جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 09:31 مـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

48 عاما على ذكرى العزة والكرامة.. حرب أكتوبر معركة غيرت خريطة المنطقة وفضحت أكاذيب وادعاءات الجيش الذي لا يقهر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تحل الذكرى الـ 48 على نصر أكتوبر العظيم، إلا أن هذه المرة ستمر دون وجود المشير محمد حسين طنطاوي أحد أبرز القادة في حرب أكتوبر، والذي سطر ورجاله صفحات ناصعة في التاريخ الحربي والعسكري، حيث كان طنطاوي قائد الكتيبة 16 مشاة، والتي خاضت معارك ضارية وكانت من طلائع الكتائب التي عبرت القناة لتنفيذ عمليات مضادة سريعة وفورية لتسهيل عمليات عبور القناة، والتصدي للدبابات والآليات الإسرائيلية، مما يساهم في تقليل خسائر عبور القناة.

حرب أكتوبر التي غيرت مفاهيم العسكرية والحروب على الصعيد العربي والعالمي، وغيرت خريطة المنطقة بأثرها، وفضحت الأكاذيب التي روجتها إسرائيل عن الجيش الذي لا يقهر وخط بارليف الذي وصفته بـ «العظيم»، خلدت قصصا وروايات فريدة عن بطولات عسكرية غيرت معادلة القوة العسكرية خلال الحرب، كانت أحد رجالها المشير طنطاوي الذي تصدى لأخطر هجمات إسرائيل العسكرية يوم 16 أكتوبر، وحول الثغرة التي كانت تسعى القوات الإسرائيلية لتنفيذها إلى ما يشبه الـ «محرقة» ليعود قادتها خائبين يحملون الجثث والمصابين ويشعرون بمدى قوة وشراسة المقاتل المصري.

الكتيبة 16 مشاة ومعركة المزرعة الصينية

كانت الكتيبة 16 مشاة من أوائل الكتائب التي عبرت قناة السويس بهدف اقتناص الدبابات مع عبور القوات الرئيسية، خاضت الكتيبة معارك ضارية على جميع الجبهات بالتزامن مع عبور القوات وتوغلها داخل الأرض المحتلة بعد انهيار "خط بارليف" الفزاعة الإسرائيلية الكبرى، تلك الكتيبة سطرت بطولات وإنجازات خلال المعركة روتها قادة إسرائيل قبل أن يرويها قادة الجيش المصري، وبالتزامن مع ذكرى حرب أكتوبر ورحيل المشير محمد حسين طنطاوي قائد هذه الكتيبة خلال الحرب، نستعرض معكم معركة «المزرعة الصينية».

تلك المعركة التي سطرتها قيادات إسرائيلية ضمن بطولات مصرية عدة في كتاب "عيد الغفران"، حيث قال قائد هذه القوات الإسرائيلية: على بعد بضعة كيلومترات من القناة كانت ما تزال المعركة قائمة حول المزرعة الصينية (موقع من المواقع الموجودة شرق الإسماعيلية) وعندما حل يوم 16 أكتوبر كانت المعركة ما زالت مستمرة، تعثرت القوة الإسرائيلية التي بدأت منذ 48 ساعة تهاجم الموقع، ومنيت بخسائر فادحة، وعندها تقرر اللجوء لوحدات المُشاة والمظليين للقضاء على التحصينات المضادة للدبابات (يقصدون التحصينات المصرية).

وتابع القائد الإسرائيلي: وضعوا أمامنا خريطة مقياس 1 إلى 100 ألف، وقالوا لنا إن هناك وحدة بجوار الشاطئ، وإن التحصينات التي يملكها العدو المضادة للدبابات تحول بيننا وبين تعزيز قواتنا لمهمتها، مهمتكم إذن هي تطهير هذه التحصينات بأسرع ما يمكن، وعندئذ تقدمت ليلا مع وحدات المظلات حتى بضع مئات من الأمتار صوب الهدف، غير أن وابلا من الرصاص كان في استقبالنا، وقال أحد ضباطنا: إن هذا أمر جديد؛ كيف يُمكن أن يكون بين طابورين إسرائيليين وحدة مصرية؟

وبحسب الكتاب أضاف قائد القوات الإسرائيلية: لسوء الطالع؛ اصطدم المظليون بمواقع مصرية محصنة مسلحة بـ 10 مواقع للرشاشات، وحدتي دبابات، وفصائل مشاة مزودة بالصواريخ المضادة للدبابات، وعلى مقربة من هذا الموقع كان هناك موقعا آخر، ثم ثالث، ثم رابع، واحتدمت المعركة طوال ساعات الليل، ولم تتمكن عناصر المظليين من الهجوم أو الانسحاب، واستمرت عملية إخلاء الجرحى طوال الليل، كما أن فرق الإغاثة تعرضت بدورها لخسائر فادحة، وعند الفجر كان لابد من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قوات المظليين؛ بإرسال قوة مدرعة لإخلاء من تبقى على قيد الحياة.

«طنطاوي» يروي تفاصيل المعركة

أما عن المعركة من الجانب المصري، قال العميد أركان حرب محمد حسين طنطاوي، قائد الكتيبة 16 مشاة بحرب أكتوبر آنذاك: يوم 16 أكتوبر كنت وصلت إلى نحو 48 ساعة دون نوم، وفي الساعة الواحدة شعرت بالهدوء فأخبرت قواتي أنني سأنام قليلا، وفي الساعة الواحدة والنصف؛ فوجئت بمن يوقظني، ويخبرني أنهم يسمعون أزيز لطائرات هليكوبتر، فطلبت منهم تزويد المراقبة وإبلاغ القيادة، ثم أكملت نومي، وبعد ساعة أيقظوني مرة ثانية وأخبروني أنهم يرون من خلال أجهزة الرؤية الليلية؛ قوات إسرائيلية تحاول عبور حقول الألغام الموجودة في المواجهة.

وتابع طنطاوي: استيقظت فورا ونظرت في جهاز الرؤية بمركز القيادة، وأيقنت أنهم عناصر كبيرة من المشاة تحاول عبور ثغرة باتجاه الكتيبة، فأعطيت أوامر لقادة الوحدات الفرعية بأن تتجه كل أسلحة الكتيبة والمدفعية والهاون وجميع الرشاشات، حتى الأسلحة المضادة للطائرات؛ باتجاه الثغرة، وأخبرتهم بألا يطلق أحد طلقة واحدة إلا بإشارة مني شخصيا.

واستطرد: بعد اقتراب العدو أعطيت الإشارة وفتحت جميع أسلحة الكتيبة باتجاه القوات المظلية للعدو، وهو ما ذكروا بشأنه في كتابهم أنهم لم يستطيعوا الانسحاب أو الهجوم، واستمرت المعركة قرابة ساعتين ونصف الساعة، ولحسن حظهم أن الضباب خفف تركيز النيران عليهم في ساعات الصباح، مما أمكنهم من سحب خسائرهم وبعض من تبقى على قيد الحياة، وبالطبع كان كل همي في هذه الليلة ألا يعود أي فرد من الأفراد الذين أتوا نحو الموقع.

حرب أكتوبر المجيدة

تعد حرب أكتوبر رابع مواجهة عسكرية بين الدول العربية وإسرائيل، والتي جاءت بعد فترة طويلة من التخطيط بين البلاد العربية، وبتنسيق بين مصر وسوريا، وضغط مصري على الاتحاد السوفيتي لتعويض الأسلحة والمعدات التي فقدت في حرب ١٩٦٧، وبالرغم من عدم تكافؤ الآليات والمعدات والعتاد العسكري، إلا أن مصر استطاعت تحقيق نصرا وصف بأنه "معجزة عسكرية"، غيرت مفاهيم التخطيط الحربي والاستراتيجيات العسكرية، ونجحت القوات المصرية في اقتحام قناة السويس، وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقي للقناة.

هذه الحرب التي خلدت القادة العسكريين المصريين في الدوائر العالمية، وكان من هذه النماذج المجموعة "٣٩ قتال" والتي أصابت الجانب الإسرائيلي بالرعب والحيرة حيث قامت بتنفيذ عمليات خلف خطوط العدو، ولم تتمكن القوات الإسرائيلية من العثور على أثر لهم، أبطال تلك المجموعة التي أنشئت عقب نكسة يونيو 67 بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي، وتألفت من مزيج من قوات الصاعقة البرية والبحرية، كانت تفزع قادة الجيش الإسرائيلي وسببت لهم الكثير من الخسائر الفادحة على طول خطوط المواجهة بين الجيش المصري وإسرائيل.

نقلا عن العدد الورقي....