادةً: 

*(نشهدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّ محمداً رسولُ اللهِ) *.

الخليفةُ كانَ عمرُ بن عبد العزيزِ وهجُ العَرَب، والقاضي قد نَصَبَّهُ عاملُ عمرَ على سَمَرقَندَ هو جُمَيْع بن حاضرِ البَاجي مُنتَخَب، وحاشا لله ما كان ذاكَ جيشاً ، بل كانوا مَلائِكَةٌ نزلَت على سَمَرقَند.

(كُتِبَ النصُّ ببغداد وبتصرفٍ مع الحفاظِ على متنهِ التاريخي)- علي الجنابي