جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 05:23 صـ 18 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

صبري الموجي يكتب : وعند الله تجتمع الخصوم !

كلما كنتَ نقيا أحبك الأطفالُ والحيوانات والطيور والشجر وقليلٌ من البشر .. عبارة خلدها التاريخ لديستويفسكي فيلسوف روسيا العظيم، وعبقرية العبارة تنبع من مدلولها علي حالة التشظي والانشقاق بين البشر علي عكس ما كانت عليه حال السلف ممن آمنوا بثوابت شرعية سواء قرآنا وسنة، حضت علي التلاحم والوحدة، وحاربت الشقاق والفرقة، فقال ربنا في مُحكم التنزيل : ( إنما المؤمنون إخوة)، ومُقتضي الأخوة توافرُ حبِ الخير للغير، وفرحُ المرء لأخيه، وتألمه لألمه، بحيث يصير الشخصان كيانا واحدا كما أخبر الحديث : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضوٌ تداعت له سائرُ الأعضاء بالحمي والسهر).

كما أقرت السنة بما لا يدع مجالا للمزايدة والتقول، أن كمال الإيمان مشروطٌ بحب الخير للغير، ففي الصحيح : ( لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحبُ لنفسه).

بعد فترة توقف عن الكتابة لمعاناتي من نزلة برد شديدة، أدعو الله ألا تكون أكثر من ذلك، عدتُ من جديد بعدما استوقفتني عبارة ديستويفسكي السالفة، والتي شخصت علة مجتمعاتنا، ووقفتْ علي مكمن الداء، وهو كرهُ الخير للغير، ومرجعه للحسد، الذي هو نارٌ تضطرم في قلب صاحبه، وبدلا من أن تدفعه الغيرة للمنافسة والتجويد، تجعله ينظر لنجاح الآخرين بعين النقمة؛ بحثا عن أي سببٍ لتشويهه والحط منه، وهذا حال بعضنا ممن أكل الحقدُ قلوبهم، وفتشوا في عيوب الآخرين، وعظموا هناتهم، ولو فتشوا في عيوب أنفسهم لعلموا أنهم أساتذةُ إبليس.

من الصور المزعجة التي كثرت مؤخرا، أن يُفرطَ القدوة أيا كان : داعية، مدرسا، طبيبا، أبا، .... إلخ) في مهامه، ويتخلي عن دوره، فينزلق في غيابات الكذب، ويركن للمداراة والتورية، ويُؤتي سفسطة تحطُ من شأنه أكثر مما ترفع.

قابلتُ مؤخرا هذه النماذج فعكرتْ مزاجي، وعزفتُ بسبب التفكير فيها عن الكتابة ومجالسة الآخرين؛ مخافة أن يتكرر هذا النموذج المشوه الكريه الذي يُراق علي عتبات مجلسه دمُ الفضيلة والصدق، بعدما أصابه سعارٌ فانبري يأكل الدنيا بالدين، ويمشي بين الناس بالوقيعة وينفخ في نار الفتنة لتزداد اشتعالا.

أقول لهذا الشخص ومن علي شاكلته : أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك وابك علي خطيئتك، وإذا لم تستحي فاصنع ما شئت.. وصدق أبو العتاهية :

إلي ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم !