جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 05:41 صـ 18 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أبهر العالم بدهائه وذكائه.. خدع إستراتيجية وسياسية استخدمها السادات لتحقيق نصر أكتوبر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تحتاج الحرب دائما لرجال وتكاتف الدولة وشعبها مع وضع خُدعة بغرض هزيمة العدو مع تكتيك إستراتيجي مشفر لا يستطيع العدو فكه، وعقول الجيش المصرى مع قائدها العظيم السادات من أقوى الشفرات التى يصعب فكها، فقد خططوا لخدع إستراتيجية لم ينجح الجيش الإسرائيلى فى فكها، ونجحوا فى تحقيق نصر أكتوبر وتحرير أرض سيناء المباركة.

كان الرئيس السادات يحرص دائما على وضع خطة خداع إستراتيجى تسمح لمصر التفوق على التقدم التكنولوجى والتسليحى الإسرائيلى عن طريق إخفاء اى علامات للإستعداد للحرب وحتى لا يسمح لإسرائيل بضربة إجهاضية للقوات المصرية، وتم ذلك من خطة القيادات السياسية ممثلة فى السادات وأجهزة المخابرات، فقد نجحوا فى وضع مجموعة من الخطوات التى تهدف لتضليل العدو وتشتيت أفكاره بأن أصحاب الحرب لا يفكرون فيه فى تلك الفترة ويرفعون شعار اللاحرب واللاسلم.

فقد تمثلت خدع السادات الإستراتيجية فى إطلاق العديد من الرسائل عن احتمالات شن حرب، مما دفع إسرائيل للإستعداد لتلك الحرب، ثم عقبها أنباء عن تأجيل الحرب مما أربك العدو، وساهمت تلك الخطة بشكل كبير فى تحقيق النصر  وهزم العدو الإسرائيلى، خاصة أن السادات دائما ينتهج سير مقولة أن "الحرب خدعة".

كما تمثلت خطة السادات لهزيمة العدو الإسرائيلي 6 طرق مختلفة إستطاع من خلالها تشتيت العدو وهزيمته، حيث تم تقسيم محاور خطة الخداع الإستراتيجى الخاصة بحرب أكتوبر بحيث تشمل الجانب الإعلامي والإقتصادى والسياسى أيضا، فقد كانت من بين تلك الطرق مطالبة الرئيس السادات القوات المسلحة بتسريب معلومات للمخابرات الإسرائيلية بأن مصر تنوى إجراء مناورات شاملة وليس حرب ستبدأ من 1 إلى 7 أكتوبر، وأن المصريين الذين ينوون القيام بمناسك الحج سيتاح لهم ذلك، وأن الضباط الراغبين فى الحج سيبدأ تسجيل أسمائهم فى 9 أكتوبر 1973، مما جعل إسرائيل تستبعد اى هجوم من الجيش المصرى على قواتها.

خدعتي سوء وضع مصر الاقتصادي وتفشى وباء بالمستشفيات

سرت المخابرات المصرية معلومات بأن أمطار الشتاء قد غمرت صوامع القمح وأفسدت ما بها، وتحول الأمر لفضيحة إعلامية استوردت مصر على أثرها الكميات المطلوبة، كما تم تسريح ضابط طبيب من الخدمة وتعيينه بمستشفى الدمرداش ليعلن عن اكتشافه تلوث المستشفى بميكروب ووجوب إخلائها من المرضى لإجراء عمليات التطهير، ونشرت الأهرام الخبر معربة عن مخاوفها من أن يكون التلوث وصل لمستشفيات أخرى فصدر قرار بإجراء تفتيش على باقى المستشفيات وأخليت جميع المستشفيات.

إعتماد نجاح خطة الخداع الإستراتيجى التى تم اتباعها فى الحرب على عنصر فى غاية الأهمية، وهو أن جزءا من خداع العدو يكمن فى خداع الجيش المصرى نفسه وتضليله بمعنى إخفاء ساعة الصفر والتعامل معها فى غاية السرية، وعدم إعلانها إلا قبل الحرب بوقت قليل وإلغاء أية أعمال للتخطيط والإستطلاع التى تسبق الحرب حتى لا يتم الكشف للجيش الإسرائيلى عن نوايا مصر لاتخاذ قرار الحرب قريبا.

كما كان من ضمن خطة الخداع الإستراتيجى إستيراد مصادر بديلة الإضاءة أثناء تقييد الإضاءة خلال الغارات عن طريق تنسيق أحد المندوبين مع مهرب قطع غيار سيارات لتهريب صفقة كبيرة من المصابيح مختلفة الأحجام، وبمجرد وصول الشحنة كان رجال حرس الحدود فى الانتظار، واستولوا عليها كاملة وتم عرضها بالمجمعات الاستهلاكية من أجل تضليل الإنتباه.

استخدام اللهجة النوبية فى إبلاغ التعليمات والأوامر

ويتتبع المسار الزمنى لخطط الخداع استخدام اللهجة النوبية فى إبلاغ التعليمات والأوامر للضباط فى مواقع العمليات، حيث أن اللهجة النوبية غير مألوفة ولم تكن موجودة فى أى قاموس مما أثار جنون الجنود الإسرائيليون، حيث تمكنوا من التصنت على الجيش ولكنهم فشلوا فى ترجمة تلك اللهجة.

وفى صباح يوم الحرب نفسه 6 أكتوبر شوهد الجنود الإسرائيليين الجنود المصريين فى حالة استرخاء وخمول، وقبل ذلك بيوم اجتمع وزير الخارجية الأمريكي هنرى كيسنجر مع نظيره المصري ليتبادلا الحديث حول مبادرة السلام، التى كان من المقرر أن تجرى فى نهاية الشهر نفسه.

كما كان للصحافة المصرية دوراً كبيراً فى هزيمة العدو الإسرائيلي حيث أصدر السادات تعليماته للصحافة بنشر أخبار سلبية عن موارد البلاد وتفشى الأمراض وأنها فى حالة سيئة لا تستطيع خوض أى معارك، وليس أمهامها خيار سوى القبول بحالة السلم.

نقلا عن العدد الورقي....